حسين جبار
يزخر الموروث الإنساني للشعوب بقصص المخلوقات الأسطورية، والتي حملت مسمّيات غريبة مـــثل (كابا) في الموروث الياباني، و(غرفين) الذي عُرف في الأساطير اليونانية القديمة، وكذلك تحدّثت عنه كتابات بلاد فارس القديمة ومصر، وهو نسر أسطوري له جسم أسد يُعتقد أنه يحمي من الشرّ والسِحْر، أما في موروثنا الشعبي القريب فقد كانت (السعلوة أو السعلو) أكثر وسائل الرُعب لدى الأمّهات لمنع أولادهُنّ من الخروج أو حثّهم على النوم المبكّر.
وميشزوي Michezoi ليس اسم كائن أسطوري أو بطل لروايات وقِصص الخيال العلمي، بل هو برنامج تبنّته الأُمم المُتحدة يخصُّ البيئة والرياضة، حيث عُقِد مؤتمر دولي حول البيئة والرياضة في مدينة تورينو الإيطالية عام 2003، ثم أعقبهُ مؤتمر بكين عام 2008 ومؤتمر قطر عام 2011 الذي حضره ممثلو 80 لجنة أولمبية، إضافة الى البلجيكي جاك روغ رئيس الأولمبية الدولية، وحظي بإشادة من الأمين العام للأمم المتحدة في حينها بان كي مون.
وبدايات هذا البرنامج كانت في دورة ميونخ الاولمبية عام 1972 حين وصلت الفرق الرياضية المشاركة حاملة شجيرات من بلادها زرعت في المتنزّه الأولمبي بالقرب من المدينة الرياضية،. وبرغم اعتبارها مجرّد إشارة رمزية بسيطة أو مبادرة ثقافية، فقد كانت بداية التوجّه نحو الاهتمام بالبيئة ليتحوّل موضوع البيئة وحمايتها فيما بعد إلى بُعد ثالث للفكر الأولمبي، وتتبنّى الاتحادات الرياضية ضمن لوائحها معايير وضوابط بيئية صارمة على الدول التي تقدّم ملفّاتها لتضييف أي بطولة أولمبية أو منافسات كروية أو غيرها.
وفي العام 1995 اتخذت اللجنة الأولمبية الدولية خطوات جادة لتحقيق الاعتبارات البيئية في دوراتها فوقّعَتْ اتفاقية تعاون وشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وقامت بتشكيل لجنة دولية متخصّصة للاهتمام بالجانب البيئي في الرياضة، وتبدأ اللجنة الأولمبية الدولية بتبنّي معايير وشروط بيئية دقيقة على الدول الراغبة في تضييف الألعاب الأولمبية، ومنها تقديم معلومات عن الإدارة البيئية للموارد الطبيعية في البلد وتقديم تعهّدات بأن جميع أعمال البناء التي ستقام بمهمّة الإعداد للدورة لن تتعارض مع التشريعات والأنظمة البيئية على المستويين المحلي والعالمي.
وبعدها كان الاتحاد الدولي لكرة القدم أول المبادرين لوضع هذه المعايير البيئية ضمن شروطه على الدول التي تقدّم ملفات التضييف حيث يشترط أن ترفق مع ملفاتها بيانات بيئية عن المُدن المستضيفة وتصل دقة هذه المعايير وصرامتها للحدّ الذي يطلب فيه تقديم تقييم مفصل لجودة الهواء على مدار الخمس سنوات التي تسبق الحدث، إضافة الى جودة ونقاوة المياه ضمن شبكات المياه العامة, كذلك ستراتيجية حماية البيئة وخطّة الإدارة البيئية للبلد المستضيف وليس المدينة المستضيفة للحدث فقط.
ومع الأخبار المُطمئِنة عن حسم موضوع تضييف البصرة الحبيبة لخليجي 25، نطمح إلى أن تكون اللجان العاملة على التهيئة والإعداد لتضييف البطولة شاملة ومُدرِكة للاهتمام الدولي بقضايا البيئة والبرامج الدولية المعتمدة للبيئة والرياضية، لتكون بمثابة بداية رصينة لاستثمار شعبية الرياضة ضمن برنامج وطني عراقي للبيئة والرياضة، يسهم في التوعية والتثقيف بمفاهيم قد نجدها غريبة على وسطنا الرياضي، لكن العالم المتحضّر اعتمدها وطبّقها، بل أن أغلب الهيئات الرياضية القريبة منّا في محيطنا العربي وضعتها ضمن هيكلها التنظيمي إبتداء من اللجان الأولمبية الوطنية الخليجية التي وضعت ضمن لجانها العاملة لجنة للبيئة والرياضة، وكذلك مرجعيتنا الأولمبية القارية المتمثلة بالمجلس الأولمبي الأسيوي الذي يوجد أيضاً ضمن لجانه العاملة الخمسة عشر لجنة للبيئة والرياضة.
وعلى ذكر هذا المجلس، أتمنى وبعد أن أفرزت الانتخابات بقاء رعد حمودي في منصبه، أتمنى أن ينتبه الى تمثيل العراق في الهيئات الرياضية الدولية بحجمه وعمقه الإنساني وموروثه التاريخي وما يملكهُ من إمكانات وخبرات، فمن الإجحاف أن يتواجد عضوان عراقيان فقط من مجموع 197 عضواً ورئيساً يمثلون اللجان الأولمبية الوطنية للدول الآسيوية.
اترك تعليقك