المدى / حسن الإبراهيمي
لم تكتفِ وزارة الكهرباء بـ62 مليار دولار لإصلاح المنظومة الكهربائية في العراق، والأخير الذي يحتل المرتبة الـ13 عالمياً في احتياطي الغاز، بات يستورد غازه من بلد مجاور لتشغيل محاطته الكهربائية الرئيسة!.
تعزو وزارة الكهرباء قلة تجهيز الطاقة الكهربائية خلال الفترة الماضية الى "إنخفاض الغاز المستورد من الجانب الإيراني".
وفي السياق نفسه، يقول المتحدث الرسمي بإسم الوزارة أحمد العبادي في حديث لـ"المدى" إن "العراق لديه عقود مع الجانب الإيراني تلزم الأخير بتجهيز محطاتنا بـ40 مليون متر مكعب من الغاز إلا أن هذه الكمية إنخفضت الى 10 ملايين متر مكعب خلال الفترة الماضية".
ويضيف: "ذلك النقص تسبب بخروج 4000 ميكاواط من المنظومة الوطنية أثرت على ساعات التجهيز في محافظة بغداد والفرات الأوسط".
ويؤكد العبادي أن "الجانب الايراني أرجع انخفاض صادراته الغازية الى العراق ووصول بعض المدن الإيرانية الى مرحلة الذروة من حيث الاستهلاك خلال هذه الفترة من كل عام فضلاً عن تعرض بعض المناطق التي يمر بها الأنبوب الناقل الى موجات برد شديدة ما تسبب بإنجماد الأنبوب الناقل".
ويشير الى أن "الحكومة العراقية وجهت وزارة النفط بتوفير الوقود السائل كبديل مؤقت عن الغاز الإيراني". لكنه لا يفي بالغرض فهو غير قادر على تشغيل المحطات بكامل قدرتها الإنتاحية، بحسب العبادي.
وبشأن الحلول الآنية، يبيّن أن "الوزارة ستدخِل وحدات توليدية قيد الصيانة، كانت تعدها لفصل الصيف، للعمل كبديل عن المحطات المتوقفة جراء نقص الغاز الإيراني".
يلفت العبادي الى أن "الاستغناء عن الغاز الإيراني مرهون بالعمل على خطة وقودية يتم فيها تأهيل حقول الغاز ومد أنابيب مباشرة الى محطات إنتاج الطاقة الكهربائية".
ويستدرك العبادي أن "الوزارة ماضية بتفعيل قطاع الطاقة المتجددة وقريباً سنحيل جولة التراخيص الأولى الخاصة بها لإنتاج 755 ميكاواط في خمس محافظات أبرزها كربلاء والنجف وذي قار".
ويتابع: "إحالة مشروع الربط الكهربائي مع الأردن الى شركة جنرال الكتريك بسقف زمني يمتد لـ26 شهراً، يستلزم انشاء خط (ريشة ـ قائم) سعة 400 كي في وإنشاء محطة القائم التحويلية".
وكذلك يوضح أن "الربط الكهربائي مع الأردن ومصر يستهدف نقل 150 ميكاواط في مرحلته الأولى وينتهي بنقل 960 ميكاواط"، مشيراً الى أن "العراق أكمل 80% من التزاماته اتجاه الربط الخليجي ويأمل باستئناف الجانب الخليجي لأعماله في هذا المشروع بعدما أوقفها تفشي جائحة كورونا".
وبينما يطرح الكثير من خبراء الطاقة أفكاراً تدعو لاعتماد الطاقة البديلة في العراق ومنها الطاقة الشمسية بحكم موقعه الجغرافي الذي يمنحه جواً مشمساً في معظم أيام السنة،وهنا يبرز تساولٌ يتمحور حول إماكنية نجاح الطاقة المتجددة في العراق؟
المهندس الكهربائي مؤيد حسين يؤيد فكرة إستثمار المساحات الشاسعة في المناطق المعزولة لتوليد الطاقة الكهربائية.
ويقول حسين في حديثه لـ"المدى" إن "بإمكان العراق اعتماد الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة الكهربائية عبر نصب ألواح توليد الطاقة في المناطق المعزولة والحدودية".
ويلفت الى أن "تكلفة نصب منظومة كهربائية في البيوت تقدر بـ4000 دولار للبيت الواحد".
أما المهندس المختص بشؤون الطاقة المتجددة حسين ناصر، فأنه يرى صعوبة الاستغناء عن الغاز الإيراني في المستقبل القريب ما لم يتم تطوير الحقول الغازية في العراق وأبرزها حقل خورمور في كردستان وعكاز في الأنبار.
ويتوقع أن يكون الصيف المقبل "كارثياً" على المواطنين لأن الدولة غير قادرة لمواكبة زيادة الطلب الحاصل على الطاقة الكهربائية بسبب الأزمة المالية الخانقة، بحسب تعبيره.
ويزداد الطلب على الطاقة الكهربائية في العراق بمعدل 10% سنوياً. فيما يقدر العجز الحاصل في الإنتاج بـ7000 ميكاواط.
ويتابع ناصر أن اعتماد الطاقة المتجددة سيقلل من التجاوز على المنظومة الوطنية، مشيراً الى أن "إنشاء محطات شمسية كبيرة الحجم وتعشيقها مع الشبكة العمومية يتطلب توفر نظام سيطرة اوتوماتيكي متربط بالأرصاد الجوية قادر على تنظيم عمل المحطات في آن واحد".
ويؤكد أن وزارة الكهرباء تتعمد إفشال مشروع التحول نحو الطاقة المتجددة من أجل استمرار استنزاف موارد العراق المالية.
ويكشف في حديثه لـ"المدى" أسباب ارتفاع أسعار الالواح الشمسية بالقول إن: "مادة الألواح الشمسية غير معرّفة كمركياً الأمر الذي يُجبر المستورد على دفع رشى يتحملها المواطن في نهاية المطاف".
ويستدرك بالقول إن :سعر الأمبير في الطاقة الشمسية يتراوح بين 25 ـ 30 دولاراً للأمبير الواحد وفيما لو تم القضاء على الفساد في الموانئ ستنخفض أسعار الألواح الشمسية بمقدار 40% وممكن تخفيضها أكثر إذا أنشأ العراق مصنع محلي لإنتاج الألواح الشمسية".
الكلفة
تعتمد تكلفة النظام الشمسي المنزلي على حجم النظام وكمية الطاقة التي ينتجها فهي تتراوح بين 3000 و5000 دولار للمنزل الواحد. ويتراوح معدل الدخل الشهري للفرد في العراق بين 200 – 300 دولار، ويمكن للأسرة العراقية أن تنفق ما بين 50 إلى 300 دولار شهرياً على المولدات الخاصة.
وهذا يعني أنه يمكن لأسرة واحدة أن تنفق ما يصل إلى راتب عامين لتغطية تكاليف شراء نظام شمسي منزلي.
بدوره، يؤكد المتحدث بإسم وزارة النفط، عاصم جهاد، عزم العراق بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول العام 2023.
ويقول في حديث لـ"المدى" إن وزارة النفط والكهرباء تعملان على تلبية احتياجات المواطن العراقي فيما يتعلق بتوفير المشتقات النفطية والطاقة.
ويضيف: "العراق يواجه إشكالية تنامي الطلب المستمر على الطاقة التي تحتاج توسع في المحطات وزيادة إنتاج الوقود".
ويتابع: "الوزارة لديها مشاريع تتعلق بإستثمار الغاز ستضيف 400 مليون قدم مكعب قياسي لمنظومة الغاز في العراق وفي حقل أرطاوي تحديداً فضلاً عن مشاريع أخرى في محافظة ميسان وذي قار.
محطة النجف الشمسية
على الرغم من أن العراق لا ينتج الطاقات المتجددة بعد، الا أن الحكومة العراقية وقعت عقوداً لإنتاج 1000 ميغاوات من الطاقة الشمسية في عام 2018، ليصل الإنتاج إلى نحو 2000 ميغاوات بحلول العام 2025، كذلك أبرمت عقوداً في نهاية عام 2017 لنصب وتشغيل محطات للطاقة المتجددة في محافطتي المثنى والنجف.
وفيما يؤكد الخبير النفطي حمزة الجواهري صعوبة الاستغناء عن الغاز الإيراني، يبين أن الحل الوحيد الذي يمتكله العراق هو استيراد الطاقة من دول الخليج الذي يحمل العراق كلفاً مالية كبيرة هو الآخر.
ويضيف في حديثه لـ"المدى": "العراق يعمل على مشاريع معالجة الغاز منذ 2011 لكن أحزاب السلطة دائماً ما تعرقل إقامة مثل هكذا مشاريع".
الجواهري يشير الى أن "مد الكهرباء أرضياً يمنع التجاوز على الشبكة الوطنية ويقلل الضغط على المنظومة الوطنية بنسبة 20%".
أما محمد الربيعي وهو رئيس مؤسسة النهرين لمكافحة الفساد في العراق فأنه يكشف عن أن "ما يسمى غاز إيراني هو في الأصل غاز عراقي يُهرّب من حقول كركوك عبر السليمانية الى إيران ويستورد على أنه غاز إيراني".
وقال الربيعي في حديث لـ"المدى" إن "هناك جهات سياسية مختلفة تقف وراء عمليات تهريب الغاز والمشتقات النفطية".
ويؤكد أن "عمليات الفساد في قطاع الطاقة تكمن بعقود توريد الغاز التي تبرمها وزارة الكهرباء".
ويضيف: "وزارة الكهرباء تبتكر مشاريع لأغراض الفساد ومنها تحويل الشبكة الهوائية الى أرضية وإحالة الجباية الى مستثمرين مفلسين".
ويكشف رئيس مؤسسة النهرين عن الديون التي بذمة وزارة الكهرباء لصالح وزارة النفط، "تقدر بـ12 مليار دولار"، مقترحاً دمجها مع وزارة النفط تحت اسم "وزارة الطاقة".
ويختم حديثه بالقول: "المبالغ المنفقة على الكهرباء في العراق تكفي لإنشاء محطات كهرباء حديثة لخمسة بلدان مثل العراق".
ويعاني سكنة العاصمة بغداد من تهالك المنظومة الوطنية خاصة في فصل الصيف نتيجة زيادة الأحمال على المنظومة، فضلاً عن التخبط الحاصل في جباية أجور الكهرباء.
وفي هذا الصدد يتحدث المواطن جواد ابو علي (67 سنة) لـ"المدى" قائلاً: "قبل أيام قليلة طالبني جابي الكهرباء بدفع 80 ألف دينار كديون بذمتي لصالح وزارة الكهرباء".
ويؤكد إنه "دائماً ما يسدّد أجور الكهرباء حال وصولها الى منزله"، عازياً ذلك الى "الفساد المستشري في وزارة الكهرباء التي تعمل على زيادة واردات الدولة بطرق غير شرعية".
وفي عام 1981 شهد العراق بناء أول مركز لأبحاث الطاقات المتجددة في الشرق الأوسط. إلا أن التقدم العلمي في هذا المجال تباطأ بعد عام 2003.
اترك تعليقك