موسيقى الاحد: كاريليا

موسيقى الاحد: كاريليا

ثائر صالح

تنازعت الدول للسيطرة على منطقة كاريليا وحوض خليج فنلندا الشرقي منذ القرن الثالث عشر، كان الصراع في البداية بين السويديين والروس (جمهورية نوفوغورد)

واستمر لاحقاً بين الفنلنديين والروس حتى حرب الشتاء الشهيرة (1939 - 1940)، عندما احتل الاتحاد السوفيتي معظم أراضي كاريليا، وهي حرب انتصر فيها ستالين نصراً يعادل الهزيمة، إذ كانت خسائر الجيش الأحمر البشرية هائلة لا تقل عن عشرة أضعاف خسائر الفنلنديين ضعيفي التسليح والتموين

أولاً بسبب من تصفية وسجن أكثر من مليون ضابط وجندي بين 1936 - 1938، وثانياً بسبب عدم كفاءة قادة الجيش في بداية الحرب، وأخيراً بسبب حرب العصابات الشعبية الناجحة التي خاضها الفنلنديون. وكان ستالين يرجو من هذه الخطوة حماية مدينة لنينغراد (سنتبطرسبورغ اليوم) من أي هجوم بري محتمل للألمان عبر الأراضي الفنلندية، وكانت لنينغراد قريبة من الحدود وقتها. وقد بقيت كاريليا ضمن الأراضي الفنلندية بعد استقلال فنلندا عن روسيا حسب اتفاقية 1920 بين روسيا البلشفية وفنلندا تطبيقاً لمبدأ لينين عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.

حفر اسم هذه المنطقة في وعي الشعب الفنلندي عميقاً منذ قرون لهذه الأسباب، خاصة إنها مكان نشوء كاليفالا الأسطورة الفنلندية الأشهر، فلا نعجب إن ألّف جان سيبيليوس الشاب (1865 – 1957) عملاً عن كاريليا بتكليف من اتحاد طلبة فيبوري سنة 1893. وفيبوري هذه هي أكبر مدن كاريليا ورابع أكبر مدينة فنلندية. قدم سيبيليوس هذا العمل في هلسنكي خريف نفس العام في جامعة القيصر ألكسندر، وقتها كانت دوقية فنلندا الكبرى كلها تابعة للقيصر مع حكم ذاتي لدرجة ما. وترافقت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر مع تبلور الوعي القومي الفنلندي ونزعة الاستقلال عن روسيا القيصرية. اختار سيبيليوس أجزاء منها قدمها على شكل متتابعة حازت على الشهرة فور تقديمها وتعد بين أعمال سيبيليوس المحبوبة والمعروفة، ولم يقدم العمل الكامل مرة اخرى لاحقاً. وكانت المدونة محفوظة عند روبرت كايانوس قائد الأوركسترا الذي قدم العمل لكنها أعيدت الى سيبيليوس سنة 1936 بعد وفاة كايانوس. لاحقاً، عندما أحرق سيبيليوس في صيف 1945 بعض أعماله مثل سيمفونيته الثامنة، أحرق معها معظم أجزاء موسيقى كاريليا.

تألف العمل الأصلي من افتتاحية وثمان لوحات ومقطعين من الموسيقى الفاصلة. تصور اللوحات تأريخ كاريليا وهي: افتتاحية، حرب 1293، بناء قلعة فيبوري، ناريموت دوق ليثوانيا، فاصل 1، كارل كنوتسون في قلعة فيبوري 1446، القائد دو لا غاردي عند أبواب كيكيسالمي 1580، فاصل 2، حصار فيبوري 1710، توحيد كاريليا مع فنلندا 1811، وأخيراً اللوحة الثامنة وهي النشيد الوطني الفنلندي. وتتكون المتتابعة من الافتتاحية واللوحة الثامنة والفاصلين.

وقد قام موسيقيان فنلنديان بمحاولتين منفصلتين لترميم العمل استناداً الى المخطوطات وتجميع ما تبقى من أجزاء المدونة لبعض الأدوات وتكللت المحاولات بتقديم النسخة المرممة في أواخر تسعينات القرن الماضي.

النسخة المرممة وفق كايبانن

https://www.youtube.com/watch?v=9qUIXAPSO44&t=19s

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top