ترجمة/ حامد احمد
طلقة قناص واحدة كلفت المرأة الحامل خسارة نصف عائلتها بينما كانت تحاول هي وزوجها الهروب عبر الأنقاض في الموصل اثناء المعركة.
الرصاصة اخترقت ابنتها البالغة سنتين من العمر وتوفيت في الحال وضربت زوجها مدرس الرسم 33 عاما، الذي كان يحملها عند صدره. سقط ارضا وتوفي بعد مرور ساعات في احدى حدائق الجانب الغربي من الموصل بينما كانت المعركة تقترب منهم.
قالت المرأة لصحيفة التايمز البريطانية "دفنت ابنتي في ساحة للخردة تحت الارض، ثم رقدت بجنب زوجي الذي كان ينازع الروح طوال الليل الى ان توفي هو ايضا. عند الفجر شاهدت جنديا وعجلة يد، طلبت مساعدته لنقل زوجي عبر الأنقاض بعيدا عن ساحة المعركة لدفنه في المقبرة. كان أمرا منهكا. بدأت أنزف. وبعد مرور ثلاث ساعات اخرى فقدت جنيني غير المولود. كنت في الشهر السادس من الحمل حينها".
المرأة الارملة أم عمارة، فقدت حق رعايتها لاطفالها الثلاثة الباقين، وتم ابعادها من أربيل حيث كانت تسعى لاعادة بناء حياتها من جديد.
جريمتها هي أن أولاد عم زوجها المتوفي كان اربعة منهم اعضاء في شرطة الحسبة التابعة لتنظيم داعش. هذه القرابة ينظر لها بانها كافية لتصنيف الارملة على انها من اتباع داعش.
هذه الصفة أثرت على اكثر من 250.000 عراقي، غالبيتهم من النساء والاطفال. فهم مهمشون من المجتمع العراقي وغير قادرين على الاندماج مرة اخرى وذلك بسبب قرارات ازواجهن أو اشقائهن او ابنائهن او آبائهن، الذين الان اما مقتولين او مفقودين او قابعين في السجون، وكونهم نساء فليس لهن حول ولا قوة وانهن عرضة للاستغلال.
بلقيس ويلي، الخبيرة بحقوق الانسان في منظمة هيومن رايتس ووتش تقول: "الغالبية العظمى من هذه العوائل تعيلها نساء، واللائي ليست لديهن قدرة على العمل لجلب المال، وبالتالي يصبحن مهمشات ولا يمكنهن محو صفة كونهن من اتباع داعش".
هذه المشكلة برزت للعيان اكثر في الوقت الذي سعت فيه السلطات العراقية للمضي قدما باغلاق مخيمات تأوي آلاف من مدنيين هجروا بسبب الحرب مع داعش. ثلاثة مخيمات فقط من مجموع 18 مخيما للنازحين بقيت مفتوحة، والحكومة تسعى لاغلاقها جميعا خلال هذا العام.
غياب أي ستراتيجية لاعادة دمجهم في المجتمع يعني بان عوائل مرتبطة بداعش سيكونون مرفوضين من مجتمعات هي اصلا ممزقة. الرغبة بالانتقام تركتهم مهمشين او يعيشون حالة نزوح اخرى.
وقال مسؤول من منظمة الهجرة الدولية في الموصل: "حتى بين الأوساط المثقفة، فان النظرة على هذه العوائل الموسومة بانها من عوائل داعش، هي نظرة صادمة. المشكلة المتعلقة بعودتهم ودمجهم في المجتمع، فيما اذا كانوا في معسكر للنازحين من عدمه، هي بمثابة التحدي الاكبر الذي يواجه الموصل. بدون وجود حل واعادة دمج، فان هذه العوائل قد تكون عرضة للتطرف".
لاجل التخلص من هذه الوصمة، فانه يتوجب على العوائل اولا الحصول على تبرئة أمنية. للحصول عليها، فان الشخص القريب لأحد أعضاء داعش المزعومين عليه أن يرفع دعوى ضدهم، فيما اذا كانوا مفقودين او مقتولين.
هذا الاجراء يسمى "التبرئة" التي تخلص الاقارب من صلتهم بتنظيم داعش. ويشترط ذلك حصول موافقة القاضي ووثيقة مختومة تؤكد براءة العائلة.
بدون هذه التبرئة الامنية والوثيقة المرفقة، فان هذه العوائل العراقية غير مسموح لها التنقل بحرية داخل البلد. ولا يمكن تشغيلهم او تأجير بيت او حصولهم على اي منفعة حكومية مثل الرعاية الصحية.
التبرئة الامنية مطلوبة ايضا للحصول على شهادة ولادة وشهادة وفاة، وبدونهما فان الأطفال المولودون في مناطق كانت مسيطر عليها سابقا من قبل داعش لا يمكن تسجيلهم في مدارس.
قبل ثلاثة أشهر عندما مسك ضباط أمن اكراد أم عمارة، في اربيل وهي بدون تبرئة أمنية، كان ذلك سببا بسحب بطاقة اقامتها وطردها من المدينة.
غالبا في مثل هكذا حالة فانهم يعطوها خيارا، أما تاخذ معها اطفالها رجوعا الى الموصل أو ان تسلم رعايتهما وتتركهم مع احد الاقارب لمواصلة بقائهم بالمدرسة في اربيل.
قالت أم عمارة "ليس هناك خيار أبدا. على الاقل في اربيل يمكن لاطفالي الحصول على تعليم مدرسي. هنا في الموصل لا استطيع ارسالهم الى مدرسة لحين احصل على التبرئة الامنية وترويج المعاملة الخاصة بها. فهي تستغرق وقتا طويلا وحتى قد تكون غير مؤكدة". بدون هذه الوثيقة لا يمكن لها المطالبة بتقاعد زوجها.
واضافت بقولها وهي تبكي "خسرت نصف عائلتي في معركة ليست لدي اي صلة بها. ثم فقدت طفلي الآخرين لاتهامي بكوني من عوائل داعش بسبب قرارات آخرين ليس لدي سلطان عليهم. علي الان ان اصدر وثيقة تبرئة أمنية لافصل نفسي عن زوج انا احبه، بدون هذه التبرئة لن اكون قادرة على العيش مع اولادي مرة اخرى".
عن: التايمز البريطانية
اترك تعليقك