بعبارة أخرى: (السلطان) عـناد عـبد!

علي رياح 2020/12/07 07:55:39 م

بعبارة أخرى: (السلطان) عـناد عـبد!

 علي رياح

لا يجد نجمنا الكروي عناد عبد كثيراً ممن يستمعون إليه وهو يروي خفايا صموده في ملاعب الكرة حتى بعد أن تجاوز الحادية والأربعين من عمره ، بينما يتحول النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش – وهو يدخل عامه الأربعين منذ شهرين - من يصغي إليه ومن يتحدث عن إنجازاته ومآثره وقدرته على المطاولة وصناعته للفرح مع الميلان هذا الموسم واقترابه من المباراة (900) مع الأندية التي مثلها منذ عام 1999 وحتى الآن! 

ينبغي أن لا يُساء فهمي هنا ، فأنا بالقطع لست بصدد المقارنة بين اللاعبين تحت أي ظرف من الظروف ، إلا جزئية واحدة أراها على جانب كبير من الأهمية ، وهي القدرة على المطاولة في الملاعب بينما تشير الدراسات إلى أن العمر الافتراضي للاعب الكرة ينتهي في معدل الخامسة والثلاثين من العمر يزيد قليلا أو ينقص ، وتستثني من ذلك حراس المرمى! 

اتذكر أنني منذ سنوات بعيدة ، صعدت إلى سيارة أجرة ، وإذا بي التقي الفهد الأسمر عناد عبد ، لم أقل إنني فوجئت به وهو يقود سيارة متهالكة في منتهى الكرامة وعزة النفس ، فقد علمت قبل ذلك أنه اختار هذا الطريق بدلاً من أن يسلك خيارا آخر فيه ثلم لاعتداده بذاته .. يومها قال لي (أوزيبيو العرب) إنه مازال يلعب الكرة بعد أن بلغ الحادية والأربعين وإنه لا يشعر بأن وهناً قد أصابه وأن أهدافه المتواصلة خير دليل! 

كتبت يومها مقالاً عن (الظاهرة) عناد عبد كان عنوانه (ابن الأربعين في عز الشباب) .. وقلت : هذا نجم يقلب حقائق العمر ومتطلباته ويلعب الكرة في هذه السن بعد أن ينهي نصف يومه من العمل سائقاً لسيارة الأجرة .. ومع هذا فإن أحداً منا لم يحرك ساكناً لدراسة ظاهرته التي لم يسبقها سابق في عالم كرة القدم العراقية ، ولا أريد الجزم بالقول : والعربية أيضاً! 

لم يحرك أحد ساكنا للدراسة والتأمل ، بينما تقول صحيفة (ليكيب) الفرنسية إن إبراهيموفيتش سيلعب حتى موعد ليس قريبا ، بكل تأكيد ليتحول إلى ظاهرة جديدة يندر وجودها ، فقليلون أولئك الذين حافظوا على شغفهم بالكرة كحفاظهم على أنفسهم بدنيا ولياقيا وفنيا) !

أما (السلطان) إبرا ، النجم البوسني الأصل السويدي الجنسية ، فواضح أنه ينبذ فكرة الاعتزال .. فهو باستثناء إصابته الأخيرة يمضي موسماً مذهلاً مع الروسونيري ، يتوجه حتى الآن بصدارة هدافي الكالتشيو متفوقاً على رونالدو بهدفين ، كما أن وجوده في مدينة ميلانو أعاد إليها الولع بالكرة والالتفاف حول الفريق العريق الذي يمضي موسماً مميزاً بكل المقاييس.. 

قرأت حواراً على موقع الاتحاد الأوروبي مع إبراهيموفيتش .. أنقل هنا نص السؤال : ما هو سر استمرارك في اللعب حتى بلوغك التاسعة والأربعين؟ .. وهنا نص الإجابة : لم أفقد حبي للكرة ، ما زلت أدخل إلى الملعب وأنا أحمل شعور الطفل الصغير الذي يريد أن يلهو بالكرة) ! 

أربعة عقود من الجري وراء الكرة ، ليس عمراً هيّنا أو متاحاً لكل لاعب .. هنا في العراق الذي انتج ذات يوم ظاهرة عناد عبد ، عادةً ما يصيب الضجر الناس عندنا من لاعب يزيد عمره قليلا عن الثلاثين .. وتطالبه بالاعتزال رحمة بصورته الوردية في الملاعب .. وفي مناخ كهذا يصاب أي لاعب طموح وخبير بالصدمة ، وقد يرضخ للضغوط والمطالبات فيغادر الملاعب .. إلا إذا كان عمره الإبداعي مديداً كما هو الحال بالنسبة لعناد عبد .. ومن مثل عناد عبد كي يفعلها في يومنا هذا؟!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top