بعبارة أخرى: (المُشير) .. أبو غزالة!!

علي رياح 2020/09/14 07:20:26 م

بعبارة أخرى:  (المُشير) .. أبو غزالة!!

 علي رياح

كلا طبعاً! فأنا لا أعني هنا المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع المصري الأسبق والعقلية العسكرية الفذة ، إنما قلتها يوم كان ناظم شاكر يعيش واحداً من أسوأ أيامه في كرة القدم ، في التدريب على وجه الخصوص!

المشهد : كافتيريا ستار باكس عند زاوية بعيدة عن الأنظار في السيتي سنتر على ضفاف الخليج قرب شيراتون الدوحة .. ناظم شاكر يجلس وحيداً وهو يجترّ آلامه ، ويعيد حساباته ، ويراجع ما أخفق فيه خلال نهائيات كاس آسيا عام 2011 ، تلك النهائيات التي خاضها ناظم مدرباً مساعدا لفولفغانغ سيدكا ، وقد كان في حقيقة الأمر يرفض كلمة المساعد لأنه كان قد سبق سيدكا في إعداد المنتخب قبل التعاقد مع المدرب الألماني! 

في تلك الليلة كان قرار اتحاد الكرة برئاسة حسين سعيد قد صدر تفاديا لأية أزمة أو تداعيات لاحقة للخسارة أمام ايران في أول مباراة لنا في البطولة .. القرار نصَّ على إنهاء مهمة ناظم شاكر وتكريس سيدكا مدرباً وحيداً حاكماً بأمره من دون ما أسماه تدخلات لا موجب لها من المساعد! 

سحبت كرسياً ، وجلست قبالة ناظم شاكر وكان عليّ أن أهون الأمر عليه .. فمن يقبل التدريب مهنة لابدّ أن يرتضي مصيراً يقف على كف عفريت ، أو كما قال مدرب إنكلترا الراحل رون غرينوود (من يمتهن التدريب ، يجب أن يقبل أسوأ الاحتمالات .. هذه الاحتمال ليس سوى رهن مصيره باثنين وعشرين قدماً) .. يعني لاعبي فريقه! 

كان ناظم شاكر غاضباً ساخطاً ، وكنت أخشى عليه من ردة الفعل ، لمعرفتي بأنه أكثر الاشخاص الذين عرفتهم في حياتي عفوية ، أي أن ما في قلبه على لسانه .. وكان رأيي أن الأيام دول ، وأن الفرصة التي تضيع اليوم قد تتوفر مستقبلاً ، وذكـّرته بأنه درّب فرقاً عراقية وعربية شتى ، وكان له في كل موسم فريق ، فلمَ كل هذا الغضب ، ولم لا يترك للمدرب سيدكا فرصة كاملة لأن يقود منتخبنا في المواجهتين اللاحقتين أمام الإمارات وكوريا الشمالية! 

كان الصمت جواب ناظم شاكر ، وهكذا افترقنا وبقي هو يحتسي القهوة وهمومه ، بينما ذهبت أنا إلى شأني ، حتى كان الصباح حين رأيت أوساط الوفد العراقي تتقلب على نار السخط .. فقد أحدثت تصريحات ناظم شاكر لصحيفة (الوطن) قبل أن يغادر الدوحة دوياً عجيباً .. كانت المانشيتات نارية ومستفزة ولا تدلل أبداً على هدوء في معالجة أزمة ، حتى أن ناظم قال : (نصف لاعبي العراق انتهت صلاحيتهم) .. (لم استفد من سيدكا لأن فاقد الشيء لا يعطيه) .. (رئيس الاتحاد يتدخل في الأمور الفنية، ولكن) .. (أجبروني على الرحيل ولم استقل) .. وفي التفاصيل كان (أبو غزالة) كمن يحمل مدفعه الرشاش ويطلق الرصاص العشوائي في كل الاتجاهات! 

واضح أن الصحافة قد اصطادته في عين المكان الذي كنا نجلس فيه بعد مغادرتي .. في كثير من التفاصيل التي تطرق إليها ناظم شاكر كان الرجل على حق ، ولكن التوقيت لم يكن صحيحا أبدا .. فطويت الصحيفة واتصلت بناظم لكي أقول له : أنت اليوم المُشير أبو غزالة .. كان عليك يا صديقي أن تتحلى بالهدوء وسط هذا الصخب الذي يدور حول المنتخب وهو ما زال يملك أملا بالاستمرار في البطولة! 

قلب سيدكا ومنتخبنا المعطيات بعد ذلك ، فكان الفوز على الإمارات ثم على كوريا الشمالية ، وانتقلنا برفقة إيران إلى الدور ربع النهائي حيث خسرنا أمام أستراليا وغادرنا البطولة .. إنطوت صفحة مشاركتنا ، لكن يوم الرحيل عن مقر إقامة منتخب العراق ظل صعبا على ناظم .. كان يتذكره دوما ويستعيد معه الحوار الناري .. لم يكن الافتراق يحمل كل هذا الوجع لنا حتى كان يوم الفراق الأبدي عنا .. رحيل عن رحيل يفرق يا صديقي!!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top