يحضر الموسيقار والمطرب إلهام المدفعي، الذي أحدث قبل نحو نصف قرن ثورة في الأغنية العراقية من خلال إدخال الآلات الغربية على الأغنيات التراثية، لإطلاق أغنية جديدة تتمحور على الأمل في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19 . يقول في أغنيته الجديدة التي كتب كلماتها الشاعر الأردني الشاب عمر ساري، وتشاركه فيها المطربة العراقية نادين الخالدي "بعد الغياب لازم تعود، حلمك سحاب، حزنك سراب، عود بحنان، صوتك رنين، خلي الحزين ينسى العتاب".
ويضيف المدفعي لوكالة فرانس برس من منزله في عمان حيث ظل محظورا لعام بسبب فايروس كورونا "يجب أن نستمر بالغناء في كل الظروف حتى نبعث برسالة أمل إلى العالم، فالموسيقى هي لغة الشعوب، تعبر كل الحدود وتصل إلى أقصى بقاع العالم".
ويتابع هذا المغني والعازف والكاتب والملحن "لو استمر الوباء فترة أطول سأفتح نافذتي يوما وأغني منها للناس، كما كان الأوروبيون يغنون من شرفات منازلهم ثم يصفقون لأنفسهم، فالحياة يجب أن تستمر" رغم الجائحة التي تسببت بوفاة أكثر من 2,6 مليون شخص حول العالم.
يروي المدفعي الذي تعلم العزف على الغيتار وهو في سن الثانية عشرة أنه نشأ "في منزل يعشق الموسيقى. كان الجميع فيه يغني، من رجال ونساء وأطفال".
ويضيف الفنان الذي ما زال يستقطب جيلاً كاملاً من المهتمين بالموسيقى العراقية "في ذلك الوقت، في خمسينيات القرن العشرين، كان الفن مزدهرا في العراق. ففي بغداد وحدها كانت توجد 85 مغنية عراقية يغنين في الملاهي التي كان يزورها كبار القوم".
في الستينيات شكل إلهام، فرقة "ذي تويسترز"، وهي من أوائل مجموعات موسيقى الأغنيات الغربية في العراق، وعندما أرسلته عائلته الى لندن لدراسة الهندسة المعمارية أسوة بأخوته، ازداد حبه وولعه بالأغنيات الغربية وخصوصا أغنيات فرقة "بيتلز" البريطانية.
وعندما عاد المدفعي إلى بغداد عام 1967 قرر تشكيل فرقة جديدة أطلق عليها اسم "13 ونص" واستخدم فيها الغيتارات الكهربائية والطبول والباس والبيانو في إحياء الكثير من أغنيات التراث العراقي بتوزيع غربي مفرح ما سبّب صدمة للمدافعين عن الموسيقى العربية الكلاسيكية الذين طالبوا بإيقافه عند حده. ولكنه استمر وقدم أجمل أغنيات التراث ومنها "جلجل علي الرمان"، و"مالي شغل بالسوق" و"فوق النخل" و"زارع البزرنكوش" و"خطار" التي حقق ألبومها أكثر مبيعات في الشرق الأوسط لثلاث سنوات متتالية وحصلت على لقب الألبوم البلاتيني من شركة "إي أم آي" البريطانية. ويضيف "كانت هناك أغنيات عراقية قديمة جميلة جدا ولكنها غير معروفة، فتساءلت لماذا يوضع هذا الكنز في صندوق مقفل؟ فلنفتح هذا الصندوق. قلت دعونا نخرج هذه الأغنيات للعالم كي يسمعها!.. هذه الأغنيات ليست ملكا لأحد، بل هي تراثنا جميعا". ويوضح أنه اختصر كذلك الأغنيات الطويلة واختار الآلة التي ينبغي البدء بها "وبطريقة تساعد على أن تبقى الأغنية في آذان المستمع بطريقة فيها فرح". ويتابع قائلاً "كل ما فعلته هو تجديد الأغنية العراقية القديمة كي تبقى وتقاوم الزمن مثلما نرمم بناية قديمة لكي تبقى وتقاوم آثار الزمن".
ويحن المدفعي لبلده العراق الذي غادره مرتين، الأولى عام 1979 والثانية عام 1994، ليستقر في الأردن "صحيح أنا أعيش بالاردن ولكنني بقيت ذلك العراقي الذي يحن لبلده وكل ذكرياته".
اترك تعليقك