محمد حميد رشيد
إستعادة الوعي الوطني كان جزءاً من المتغيرات التي صنعتها إنتفاضة تشرين في العراق والذي سلب من العراقيين تحت شعارات زائفة وإدعاءات كاذبة خلقت معارك طائفية وهمية وقسمت الشعب الواحد وسرقت ثروات الأمة وأفقرت الشعب العراقي وأمتصت دمه .
هذا البلد الثري العظيم وهذا الإمتداد التاريخي الحضاري الطويل تعرض لنهب وتشكيك حتى كادوا ينتزعون ثقة الشعب بنفسه !؛ من خلال عصابة فاشلة وفاسدة وإرهابية متخلفة أعتقدت أن السلاح والقتل والتخويف والإختطاف يستطيع إخافة الشعب العراقي وقهره خصوصاً بعد إنكشاف الخدعة الكبرى وسقوط الأقنعة وأردية النفاق وعمائمه ؛ وبعد سقوط الخطوط الحمر التي كانت سدوداً لحماية القتلة والمفسدين .
والأمر الأكثر خطورة من كل هذا والتي أفرزتها الإنتفاضة التشرينية تغيير أساسيات اللعبة الإنتخابية التي أجادوا لعبها وأختصوا بتزويرها والتلاعب في نتائجها والتأثيرعليها بشتى الطرق السافلة والتوجه هذه المرة بقانون إنتخابي جديد بوعي وطني جديد والمطالبة برقابة أممية ودولية وشعبية ودعوة قوية ل 80% من الشعب العراقي الصامت الممتنع لقلب الصناديق على رؤوس المزورين مع وجود تأييد رسمي (ظاهري) ودعوة قوية لنزاهة الإنتخابات!؛ وهذا يقلص فرصة المزورين والأحزاب الحاكمة الحالية لإعادة ممارسة لعبة تزوير الإنتخابات التي إعتادوا عليها في الدورات السابقة ويقلص فرصة فوزهم من دون تزوير ومن دون تحيز طائفي ومن دون تأثير السلاح والإرهاب ولن يكون حظهم لو إستطاع الشعب العراقي تحقيق إنتخابات (بمستوى عالٍ) من النزاهة أكثر من 30 % وفي أقل تقدير وفي أسوأ الإحتمالات سيوجد معارضة قوية مؤثرة جداً ممكن أن تغير المشهد السياسي بمجمله وعلى الأقل تستطيع إيقاف النزيف الإقتصادي الفظيع في العراق .
وهذا لن يمر بسهولة علينا أن (ننتظر) ردود أفعال كثيرة من (أحزاب التزوير الفاسدة) فهي لن تستسلم بل ستزداد شراسة وستسعى جاهدة للتمسك بموقعها في الخارطة السياسية بأي ثمن ولن تتخلى عن مكاسبها الشيطانية المليارية بسهولة.
لذا ستعمل المستحيل من أجل هذا ولن تتردد في تقديم أي ثمن للبقاء في السلطة حتى إن كان هذا الثمن بحار من دماء العراقيين من دون أي رادع وهي واثقة إنها ستفلت من العقاب كما في كل مرة . ومِن ما هو متوقع قيام الأحزاب بالأجراءات الآتية التي تعتقد أنها ستبقيها على كراسيها وتبقي ميزانية الدولة تحت تصرفها وفي كل الأحوال ستبقي مظلتها الدينية والطائفية مرفوعة فوق رؤسهم الفاسدة :
1 - أول المستهدفين من قبل أحزاب الفساد هم الناشطون من ثوار الإنتفاضة ولابد من إنهاء الإنتفاضة بكل صورة ممكنة وبأي ثمن . ستواصل التشكيك بها وبشخوصها ولن تبخل عليهم بشتى الاتهامات التافهة والخطرة ؛ والتشكيك بأهدافها وأتهامها بالفشل وألا جدوى منها وعجزها عن التغيير ؛ وأن النظام الفاسد باقٍ ويتمدد وإن التضحيات ودماء مئات الشباب ذهبت سدىً وكانوا هم الخاسرين . وسيعملون على شق صفوف المنتفضين الثوار وبث الفرقة بينهم وزرع الشك وعدم الثقة بين صفوفهم ؛ وأن الأنتفاضة لا تحتاج قيادة ولا تنظيم ولابد من بقائها عفوية ومن غير المسموح ظهور قيادة واعية ونزيهة ولن يكون للانتفاضة ناطق واحد بأسمها في كل محافظة وسيعمل (عملوا) الفاسدون المجرمون على كسب ولائات الشخصيات والقيادات الاجتماعية والعشائرية (وشراء من يُباع منهم) والتي يمكنها أن تؤازر الإنتفاضة أو تدعمها أو تنتمي لها وصولاً إلى عزل الانتفاضة عن الشعب العراقي . وهدموا خيمهم وهددوا وخطفوا وقتلوا قياداتهم وفرضوا عليهم حصاراً جائراً وشوهوا سمعتهم وسعوا لإختراق الإنتفاضة وصولاً إلى تصفيتها والقضاء عليها أو إحتوائها...لكنهم أغفلوا حقيقة جديدة هي أن الشعب العراقي أصبح ثائراً منتفضاً ومَن في الساحات أبناء الشعب المنتفض الذي لن يقهر.
2 - إدراكاً من أحزاب الفساد والخوف بإن معركة الإنتخابات القادمة هي معركة مفصلية لا تعني المنتفضين الذين يصرون على إجرائها مبكراً فقط بل هي تعني كل الشعب العراقي الذي وعى الفساد وحدّد المفسدين السراق الذين (مليرو) على حساب فقر الشعب العراقي وإذلاله وسرقة ثرواته وتدمير إقتصاده وتمزيق شعبه وانكشفت (الخدعة الكبرى) وسقطت الأقنعة وتعرى (الحرامية) وداس الشعب على الخطوط الحمر وتحول الكثير من المقدس (المزعوم) إلى (مدنس) ثبت فساده وعمالته وسقطت معه أكذوبة (الطائفية) والدفاع عن المذهب التي مزقت العراق والعراقيين واستعاد الشعب وطنه المسلوب وحسه الوطني وإعتزازه بالعراق الثري الواحد أرضاً وشعباً وثروات ولذا وأمام هذا الوعي الوطني المتصاعد لن يكون لأحزاب الفساد والتخلف والإرهاب غير الرفض والعزل وستتضاءل حصتهم الانتخابية في المعركة الإنتخابية القادمة خصوصاً إذا ما كانت نزيهة وإذا ما نجح الوطنيون والمنتفضون من فرض قوانين وأنظمة شفافة وعادلة ورقابة صارمة ومشاركة شعبية فاعلة وأعتمدت (البطاقة البارومترية) فقط وحرص الشعب على إستلامها وفرض رقابته الشعبية على سيرالإنتخابات والتوعية بأهمية دوره هذه المرّة في التغيير ونجحت الدولة في عزل السلاح المنفلت والإرهاب عن التأثير على نتائج الإنتخابات . وكلما زاد وعي الشعب العرقي الوطني وزادت مشاركته الفاعلة كلما تقلص وجود الفاسدين وحوصروا وكان القضاء العادل في إنتظارهم وإستعاد الشعب وطنه وسيادته من المفسدين والفاشلين والسُراق الذين دمروا البلد وبددوا ثرواته . لذا سيحرص القتلة الفاسدون على محاولة (إحتواء) الانتخابات القادمة بكل وسيلة ممكنة ومن تلك التدابير والوسائل :
ا- السعي بكل السبل لإعتماد البطاقة الإنتخابية القديمة إضافة إلى (البارومترية) من قبل المفوضية المستقلة للإنتخابات. كونها سهلة التزوير وقد تم سرقة عشرات الالاف منها في الإنتخابات السابقة . لذا لابد من السعي لإعتماد (البطاقة البارومترية) حصراً في الإنتخابات المقبلة.
ب - سيسعون إلى إيجاد شعور كبير بالإحباط والتثبيط والتشكيك بإستحالة إجراء إنتخابات نزيهة وإن التزوير حاصل لامحالة ولا فائدة ترجى من هذه الانتخابات والفساد والمفسدون باقون لن يتزحزحوا عن مناصبهم ولن تتغير المعادلة السياسية الحالية (وسيشاركوهم البعض بنوايا حسنة) ... والغاية من ذلك عزل الشعب العراقي عن محاولة التغيير إبتداءً وحصر المشاركة لإتباعهم فقط وإضعاف المشاركة الوطنية. لذا لابد من القيام بحملة وطنية للتوعية بأهمية المشاركة الفاعلة والقوية في الإنتخابات القادمة كونها من أهم السبل الكفيلة بعزل الفاسدين أو محاصرتهم وإضعافهم على الأقل وإن الإنتخابات القادمة معركة وطنية لا يمكن التخلف عنها وإن سعة المشاركة فيها تضعف وتقلص إمكانية التزوير وبحجم تلك المشاركة.
ت - ستسعى أحزاب الفساد الإرهابية على تقليص أو منع الرقابة الوطنية والشعبية والأممية والدولية على الإنتخابات المقبلة على قدر ما يستطيعون لكي يخلو الجو لهم ويمارسوا ألاعيبهم التي تعودوها في كل انتخاباتهم الفاسدة السابقة . لذا لابد للشعب وقواه الوطنية و المنتفضين المطالبة والسعي لتوفير أكبر حشد رقابي وطني عبر القوى الوطنية التي تهتم بنزاهة الانتخابات وتكون حاضرة (بموجب القوانين) داخل المراكز الانتخابية المختلفة وعبر رقابة شعبية وطنية لكل الناخبين وحتى غير المشاركين في الانتخابات لمنع التأثير على الناخبين أو تهديدهم أو شراء أصواتهم أو تزوير إرادتهم الوطنية وسيكون لتواجدهم المستمر قرب المراكز الإنتخابية خلال يوم الإنتخابات أهمية في تقليص حجم الإنتهاكات والإختراقات . وعبر أكبر مشاركة أممية لمنظمات الأمم المتحدة المعنية بهذا الغرض في الإشراف والرقابة والتدقيق والمشاركة الفنية والتقنية وحتى الحماية للمرشحين الوطنين ومراكز الانتخابات الحرجة إنْ أمكن ذلك. وعبر أكبر وأكثر مشاركة دولية فنية ممكنة خصوصاً من الجامعة العربية ودولها ومن الإتحاد الأوروبي ومن مختلف الدول التي يمكنها أن تساعد في إجراء أفضل إنتخابات نزيهة ممكنة في العراق (وستكون هذه المهمة أسهل وأنزه من التحالف الدولي لغزو العراق)!. وأخيراً يمكن لكل القوى المؤمنة فعلا بأهمية نزاهة الانتخابات القادمة والحريصة على إجرائها بأعلى درجات النزاهة والشفافية وتسعى لذلك بصورة جدّية أن تؤسس (جبهة سياسية أو تحالف سياسي) يدعو إلى تامين السبل الكفيلة لإجراء انتخابات بأعلى درجة ممكنة من النزاهة والعدالة والشفافية وتضغط بالإستعانة بالشعب وثوار الانتفاضة والقوى الإجتماعية الوطنية والنواب النزيهين والوطنين من المستقلين في البرلمان والتيارات الواثقة من حجم ناخبيها وتواجدها الجماهيري ؛ يسعون كلهم مجتمعين وموحدين من أجل تحالف ضمان النزاهة وعزل وتقليص نفوذ المزورين الذين لا يريدون الرقابة القوية ولا المشاركة الأممية .
تعليقات الزوار
محمد حميد رشيد
لم تعد الإنتفاضة مقصورة على فئة أو طبقة محددة بل هي الصوت الوطني للشعب وضمير أمة تتطلع للتخلص من الفاسدين الظلمة الذين فتتوا العراق ونهبوا ثرواته وجائونا بالطائفية والتخلف.