المدرسة المستنصرية تنتظر إدراجها ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي

المدرسة المستنصرية تنتظر إدراجها ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي

 ترجمة: حامد أحمد

يعاني صرح مبنى المدرسة المستنصرية التاريخي في بغداد الذي شيده الخليفة العباسي المستنصر بالله حوالي العام 1230 ميلادية من عوامل الاندثار والرطوبة والتلوث البيئي فضلاً عن التوسع العمراني الحضري المتاخم له .

في 5 شباط الماضي ، أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن انطلاق مشروع تأهيل مبنى المدرسة المستنصرية التاريخي التي تم تأسيسها في العاصمة بغداد خلال حقبة الخلافة العباسية في العام 1230 . الوزارة فندت الأخبار عن القيام بأعمال ترميم وتجديد في المبنى التاريخي الذي قد يلحق الضرر بالقيمة التاريخية للهيكل .

وكانت صور قد انتشرت مؤخراً تظهر فيها أربعة أنابيب تصريف مياه قد اخترقت الجدار الخارجي للمجمع المطل على نهر دجلة وما يحيط بالمدرسة المستنصرية من الخلف . يبدو مبنى المدرسة مختفياً وغير منظور في رواق محاط بدكاكين مختلفة الارتفاعات وأسواق ذات أزقة ضيقة ، من أشهرها سوق الخفافين والصفارين .

تعد المدرسة المستنصرية واحدة من أقدم الجامعات في العالم ، وأحد أعظم انجازات الحضارة الإسلامية . كانت تدرس في الجامعة علوم القرآن والطب والرياضيات على أيدي أهم مشايخ وعلماء العراق وبلاد الشام . وكان يسمح للطلاب النابغين فقط من الدخول للجامعة التي تضم أكثر من 80,000 كتاب .

مدير عام قسم صيانة وحفظ الآثار في وزارة الثقافة ، أياد محمد حمزة ، قال للمونيتر “ لقد تم ترشيح المدرسة المستنصرية والقصر العباسي لإدراجهما في لائحة اليونسكو التجريبية للإرث الثقافي الدولي وذلك منذ العام 2014

وقال إن أعمال التجديد والترميم قد أجريت بأسلوب علمي ووفق شروط منظمة اليونسكو لتعزيز فرصة إضافة المدرسة المستنصرية للائحة الدولية .

وفيما يتعلق بتفاصيل أعمال التطوير قال حمزة “ تركزت الجهود على إزالة خطر المياه الجوفية التي تهدد هيكل المبنى . وإن مستوى ماء نهر دجلة المحاذي للساحة الخلفية للمدرسة يؤثر على الأسس ، خصوصاً عندما يكون مستوى الماء عالياً .»

نفى حمزة ما تم نشره في وسائل الاعلام عن تغييرات في المبنى الأصلي للمدرسة ، مؤكداً بان جميع الأعمال في التفاصيل الدقيقة تضمنت استخدام نفس المواد الأصلية مع توثيق كل عمليات التطوير لتحديد الأجزاء الأصلية من الأجزاء الجديدة .

وأشار حمزة الى أن آخر عملية صيانة للمدرسة كانت في العام 2013 ضمن نطاق مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية . وأكد بقوله “ عملية الصيانة الجديدة يجري تنفيذها وفق جدول زمني أعدته مديرية صيانة وحفظ الآثار ، والتي تشتمل على الساحة الداخلية والسقف والنقوش والأبواب والشبابيك وشبكة تصريف مياه الأمطار والسياج الخارجي . وتشتمل هذه العملية أيضاً على تأهيل شبكة إضاءة ليزرية ومعالجة تسرب المياه في الهيكل وإيقاف زحف الرطوبة الى الأسس .

وبيّن بان التلوث البيئي الناجم عن عوادم السيارات يعد من أكثر المخاطر التي تهدد المدرسة في الوقت الحاضر . وقال إن “ المدرسة تقع في منطقة مزدحمة بمرور السيارات ، ويبدو أن المجمع مفقود وسط فوضى تجارية عارمة مع وجود محال تجارية تخفي القيمة الحقيقية للمبنى المعماري التاريخي .

وأكد حمزة بان الوزارة ستناقش حالات التقصير في تحويل المدرسة الى معلم سياحي وثقافي .

وتتألف المدرسة المستنصرية من مبنى مربع الشكل وفي الوسط ساحة كبيرة تؤدي الى أروقة متصلة نحو ما يقارب من 80 غرفة جانبية محاطة بأقواس . كانت تستخدم هذه الغرف في العهد العباسي كصفوف مدرسية ولها نوافذ لاغراض التهوية .

محافظ بغداد السابق ، صلاح عبد الرزاق ، قال إن المدرسة أهملت خلال العهد العثماني واستخدمت مقراً لقسم الكمارك . كثير من معالمها وزخارفها والكتابات على جدرانها وأبوابها قد فُقدت . واستعادت دائرة الآثار ملكية المدرسة المستنصرية في العام 1940 وسعت الى إعادة تأهيلها .

وقال عبد الرزاق إن أول عملية صيانة جرت فيها عام 1960 وتم التركيز فيها على حل مشكلة المياه الجوفية حيث كان مستوى ساحة المدرسة أدنى من مستوى السوق المجاور . وتم إعادة تأهيل الساحة باستخدام الحجر الأصفر . وأثناء الغزو الاميركي للعراق عام 2003 تعرضت المدرسة لعمليات نهب وتخريب . في عام 2005 زار وفد من اليونسكو وبعثة الأمم المتحدة اليونامي العراق للاطلاع على الأوضاع .

غيث سالم ، أستاذ جامعي في التاريخ القديم ، قال إن المدرسة كانت مدرجة في لائحة التراث الدولي كمركز تاريخي لبغداد التي تحتوي عدة مواقع . ويتوقع سالم أن تلتحق المدرسة المستنصرية بنجاح ضمن لائحة التراث الدولي لليونسكو بعد الانتهاء من أعمال الصيانة والتأهيل . واكد للمونيتر بقوله “ المعلم الثقافي هذا يحمل أرثاً دينياً يروي تاريخ المدارس الاسلامية التي كانت فيها قبل 798 عاماً مضت ، أي في حقبة الخليفة العباسي المستنصر بالله الذي بنى المدرسة من حجر فخاري .»

رئيسة لجنة الثقافة والسياحة والآثار في البرلمان ، سمية الغلاب ، قالت “ هناك تأكيد ضمن السياسة الوطنية على تحقيق جميع الظروف لضمان إدراج المدرسة المستنصرية ومواقع مرشحة أخرى في لائحة التراث الدولي لليونسكو . ودعت اللجنة الى توفير التخصيصات المالية الضرورية والإسناد اللوجستي وبذل كل الجهود الممكنة لمنع حدوث أي ضرر للمعالم التاريخية التي توثق تاريخ إرث المسلمين . ولهذا السبب تسعى اللجنة لضمان إجراء أن تكون جميع أعمال الصيانة مستندة على نهج علمي ومهني وفقاً للشروط والمواصفات الدولية .»

طارق حرب ، قانوني وباحث في تاريخ بغداد ، يعتقد بان أعمال الصيانة السابقة للمدرسة قد عملت على إخفاء معالم العهد العباسي وأسلوبه المعماري . وأضاف بقوله “ التجاوزات وتوسع العمران المدني مستمران بتهديد المدرسة .” مشيراً الى أن الحكام المغول الذين احتلوا بغداد في العام 1258 كانوا عندما يأتون لبغداد يعمدون للصلاة في هذا الصرح التاريخي قبل الذهاب لمقرات الحكم .

رغم أن موقع المدرسة المستنصرية هو في قلب منطقة تجارية في بغداد ، والذي قد يؤثر على قيمتها التراثية ، فإنه قد يكون في صالحها إذا ما كان هناك تخطيط جيد . قد يتم تطوير ما حول المجمع وتحويله الى مشروع استثمار سياحي وثقافي نافع وملتقى للفنون . المدرسة نفسها قد تتحول الى متحف تاريخي يظهر فيه أجمل أزمنة بغداد .

عن المونيتر

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top