تولستوي.. سيرة حياة زاخرة بالأحداث

تولستوي.. سيرة حياة زاخرة بالأحداث

ترجمة احمد الزبيدي

صدر مؤخرا كتاب يتناول سيرة حياة الكاتب الروسي ليو تولستوي. الكتاب بعنوان Leo Tolstoy Critical Lives)) ،

ومن تأليف اندريه زورين وهو استاذ في جامعة اوكسفورد متخصص بالتاريخ والأدب الروسي .ورغم صغر حجم الكتاب نسبيا (224 صفحة) قياسا بالحياة الطويلة التي عاشها (رحل تولستوي عن الحياة وهو يبلغ من العمر 82 عاما) ومؤلفاته الكثيرة التي فاقت التسعين مجلدا.

الا انه استطاع تسليط الضوء على جوانب عدة في رحلة حياته الزاخرة بالاحداث . امتاز تولستوي بتخليه عن اشياء كثيرة في حياته ،فقد ترك الجامعة دون ان يحصل على شهادة ،و ترك الجيش ، وتخلى عن امتيازات الطبقة الأرستقراطية. ورفض التقيد بمبادئ الكنيسة الأرثوذكسية..

هذه الرغبة في التخلص من القيود والالتزامات هي إحدى المسارات التي يتتبعها مؤلف الكتاب ، وهو يروي لنا باسلوبه العذب ، محطات من حياة تولستوي الطويلة والمذهلة. الذي ولد عام 1828 في ياسنايا بوليانا ، وهي مقاطعة عائلية ، ودرس في جامعة قازان ، وحارب في القوقاز ، وأصبح أشهر مؤلف في العالم وأسس ما يرقى إلى ديانة جديدة. لقد كان مزارعًا نشيطا ، ومصلحًا تعليميًا ، وبطل إغاثة وقت حدوث مجاعة في روسيا. حاول قدر استطاعته التنصل من الشهرة ، وفي عام 1910 حاصرت وسائل الإعلام العالمية منزله بينما كان يحتضر في الداخل.

كانت فكرة الموت تشغله منذ ايام خدمته في الجيش في شبه جزيرة القرم (أدى تصويره لتفاهة شن الحروب إلى ان يصطدم بشكل مبكر بمسؤولي الرقابة في الحكم القيصري). وفي نهج مبتكر وسلس يميز سيرة حياته عن الآخرين ، يتعامل مؤلف الكتاب مع أحداث حياة تولستوي وكتاباته كوحدة واحدة غير قابلة للتجزئة. وهو يقول ، تكمن عبقرية فن تولستوي في الجمع بين الحقيقة والعمق: « فهو مستعد من خلال أية مناسبة ، مهما بدت تافهة ، لاستخلاص استنتاجات رئيسية حول البشرية”. يتناول المؤلف علاقات تولستوي مع غوركي وتورغينيف وتشيخوف ودوستويفسكي (الذي بكى عليه تولستوي يوم وفاته ، رغم أنهما لم يلتقيا أبدًا). ويخوض في الاضطرابات السياسية ، وخاصة قضية تحرر الأقنان ، والتي شكلت السياق الأوسع لرواياته.

في بلد فقدت فيه أشكال أخرى من السلطة مصداقيتها ، كان الكتّاب يحوزون مكانة خاصة وخطيرة. مع ذلك ، كان يبدو أن تولستوي ، يعتبر ما حصل عليه من مديح شيئا لا معنى له. لم تكن كتابة الروايات برأيه هي السبيل لتحسين العالم. كما هو الحال مع ملذات الجسد ، التي وبخ نفسه كثيرا حين انغمس فيها في احدى فترات حياته. (وقد قال ذات مرة ان أعادة قراءة روايته “الحرب والسلام” ، جعلته يشعر بـ “الندم والعار ...وهو شعور لا يختلف عما يختبره الرجل عندما يتلمس بقايا من العربدة التي شارك فيها.”)أندمجت آرائه السياسية والأخلاقية - الفوضوية، والراديكالية ،و المناهضة للحداثة – في شكل جديد من الهرطقة المسيحية ونشاط معارض للاراء السائدة، غريب الأطوار وبطولي في آن واحد ، مما جعله نجماً من نجوم الأدب والمجتمع. رفضت عقيدته جميع أنواع العنف والقمع ، والتي كانت تشمل ، بالنسبة له ، الانقياد لشهوات الجسد ولسلطة الدولة كذلك

ظل تولستوي حتى عشية وفاته ينتقد عقوبة الإعدام. وتم دفنه في ضيعة ياسنايا بوليانا - والتي ، كما يلاحظ مؤلف الكتاب ، قد غادرها عدة مرات ، ولكن على عكس العديد من الاماكن الأخرى ، لم يتخلى عنها أبدًا - فعندما كان طفلاً ، كان يبحث فيها عن عصا سحرية يمكن أن تخلص العالم من الشر .ولا زالت تحيط بقبره المغطى بالعشب هالة من الهدوء الغريب

هذا الكتاب الرائع لا يروي قصة حياة تولستوي بشكل واضح ودقيق في سياق التاريخ الروسي فحسب ، بل يسلط الضوء بعمق على شخصية تولستوي وقيمه ومشاعره ، و يقدم رؤى جديدة للطريقة التي شكلت بها قصة حياته الشخصية إبداعاته الخيالية.” «

«وقال عنه دونالد رايفيلد ، أستاذ الدراسات الروسية والجورجية في ، جامعة لندن لا أعرف أي سيرة حياة أخرى كتبت عن تولستوي كانت مقتضبة وموضوعية وممتعة ومثيرة للتفكير كمثل هذا الكتاب.»

. في أربعة فصول موثقة بكثافة ومكتوبة بشكل جميل ، أنتج لنا المؤلف اندريه زورين تحفة فنية حيث تتلاقى سعة الاطلاع مع الأناقة الفكرية.»

عن الايكونومست

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top