بغداد/ تميم الحسن
أربكت اصوات غير معروفة سمعت مساء الاثنين غربي الانبار، الاوضاع في المحافظة التي تعيش حالة ترقب منذ أسبوع على خلفية التصعيد بين واشنطن والفصائل المسلحة.
وتبين بعد ساعات بان الاصوات هي لتدريبات داخل قاعدة عين الاسد التي استهدفت مطلع آذار الحالي بعدة صواريخ من منطقة زراعية قريبة من المعسكر.
وكانت تلك الاصوات كافية لان يعتقد السكان القريبون من القاعدة بان "السيناريو" الاسوأ قد حدث، فيما لو كان المعسكر قد استهدف مرة اخرى او انه الرد الاميركي.
بالمقابل كان عدد من الفصائل المسلحة في الانبار، قد اتخذ اجراءات استباقية، لكن هذا لم يمنع ان الاصوات التي سمعت اربكت تلك الجماعات ايضا.
وبحسب شهود عيان في غربي الانبار تحدثوا لـ(المدى) فانه "شوهد عدد من السيارات رباعية الدفع التي تستخدمها الفصائل وهي تهرع مسرعة اثناء سماع الاصوات".
وقاعدة "عين الأسد" تقع في ناحية البغدادي 90 كم غرب مدينة الرمادي وتعتبر أكبر قاعدة عسكرية للقوات الأمريكية في العراق.
وتشير مصادر مطلعة في الانبار لـ(المدى) بان "الاصوات كانت لتدريبات بالمدفعية الامريكية التي شاركت في وقت سابق بالحرب ضد داعش".
واضافت المصادر ان "الجميع اعتقد انه هجوم جديد على القاعدة، بينما بعض الفصائل توقعت ان واشنطن بدأت بالرد".
رد مدروس
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الأحد الماضي، إن ردنا على الهجوم الصاروخي الذي استهدف مؤخرا قاعدة "عين الأسد" في العراق سيكون "مدروسًا".
وأكد أوستن، في مقابلة أجرتها معه شبكة "إي بي سي" الأمريكية، أن "البنتاغون يواصل تقييماته بهدف تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم الذي أودى بحياة متعاقد مدني أمريكي في القاعدة".
وكشف أوستن أنه "هو من اقترح شن ضربة في سوريا، والمبنى الذي تم استهدافه، كان يستخدم من قبل جماعات مسلحة مسؤولة عن الهجمات الأخيرة".
وفي 25 شباط الماضي، نفذت الولايات المتحدة الأمريكية غارة جوية استهدفت "مليشيات مدعومة من إيران" في سوريا، في أول عمل عسكري تقوم به إدارة الرئيس جو بايدن رداً على الهجمات التي تستهدف مصالحها في العراق. وتابع وزير الدفاع قائلا: "إذا قررت الولايات المتحدة الرد مرة أخرى على المليشيات التي شنت الهجوم، سيكون ذلك في الزمان والمكان اللذين نختارهما بأنفسنا".
والأربعاء الماضي، أطلقت جماعة مسلحة، مالايقل عن 10 صواريخ على قاعدة "عين الأسد" الجوية، التي تضم قوات أمريكية في محافظة الأنبار، غربي البلاد. وقال مسؤولون إن متعاقد اميركي الجنسية أصيب بنوبة قلبية وتوفي أثناء احتمائه من القصف، وهو ماعزز امكانية الرد الاميركي.
وتتهم الولايات المتحدة كتائب "حزب الله" وفصائل عراقية مسلحة مقربة من إيران، بالوقوف وراء هجمات صاروخية متكررة تستهدف سفارتها الموجودة وقواعدها العسكرية.
وفق المصادر في الانبار فان "اكثر من 10 مقرات تابعة لفصائل في غربي المحافظة قد اخليت منذ تنفيذ عملية القصف على عين الاسد".
وهاجمت الفصائل القاعدة من منطقة البيادر، 7 كم جنوب البغدادي، وهي منطقة زراعية وتقع على طريق مرور الفصائل الى الحدود مع سوريا.
واستخدمت الجهات المهاجمة سيارة نقل كبيرة (لوري قلاب) ووضعت الصواريخ اسفل الشاحنة، لمنع رصدها من طائرات المراقبة.
وتم القصف بواسطة صواريخ نوع "اراش"، وهي ايرانية الصنع، ومعدلة عن نسخة صواريخ "غراد" الروسي عيار ١٢٢ ملم ويصل مداها الى نحو ٤٠ كم.
التحقيقات بحوادث الكاتيوشا
ولم تصرح الحكومة العراقية حتى الان عن الجهة التي استهدفت القاعدة العسكرية، فيما وصف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المهاجمين بـ"غير المنتمين الى العراق".
وقال علي مؤنس، عضو لجنة الامن في البرلمان لـ(المدى) ان "التحقيقات حول الحادث ما زالت مستمرة ولم تتحدد هوية الفاعلين".
وكانت مصادر قد كشفت في وقت سابق لـ(المدى) بان الحكومة صارت "متيقنة" من الجهات التي تطلق الصواريخ، وهم فصيلان احدهما مشارك في العملية السياسية.
وتضم قاعدة عين الاسد نحو 20 الف عنصر عراقي، ضمن تشكيلات متعددة، ابرزها القوة الجوية، قيادة عمليات الجزيرة، ومغاوير الجيش، بالاضافة الى المركز الرئيس للتحالف الدولي ضد داعش.
ويؤكد مؤنس انه على الحكومة ان تكشف عن "كيفية وصول الصواريخ الى قرب القاعدة، وتظهر صور من الاقمار الصناعية عن مكان حدوث الهجوم". وكانت بغداد قد اعلنت عن تشكيل عدة لجان للتحقيق بقضايا قصف "الكاتيوشا" دون نتائج، بينما كانت كردستان قد كشفت الاسبوع الماضي بشكل واضح عن الجهات التي قصفت مطار اربيل الشهر الماضي.
ويقول عضو لجنة الامن ان "مكان حدوث القصف في قاعدة الحرير – القاعدة الاميركية قرب مطار أربيل- يختلف عن عين الاسد، حيث الاخيرة تقع في منطقة مفتوحة واحتمالات استهداف أوسع ما يصعب عملية التحقيق".
والأربعاء الماضي، نشرت السلطات الأمنية في إقليم كردستان، اعترافات أحد المتهمين بالوقوف وراء تنفيذ الهجوم، حيث أكد أن العملية تمت بأمر من كتائب سيد الشهداء، وهو فصيل مسلح ينضوي تحت مظلة الحشد الشعبي.
وورد في فيديو اعترافات أحد منفذي الهجوم، المدعو حيدر حمزة البياتي، وهو من مواليد 1983 من قرية قرداغ في الحمدانية، ويسكن منطقة خبات في أربيل، أنه تعرف في شهر تشرين الثاني الماضي، على شخص من كتائب "سيد الشهداء"، وتم الاتفاق على القيام بعملية على مطار أربيل الدولي.
بدوره قال هريم كمال العضو الآخر في لجنة الامن لـ(المدى) ان "تكرار عمليات القصف ضد المعسكرات والبعثات الدبلوماسية يحرج القيادات الامنية ويسيء الى سمعة العراق".
واعتبر عضو لجنة الامن ان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي "اكثر جدية في الكشف عن تلك الجهات" من الحكومات السابقة.
لكنه عاد وقال ان "تلك الجهات تبدو اقوى من الدولة ولا يمكن اتخاذ اجراءات قانونية بحقها" كما جرى في قضية الدورة في صيف 2020، حين اطلق سراح متهمين باطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء بعد اسبوع "لعدم كفاية الادلة".
اترك تعليقك