أفلام الديستوبيا: رسالة رجل ميت

أفلام الديستوبيا: رسالة رجل ميت

أحمد ثامر جهاد

يقدم المخرج الروسي"كونستاتين لوباشانسكي"الذي اشتغل عدة أفلام حول نهاية العالم أبشع كابوس سينمائي يمكن أن تراه على الشاشة. . كيف سيكون شكل الحياة اذا ما وقعت الحرب النووية؟ هل بوسعنا أن نتخيل ذلك؟هذا بالضبط ما يجعل هذا الفيلم رسالة تحذير جادة ونبوءة مفزعة حول مستقبل البشرية تتجاوز الكثير مما أنتجته هوليوود من أفلام في هذا النوع السينمائي.

حياة الناجين لا تتجاوز الاختباء في أقبية قذرة تحت الأرض، ربما أسفل بناية متحف فنون مهدم، الخروج من تلك الأقبية الضيقة لن يحصل إلا لقضاء حاجة ملحة، ولا يمكن التجول في الخارج من دون ارتداء الأقنعة الواقية لتفادي بقايا الأبخرة والسموم، فوضى عارمة وشواهد موت أليم وعذابات لا نهاية لها، أحدهم يقايض علبة لحم مجفف بمسكن آلام لزوجته، الاحبة الذي يوافيهم الأجل يدفنون في ذات الغرفة التي يسكنها من بقي على قيد الحياة. الأحياء ينامون الى جوار أمواتهم بما يتخطى طاقة العقل على التحمل.

الصفرة طاغية على مشاهد الفيلم من أوله الى آخره، لون كئيب ومقلق يجعلك دائم اليأس والتوتر، ويحيلك بشكل أو بآخر الى أجواء فيلم "ستالكر" لتاركوفسكي. البروفيسور العجوز يواصل كتابة رسائل لابنه الراحل "أريك" على أمل أن تصله يوماً ما.

لابد أن ينشأ جنس بشري جديد نعطيه قيماً ووصايا مختلفة، لابد أن نعلمه عدم الثقة بالمستقبل، حتى لا تتكرر الأخطاء،يقول القس.

عززت الكادرات المتقنة والديكورات ومناظر الساحات المقفرة والمدن الخربة من تأثير الجو القاتم للفيلم الذي يسلبك كل المشاعر الإيجابية ليبقي فقط على ذلك الجزء الصغير في وجدانك الذي يأمل برؤية عالم خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، يبدو أنه حلم البشرية العصي، إذا كان ثمة جنس آخر في مكان ما من هذا الفضاء الشاسع فإنه حتماً سينظر إلينا بازدراء واحتقار بوصفنا كائنات متغطرسة تدمر نفسها بنفسها.

البشرية نوع بايولوجي مأساوي، نوع هالك منذ البداية لأنه اعتاد أن يقضم أكثر مما يستطيع هضمه، يجب أن نشعر بالعار من أنفسنا، فقد بلغنا قمة العقل في تقدمنا الحضاري والعلمي لكننا قدنا البشرية الى نهايتها المحتومة، في رحلة العذاب الأخيرة سنرى نفر من الأطفال يسيرون متراصّين صوب المجهول وربما صوب حياة أخرى آمنة.

الأمل الوحيد هو أننا سنبقى نحب البشرية حتى في خرابها الأخير.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top