العنف.. وباء صامت آخر ينافس كورونا!

العنف.. وباء صامت آخر ينافس كورونا!

 ترجمة: عدوية الهلالي

تركز مسيرة الوباء الذي نعيش فيه اهتمامنا على مسائل الصحة أو الاقتصاد، لكن الأخبار تذكرنا باستمرار الى أي حد يظل العنف مشكلة اجتماعية رئيسة، فقد توفي عدد كبير جدا من النساء والأطفال مؤخرا بسبب العنف الجنسي او الأسري..

لقد عانى كبار السن من سوء المعاملة أو الاهمال في أسرهم أو في المؤسسات التي تأويهم، كما شهدنا العديد من الشكاوى المتسلسة عن الاعتداء الجنسي والعنف العنصري وجرائم الكراهية والتي توضح حجم المشكلة وأهمية الموقف، ونعلم ان العديد من الضحايا يعانون في صمت، إما بسبب ضعفهم لأن الكشف عن وضعهم صعب او مستحيل، أو ان محاولاتهم للابلاغ لاتؤخذ في الاعتبار، لكن هنالك ماهو أسوأ، اذ يفضل العديد من الضحايا اخفاء العنف الذي يتعرضون له لأنهم يخشون ألا يؤدي تقديم المعتدي الى العدالة الى تغيير معاناتهم كثيرا او حتى الى تفاقم وضعهم..

ولسوء الحظ، فان ادانة الشخص المعتدي لاتزال، بالنسبة للعديد من الضحايا، مجازفة عبر تعريض نفسه للمجتمع، والعيش مع الشعور بالذنب ووصمة العار، والخشية من ان ينقلب ذلك عليهم وعلى احبائهم من خلال الاعمال الانتقامية، أو حتى عبر تغطية اعلامية قد تخرج عن حدود سيطرتهم.. ردًا على ذلك، وفي مواجهة انعدام الأمن هذا، يتبنى الضحايا ستراتيجيات حماية امام العواقب الوخيمة، هذا العنف يثير في الضحايا اليأس والعار والانسحاب على النفس والإذلال والاستسلام.

والأطفال والشهود والمعرضون لهذه الأشكال المختلفة من العنف المنزلي والعائلي هم ضحايا دائما..

وتظهر الاحصائيات العالمية ان 19% فقط من ضحايا العنف الأسري و5-10% فقط من ضحايا الاعتداء الجنسي يبلغون السلطات عن مهاجميهم، على الرغم من وجود العديد من المهنيين من منظمات ومؤسسات الممارسة المجتمعية والمؤسسية الذين يكافحون يوميا لتحسين الخدمات المتاحة، ولديهم جميعا نفس الهدف، فهم العنف بشكل أفضل، وابتكار أفضل الطرق لمنعه أو مكافحته، من خلال تحسين الممارسات او السياسات العامة، من أجل السعي لتحقيق عدالة اجتماعية أفضل وعلاقات اجتماعية أكثر مساواة..

إن العنف الزوجي والعائلي، المعترف به اليوم على أنه كارثة اجتماعية حقيقية، له آثار كبيرة على جميع أفراد الأسرة، سواء بالنسبة للضحية أو لمن شاهده، وخاصة بالنسبة للأطفال، اذ لا يقتصر الأمر على الاعتداءات الجسدية، بقدر ما هي مميتة، بل هنالك أيضًا عنف نفسي ولفظي وتهديدات وترهيب وعنف اقتصادي بالإضافة إلى العنف الجنسي. علاوة على ذلك، يمكن أن تظهر هذه الأشكال المختلفة من العنف تدريجيًا وتشتد بمرور الوقت.

ففي كل مرة تحدث جريمة قتل، نشعر بالدهشة لأنه لم يتمكن أحد من اكتشاف اي شيء يثير القلق حتى فوات الأوان، وفي كل مرة تظهر فيها حالة عنف منزلي او اعتداء جنسي، يتفاجأ الجميع بأن الضحية "لم تقل أي شيء من قبل"، خاصة وان العنف تزايد بشكل ملحوظ في اوقات الجائحة داخل العائلات، كما ان هذه الأزمة الصحية، تعيق امكانيات المساعدة المتاحة عادة للضحايا، من خلال عزلهم أكثر أو عن طريق زيادة خطورة وضعهم، لذا من الضروري ان ندرك مدى العنف الذي يحيط بنا في هذا الوقت من الوباء لاتخاذ موقف ضده، ومن الضروري أيضا البحث عن حلول متجددة باستمرار وتقديمها..

جنفييف لاسار 

أستاذة في كلية الخدمة الاجتماعية وعلم الجريمة

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top