وجهة نظر: رسالة لرئيس المجلس الأولمبي الآسيوي

وجهة نظر: رسالة لرئيس المجلس الأولمبي الآسيوي

 إياد الصالحي

دأبت خمس وأربعون دولة آسيوية منضوية تحت راية المجلس الأولمبي الآسيوي على تصريف شؤون لجانها الأولمبية الوطنية بالتعاون مع المكتب التنفيذي للمجلس الذي ترأسه الراحل الكويتي فهد الأحمد عام 1982، وحقق معه قفزات كبيرة لمدة عقد من الزمن قبل أن يتسلّم نجله (أحمد) الرئاسة عام 1992عقب أحداث حرب الخليج الثانية في السابع من آب عام 1990،

والتي رمى الكويتيون كل جهدهم السياسي والرياضي من أجل إبعاد العراق عن الأسرة الرياضية الدولية ومنعه من المشاركة في أولمبياد بكيين العام نفسه بسبب غزو نظامه السابق دولتهم، وشدّدَ أحمد الفهد موقفه المناوىء ضد العراق في جميع المحافل، ووصل الأمر الى محاربتهِ له في أي تجمّع عربي مثلما حصل في بطولة كأس العرب السابعة لكرة القدم التي ضيّفتها العاصمة القطرية الدوحة من 22 أيلول الى 1 تشرين الأول 1998، حيث أطلق تصريحاً شهيراً لصحيفة الوطن القطرية أثناء مقابلة محرّرها الزميل فيصل صالح جاء في عنوانها العريض (سنقاتل من أجل منع العراق من المشاركات الرياضية)! وتكرّر الموقف بعد عام عندما استعدّت الأردن لتنظيم دورة الألعاب العربية التاسعة (دورة الملك حسين) من 15 الى 31 آب 1999، تم دعوة العراق بعد تغييبه عن النسختين السابعة والثامنة، هدّد الأحمد بسحب الوفد الرياضي الكويتي في حال تم السماح للعراق بالمشاركة، وقال بغضب (الكرة الآن في مرمى اللجنة المنظمة للدورة، ومن يدّعي أن الجامعة العربية هي المسؤولة عن دعوة العراق يعني أنهم سيّسوا البطولة، ومن حقنا أن نقف بعيداً عن البطولة لأسباب سياسية)! ولما شارك العراق في حفل الافتتاح جرى انسحاب الكويتيين بعد انتهائه بذريعة الاحتجاج! فيما كانت الكويت طوال تاريخها الرياضي داعمة لتلاقي الرياضيين بعيداً عن خلافات دولهم مثلما بادر الراحل فهد الأحمد، يوم 12 تشرين الثاني عام 1989 ، ليقف متوسّطاً بين قائدي منتخبنا الوطني كريم علاوي ونظيره الإيراني، في ملعب كاظمة، على هامش بطولة الصداقة والسلام الدولية الودية، وطلب تصافحهما في أول لقاء بعد إنتهاء حرب طاحنة استمرّت ثماني سنوات (1980-1988).

انتهاء الحرب الباردة !

وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، كان للأحمد دور جديد، أثار استياء الوسط الرياضي في الداخل والخارج، فقد فاجأ الجميع مُعلناً أنتهاء الحرب الباردة مع أخوانه العراقيين، واستقبل يوم الأربعاء السابع من أيار عام 2003 ممثلي (المجموعة العراقية للأولمبية الحُرة) المُنتخبين من 200 رياضي في مؤتمر مدينة مانهايم الألمانية برئاسة شرار حيدر، وحارس محمد نائباً، وغازي ناجي أميناً للسر، وجعفر المظفر مديراً للعلاقات الدولية، وعضوية مجبل فرطوس ونجم عبد وجبار عيسى، ولم يخفِ الفهد صلته بإجراء اتصالاتٍ معهم ومع غيرهم في المنفى لتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون الحركة الرياضية، الأمر الذي أثار حفيظة أسرة الرياضة العراقية الذين عدّوا تشكيله المجموعة تحريضاً وتدخّلاً في شؤونهم، وأنبرى الراحل أحمد راضي في حديث لجريدة الشرق الأوسط السعودية من عمّان يوم الاثنيـن الثاني عشر من أيار 2003 بتصريح ساخن لمراسلها الزميل الأردني محمد قدري حسن، أكد فيه (من يريد أن يرشّح نفسه ويخوض صراع الانتخابات الرياضية، فالأولى أن يحقّق ذلك من داخل العراق وليس بعيداً عنه، وما سمعناه لا يمثّل في نظرنا أكثر من هواء في الشباك) !

الحظر الكروي .. والأولمبية المجمدة

وتباين موقف أحمد الفهد منذ عام 2003 الى العام الحالي 2021 في أكثر من قضية رياضية عراقية، كانت تمثل الشغل الشاغل لوسائل الإعلام، فقد تعامل مع قضية رفع الحظر الدولي عن ملاعب العراق بمتابعات خجولة ولم تكن مؤثّرة مثل حديثه مع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق جوزيف بلاتر لبحث ملف الكرة العراقية، ومطالبته أياه حسم الموضوع والسماح للعراق بتضييف جزئي للمباريات الدولية، وفي الوقت نفسه حثّه الاتحاد العراقي للعبة على مصارحته عن مدى جاهزية الملاعب والظروف الأمنية للضغط على الفيفا، ولم تفلح مساعيه قط، بينما تدخله في ملف الأولمبية الوطنية العراقية كان قوياً ليس على أساس عضويتها في مجلسه القاري فحسب، بل دعمه الواضح لرئاسة الكابتن رعد حمودي كشخصية كروية معروفة، برغم أن الأخير وضع الرياضة على سكّة التجميد والإيقاف أكثر من مرّة منذ توليه قيادة الحركة الأولمبية عام 2009!

كيف لرئيس المجلس الأولمبي الآسيوي أن يراقب، عن طريق ممثله (مواطنه) حسين المسلم، مديره العام والفني، ما جرى من سيناريوهات مثيرة للشكوك عن استمرار الوضع غير القانوني للجنة الأولمبية الوطنية المنحلّة طوال السنين الماضية، ولم يحرّك ساكناً حتى أبطلت الحكومة العراقية انتخابات 16 شباط 2019، ثم تكرّرت فوضى سيناريو مؤتمر 14 تشرين الثاني 2020 بخروق فاضحة كشفنا عنها في رسالتنا المفتوحة إلى جيمس ماكلويد مدير العلاقات والتضامن الأولمبي وممثلكم المسلم عبر جريدة المدى يوم الاثنين السادس والعشرين من تشرين الأول عام 2020 ، وطالبناهما بتأجيل الانتخابات، وفتح تحقيق بالخروق، ولم تحرِّكوا ساكناً إلا بعد أن سقطت ورقة (الصديق) بخسارة مدوّية، وسارعتم بعد ستة أيام فقط بعدم الاعتراف بشرعية الانتخابات لثبوت سبعة خروق في الميثاق الأولمبي نبّهنا عنها في رسالتنا أعلاه.

وعادت الخروق ذاتها، بل أفدح منها بإقصاء مرشّحين لديهم اعتماد قارّي ودولي، وآخرين لم يوقفوا بعقوبات المنشطات من اتحاداتهم الدولية، وهناك من لم تسمح ظروف تشكيل (مركز التسوية والتحكيم) وفقاً للنظام الاساسي للجنة الاولمبية من حسم قضاياهم، والمشكلة الكبيرة إنتخاب المكتب التنفيذي الجديد بعد يوم واحد من انتهاء المؤتمر التكميلي من دون تسمية لجنة استئناف لتقبّل الطعون حيث اضطرّ أكثر من أحد عشر مرشّحاً للانسحاب اعتراضاً على إجراءات مؤتمر 26 آذار 2021، وأعتمدتم نتائجه بعد أربعة أيام بُعيد عودة حمودي لمقعده رسمياً، وأكدتم (لقد أحطنا علماً بالاختتام الناجح للإجراءات ونتائج انتخابات اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية).

تذكير ..

نذكر أحمد الفهد بقوله "إن الكويت لم تتوسّل لأحد بشأن قضاياها حتى ولو بالسرّ، ولكل دولة ستراتيجيتها وفلسفتها، وعلينا أن نحترمها وليس بالضرورة أن يشمل أسلوبها الكل، نحن من أحترق بالنار، ونحن أدرى بمواقفنا" وعطفاً على هذه الفلسفة لا يمكن للمصادقة الدولية والآسيوية وحتى الحكومية التي تنصّل ممثلها وزير الشباب والرياضة عدنان درجال عن ممارسة دوره الحيوي كونه مخوّلاً دولياً بالتشاور والتدخّل والاعتراض واتخاذ ما يحفظ نزاهة العملية الانتخابية، لكنه ترك المهمة لمدير عام في وزارته بصفته رئيس اللجنة المشرفة بذريعة مرضه الذي لم يكن يمنعه من متابعة مجرى الانتخابات عبر التقنية المرئية (أضعف الايمان) نعم لا يمكن للمصادقة أن تطمِر الخروق في حفرة النسيان دون موقف مسؤول من مجلسكم لتقصّي الحقائق في قلب بغداد والاستماع لشهادات كل الأطراف المشاركين والمُبعدين، وكشف النتائج أمام الإعلام الرياضي العراقي، ودون ذلك فإن التستّر عن ولادة مكتب تنفيذي تطارده شُبهات (فساد التصويت) في واحدة من لجانكم الأعضاء سيوثق صفحة سوداء من تاريخ الحراك الأولمبي الآسيوي!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top