نيويورك تايمز: الأزمة المالية تنذر بتجدد الاحتجاجات  وصراع بين المجاميع المسلحة

نيويورك تايمز: الأزمة المالية تنذر بتجدد الاحتجاجات وصراع بين المجاميع المسلحة

 ترجمة/ حامد احمد

عند كشك صغير في احد الازقة الضيقة لأقدم أسواق بغداد في الشورجة يجلس احمد خلف (34 عاما)، لبيع حاجيات صغيرة تتراوح ما بين صبغ اضافر ومستلزمات حلاقة وقبعات واقلام ملونة، لكنه يشكو من قلة المتبضعين خلافا لما اعتاد عليه السوق من زحام قبل إقدام الحكومة على تقليل قيمة العملة أمام الدولار.

مشاكله تعكس مؤشر ما وصفه خبراء اقتصاديون بانه أكبر تهديد مالي يواجهه العراق منذ سقوط النظام عام 2003، باختصار القول ان العراقي يعاني من جفاف سيولة مالية تعيقه من تسديد نفقات متكفل بها. 

الشهر الماضي اقدم العراق وللمرة الاولى منذ عقود على تخفيض قيمة عملته الدينار مما تسبب ذلك وبشكل مباشر بارتفاع اسعار كل شيء تقريبا في البلاد التي تعتمد بشكل رئيسي على البضائع المستوردة. 

وخلال الاسبوع الماضي قطعت ايران تجهيز العراق بالكهرباء ومادة الغاز، عازية ذلك لعدم تسديد الاجور تاركة اجزاء واسعة من البلاد بدون كهرباء على مدى ساعات خلال اليوم. 

احمد الطبقجلي صيرفي وزميل معهد الدراسات الدولية والاقليمية في العراق، قال: "اعتقد ان الأمر حرج جدا، النفقات فوق قدرة العراق المالية". رغم انكار الحكومة لذلك، فان كثيرا من العراقيين يخشون من تخفيضات اخرى قادمة لقيمة العملة. 

وقال خلف الذي انتقل للعمل في السوق بعد تخرجه وعدم حصوله على وظيفة حكومية إن "الكل متخوف من الشراء او البيع". 

في سوق جميلة للبيع بالجملة يجلس حسن الموزاني (56 عام)، في متجره وهو محاط باكياس مادة الطحين، كان يبيع الكيس قبل الازمة بمبلغ 22 دولارا ولكنه رفع السعر الاسبوع الماضي الى 30 دولارا للكيس. 

قال الموزاني: "في الاوقات الاعتيادية كان معدل بيعي 700 الى 1,000 طن بالشهر، ولكن منذ بدء الازمة انخفض معدل البيع الى ما بين 170 الى 200 طن بالشهر". 

وكان صندوق النقد الدولي قد اكد انكماش معدل الناتج المحلي لاقتصاد البلاد بنسبة 11% في عام 2020، ووجه توصياته بتحسين اداء الادارة المالية والحد من الفساد. 

الطبقجلي وخبراء اقتصاديون آخرون قالوا ان "تخفيض قيمة العملة كان امرا صعبا ولكنها خطوة ضرورية في مساعدة الوضع الاقتصادي للبلد، ومع تزايد كلف المواد المستوردة، فستكون هناك منافسة في السوق من بضائع عراقية محلية مثل المنتجات الزراعية".

في ما يخص الديون المترتبة على العراق من عدم تسديد كلف الطاقة الكهربائية والغاز المستورد من ايران، يقول عبد الحسين العنبكي، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إن "العراق ليس باستطاعته تسديد كل الدين لإيران، ايران ايضا تواجه ازمة اقتصادية، ونحن لا نستطيع شراء غاز بدون تسديد كلفه". 

مسؤولون عراقيون قالوا ان "حصة الاسد من دين العراق، البالغ 3 مليارات دولار تقريبا، ما تزال مجمدة في بنك عراقي، في وقت يكافح فيه العراق من اجل الالتزام بشروط العقوبات الاميركية على ايران".

فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، قال إن "الأمر صعب بالنسبة للعراقيين لان آلية التسديد لهم غير متوفرة تقريبا لان الاميركان، وبشكل واضح، يراقبون الوضع عن كثب". 

علاء الدين وآخرون يقولون إن "الازمة المالية قد تؤدي لتجدد الاحتجاجات وتصارع بين المجاميع المسلحة للسيطرة على موارد العراق المحدودة بشكل متزايد". 

وكانت الحكومة قد اقترحت اجراءات كاسحة للمحاولة في تعزيز الاقتصاد، بضمنها مضاعفة الضرائب، في خطة مطروحة الان امام البرلمان، ولكن كثيرا من السياسيين يعولون على احتمالية زيادة اسعار النفط هذا العام لتأجيل تمرير ما يعتبره اقتصاديون اجراءات اصلاحية ملحة. ولحين ما يتحقق ذلك، فانه من المتوقع ان يزداد عدد العاطلين في سوق العمالة بمعدل 700 ألف شاب سنويا، ومع شحة فرص العمل ستزداد نسبة شريحة الفقراء والمعدمين. 

 عن: نيويورك تايمز

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top