إلى الوراء سر

آراء وأفكار 2021/02/28 09:26:08 م

إلى الوراء سر

 د. أثير ناظم الجاسور

في كومة هذا العبث والوقت الضائع وبين أحلام ما هي إلا مجرد أحلام وواقع يسوء يوماً بعد يوم هل اكتفى العراقيون بما لديهم من معاناة وبؤس أم أنهم لا زالوا يمتلكون القدرة والصبر على تحمل ما أصابهم وما سوف يصيبهم؟،

عجيب صبر العراقيين هذا وهم لا يستطيعون حتى الجري في سبيل اللحاق بركب مَن سار باتجاه الحياة الكريمة والأغرب إنهم مادياً ومعنوياً تلمسوا وعاشوا كل الفوضى التي خلقتها الأحزاب لهم بعد أن رسمت كل معالم الخراب، والكارثة ما زالوا يتساءلون إلى أين نحن ماضون؟، حياة العراقي لا تتعدى مجرد الأسئلة التي لا إجابة عنها ولا حتى لديهم مفاتيح ما يعلمون عنه ولا تصحيحه، فهم يشطبون الأيام وينتظرون على أمل أن يكون القادم أفضل بلا جدوى فصاروا كمن يقف أمام النهر دون شبكة الصيد على أمل أن تقفز سمكة وترتمي في أحضانه، بالرغم من أنهم على علم أن النهر بات حكراً على أسماك القرش التي تبتلع كل ما فيه غير مكترثة بمن يقف على الجانب الآخر يقتله الجوع.

العراق يا سادة وبحكم سلطة الأحزاب بات يسير إلى الوراء بكل ما تحمله الكلمة من معنى فكل أمل للتقدم والرقي والتطور والتحديث كلام فقط وأمنيات قد لا تتحقق فكم الفساد الحاصل لا يعقل والفوضى العارمة التي تجتاح العراق لا تُوصف، فمثلاً منذ أن اجتاح فايروس كورونا العالم ولغاية اليوم والمواطن العراقي يسمع وينفذ ما يُقال له دون أن يلمس إجراءات حقيقية تعمل على مساعدته في مواجهة هذا الوباء الذي لم يعد يهدد حياته كمرض لا بل بات يهدده في رزقه دون أي اكتراث من سلطته التي تريد منه أن يكون طيّعاً، فبعد كل هذه الأشهر من المعاناة والمواطن يرى ما تقوم به دول العالم من إجراءات في سبيل درء هذا الخطر عن مواطنيهم إلا أحزابه ما زالت منشغلة بالموازنة التي لن تقر إلا بعد احتساب فائدتها لهم ، والمناصب بدأت الفرق المتنافسة بتوزيعها حتى قبل الانتخابات كي يتسنى لها التفاوض على هذه الوزارة وتلك الوكالة والمؤسسة ، كل شيء في بلد الحضارات بات قابل للمساومة ابتداءً من حياة الإنسان وقوت يومية، أما حياة المواطن وكيفية تخليصه من خطر هذا الوباء آخر الإجراءات الحكومية والحزبية ومازال كل شيء يسير إلى الوراء.

لا نريد الخوض في تفاصيل أُشبِعت كتابة وتصريحاً وأحداثاً ومواقف مخجلة جعلت من هذا البلد الكبير أضحوكة للعالم بفعل أحزاب فشلت في إدارة أبسط القضايا والأزمات، لكن الذي يجعلنا كمواطنين نشعر بالخيبة الكبيرة ونحن نشاهد الحكومات وهي تتسابق من أجل الحصول على لقاح لمواطنيها يقيها شر موت الكورونا وأحزابنا تتسارع لحماية شخوصها وعوائلهم على حساب المواطن الفقير الذي بات غريباً في بلده، كل البلدان اليوم بشأن هذا اللقاح أياً كانت جنسية الدولة التي اكتشفته تعمل على توفيره وبكميات كبيرة إلا في العراق المواطن لا بد أن يواجهه بتفانٍ عالٍ وأن يلتزم بمقررات الأحزاب بإن لا يعمل ، لا يأكل ، لا يدرس ، لا يصنع ، لا يعيش ، بالوقت ذاته تمتع الأحزاب بوافر الصحة والنعيم، بالتالي كل مَن يحاول أن يسجل منجزاً واحداً عليه التفكير ألف مرة أن المنجز الوحيد لهذه الأحزاب أنها تسنمت السلطة في بلد مثل العراق أما بقية القضايا فهي تسير إلى الوراء.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top