التشكيلة الاجتماعية العراقية وفعالية أحزابها الوطنية

آراء وأفكار 2020/11/24 06:56:34 م

التشكيلة الاجتماعية العراقية وفعالية أحزابها الوطنية

 لطفي حاتم

تمر الدولة العراقية وتشكيلتها الاجتماعية بمرحلة من عدم الاستقرار الاجتماعي – السياسي بسبب التركة الثقيلة للنظام الديكتاتوري المنهار واستلام الطبقات الفرعية لسلطة البلاد السياسية وما نتج عن ذلك من تراجع أنشطة الدولة العراقية وضعف هيمنتها السياسية على فاعلية منظومتها السياسية.

استناداً الى ذلك أحاول تحديد العوامل المؤثرة على تشكيلة العراق الاجتماعية وأحزابها الوطنية – الديمقراطية وتأشير برامجها الوطنية الرامية الى معافاة الدولة الوطنية وتشكيلتها الطبقية والحد من هيمنة الطائفية السياسية على مسار تطورها الوطني اللاحق.

انطلاقاً من الرؤى السياسية المثارة أحاول تحليلها بملفات مترابطة الأول منهما يتمثل بسمات التشكيلة العراقية بعد الاحتلال الأميركي للعراق. وثانيهما فعالية الأحزاب السياسية في إعادة بناء الدولة الوطنية. وآخرهما مضامين التحالفات السياسية القادرة على مناهضة نهوج التبعية والتهميش. 

اعتماداً على تلك العدة المنهجية أتناول المحور الأول المتمثل ب-

أولا – الاحتلال الأميركي وسمات التشكيلة الاجتماعية.

أدت التغيرات الاجتماعية في العهد الاستبدادي المنهار الى ظهور الفئات البيروقراطية – الطفيلية التي جمعت بين مساندة النهج الديكتاتوري لنظام الحكم وبين حيازتها ملكية الدولة الاقتصادية.

- بسبب قرابة المالكين لثروة البلاد الأساسية من أزلام السلطة نمت وتطورت الشرائح البيروقراطية والطفلية في قطاعات الدولة الاقتصادية. 

-- ساعدت العقوبات الاقتصادية الدولية على العراق على تنامي الفئات الطفلية -البيروقراطية الحائزة على الثروة الوطنية وسلطة البلاد السياسية. 

-- تنامي الفئات البيروقراطية - الطفيلية في البلاد تطور بعد سقوط الديكتاتورية حيث ظهرت الطائفية السياسية بديلا سياسياً عن نهج الديكتاتورية المنهارة اعتماداً على الوقائع التالية --

أ - تفكك قطاع الدولة الاقتصادي وبيع أغلب وحداته الإنتاجية للقوى الطبقية الجديدة؟

ب –الفساد والتلاعب بالثروة البترولية أصبح مصدراً لنمو القوى الطفيلية الجديدة وما نتج عن ذلك من تخريب مصانع قطاع الدولة الاقتصادي وتعطيل قدراته الإنتاجية. 

ج- انتعاش قطاع الاستهلاك بسبب ازدهار بضائع المزارات المقدسة ومتطلبات المناسبات الدينية. 

د – ترابط القوى التجارية الطائفية مع الجوار الطائفي الإقليمي أفضى الى ازدهار التجارة الخارجية وتعثر تصدير المنتجات الوطنية.

ه – سيادة الطائفية السياسية على السلطة الوطنية وتزايد تأثيراتها على تشكيلة البلاد الاجتماعية.

إن المؤشرات السالفة الذكر أثرت بشكل كبير على فعالية الطبقات الاجتماعية وضعف دور أحزابها السياسية في تنمية وتطوير كفاحها الوطني - الديمقراطي. 

ثانياً -- فعالية الأحزاب السياسية في إعادة بناء الدولة الوطنية. 

- التغيرات الجارية على تشكيلة العراق الاجتماعية وقواها الطبقية أثرت على نهوج الأحزاب السياسية وانحسار قاعدتها الاجتماعية. 

- انطلاقاً من ذلك يمكن تحديد السلبيات التي أفرزتها السلطة الطائفية وتأثيراتها على أحزاب تشكيلة العراق الاجتماعية بالموضوعات التالية—

1 –برامج أيديولوجية 

- اعتماد أغلب الأحزاب السياسية على مناهج أيديولوجية بعيدة عن المصالح الطبقية الملموسة لتشكيلة العراق الاجتماعية. 

2– التداخلات الطبقية

-- بسبب تداخل مصالح طبقات اجتماعية متقاربة تعثرت الأحزاب السياسية عن تمثيل مصالح طبقاتها الاجتماعية بوضوح كامل. 

3– التخريب السلطوي 

هيمنة الطبقات الفرعية وسيادة البرجوازية التجارية – المالية الربوية على مفاصل سلطة البلاد السياسية وتهميش الطبقات الاجتماعية الناشطة في إدارة الاقتصاد الوطني. 

4 -- احتكار الوظيفة الاقتصادية 

– سيادة الطبقات الفرعية على سلطة البلاد السياسية واحتكارها فعالية البلاد الاقتصادية.

5– بناء اقتصادات وطنية مشوه.

اعتماد الطبقات الفرعية على تصدير الثروة الوطنية واستيراد منتجات الدول الأخرى وما انتجه ذلك من استمرار تهميش الطبقات الاجتماعية العاملة ودورها في تطوير الإنتاج الوطني.

6 - اعتماد الفصائل الشعبية المسلحة.

- ارتكاز الطبقات الفرعية على فصائل مسلحة لصيانة مصالحها الطبقية عند اشتداد النزاعات الاجتماعية والتصدي للمطالبات الشعبية. 

7 - سيادة النزعة الطائفية السياسية. 

هيمنة الطائفية في الحياة السياسية واتساع تحالفاتها مع الجوار الإقليمي وما أنتجه ذلك من ضياع السيادة الوطنية وارتهان البلاد للصراعات الإقليمية – الدولية. 

8 – الطائفية السياسية والإرهاب السياسي. 

– اشتداد الإرهاب السياسي الممنهج ضد القوى الوطنية الراغبة في تطور بلادها بعيداً عن الترابطات الإقليمية الطائفية أو النزاعات الدولية.

9 – التدخلات الدولية وانحسار السيادة الوطنية. 

لجوء الطائفية السياسية وقواها المسلحة الى قمع الحركات الوطنية المطالبة بالعمل والسلام الاجتماعي وما ينتجه من تدخلات دولية وانحسار سيادة البلاد الوطنية.

إن اللوحة السياسية القاتمة التي جرى تبيانها تدعو القوى الوطنية- الديمقراطية على التعاون لإنقاذ البلاد من التخريب الطائفي وميول الرأسمالية المعولمة الهادفة الى تهميش الدولة الوطنية. 

- اعتماداً على ذلك تشكل حماية الدولة الوطنية من الطائفية السياسية والتهميش الرأسمالي حلقة مركزية في برامج الكفاح الوطني - الديمقراطي الأمر الذي يشترط إعادة بناء هيمنتها -الدولة -الوطنية استناداً الى – 

أولاً- إقامة تحالفات وطنية تعمل على تعزيز سيادة الدولة المركزية وما يعنيه ذلك من تحجيم دور الطائفية السياسية في إدارة حياة البلاد السياسية. 

ثانياً – تكثيف التعاون السياسي بين القوى الوطنية الديمقراطية بهدف صياغة برنامج وطني مشترك يعالج القضايا الوطنية الواقعية.

ثالثاً – اعتبار الشرعية الديمقراطية الانتخابية أسلوباً وحيداً لاستلام السلطة السياسية والحد من النزعات الانقلابية. 

رابعاً - التركيز على الوطنية العراقية في صياغة البرامج الانتخابية باعتبارها الأداة السياسية الفاعلة في وحدة البلاد الاجتماعية. 

خامساً – عدم اعتماد الطائفية السياسية في الانتخابات التشريعية والتركيز على البرامج الاقتصادية – الاجتماعية. 

سادساً – تطوير الدورة الإنتاجية وبناء توازنات بنيتها الطبقية الهادفة لخدمة مصالح تشكيلة العراق الوطنية. 

سابعاً- التركيز على تلبية المصالح الطبقية للطبقات الاجتماعية الفاعلة في الدورة الإنتاجية. 

ثامناً– إقامة علاقات دولية ترتكز على احترام سيادة البلاد الوطنية. 

تاسعاً- صيانة الدولة الوطنية من التبعية الإقليمية والتهميش الرأسمالي. 

عاشراً - الابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية - الدولية والتركيز على الحياد المنبثق من مصالح البلاد الوطنية.

إن المهام الوارد ذكرها المعتمدة على التحالفات السياسية الطبقية كفيلة بنقل البلاد من العزلة الطائفية والتبعية الإقليمية الى تعزيز سيادة البلاد الوطنية وتطور تشكيلتها الاجتماعية.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top