الهيئات الاقتصادية للأحزاب تمول الانتخابات و التشرينيون  يعتمدون على التبرعات

الهيئات الاقتصادية للأحزاب تمول الانتخابات و التشرينيون يعتمدون على التبرعات

 بغداد/ تميم الحسن

داخل حفلات "الختان" وعلى "موائد الثريد" يتم الترويج لمرشحي الانتخابات قبل 3 أشهر على الاقل من الموعد المتوقع لانطلاق الحملة الانتخابية بشكل رسمي. في العادة يخصص شهر واحد قبل موعد الاقتراع للدعاية، لكن بسبب وجود اغلب المرشحين في السلطة واحزابها فان موسم الانتخابات يبدأ بوقت أقرب من ذلك.

بورصة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، تصاعدت ايضا في الاسابيع الماضية، وسجل أكثر من 3000 صفحة وموقع جديدة خلال شهر. كما تحولت بعض الصفحات على تلك المواقع من صفحات خاصة بمطاعم وبيع "النراكيل" الى صفحات باسماء مرشحين.

ويوظف مرشحون كل الامكانيات لخدمة الانتخابات، ومنها الحكومية كـ"وعود التعيين" والخدمات البلدية. في احد المقاطع المصورة التي انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، يظهر مشعان الجبوري، السياسي المثير للجدل، يقوم بتوزيع "الثريد" داخل احد المضايف في صلاح الدين. وبحسب مزاعم ناشر المقطع المصور ان الجبوري، وهو رئيس حزب وطن، جمع هؤلاء الشباب من اجل الترويج للانتخابات.

والجبوري كان قد أسس تحالف باسم "الصقور"، وقال في منشور على صفحته في "فيسبوك" حول ذلك التجمع، ان آلاف الرجال من الشرقاط وبيجي حضروا الى "مضيف الوطن لمساندة مشروعنا السياسي". اما عباس العطافي، وهو نائب في البرلمان، فقد نشرت صور عن اقامة الاخير "حفل ختان" مجاني للاطفال في واسط.

وشوهد في وسط بغداد سيارة نقل "باص" برتقالية تحمل شعار تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان، وكتب عليها "النقل مجاناً". واخذ نواب في العاصمة ومدن اخرى، صورا جماعية مع سكان الاحياء المحتفلين بـ"تبليط شارع" او "نصب محولة كهرباء" بمساعدة النائب الذي يستعد لخوض الانتخابات المقبلة. ويبلغ عدد المرشحين الذين ينوون خوض الانتخابات المفترض إجراؤها في تشرين الاول المقبل، أكثر من 3500، استبعد منهم حتى الان نحو 160. وهؤلاء اغلبهم من النواب والوزراء السابقين والحاليين، واعضاء ورؤساء مجالس المحافظات، حيث يستخدمون بحسب بعض التسريبات "نفوذهم لبيع وعود التعيين وسندات الاراضي مقابل الاصوات".

تمويل الأحزاب

المفوضية العليا للانتخابات بدورها، اكدت بان لديها خطوات لمراقبة تمويل الأحزاب، لكن في الانتخابات الماضية انفقت الاحزاب رسميا أكثر من 5 مليارات دولار. وهذا المبلغ يعتبر خياليا بالنسبة لأحزاب صغيرة، بدأت مشوار مشاركتها في السباق الانتخابي بالاعتماد على متبرعين، وخاصة الاحزاب المنبثقة من احتجاجات تشرين.

مشرق الفريجي وهو امين عام حزب نازل آخذ حقي – احد تيارات تشرين- يشير الى ان حزبه "يرضى بانصاف او ارباع الحلول" لان في العراق لا توجد مساواة في التنافس الانتخابي. الفريجي يقول لـ(المدى) إنه وزملاءه "يعتبرون هذه الانتخابات محاولة قد لا تنجح بشكل كبير بسبب منافسة شرسة من الاحزاب المتنفذة والاخرى التي تملك السلاح". ويضيف الفريجي انهم يسعون الى "اشراك الامم المتحدة والدول الأوروبية في مراقبة الانتخابات وسلوك الاحزاب". ويستخدم حزب الفريجي وتيارات اخرى تشكلت بعد تظاهرات تشرين، اسلوب "اللقاء المباشر مع الجمهور" ويعتمد اغلبهم على التبرعات في التمويل.

شراء صفحات "فيسبوك"

ويلاقي سوق مواقع التواصل الاجتماعي رواجا هائلا في موسم الانتخابات، حيث يدشن يوميا، بحسب ناشطين على تلك المواقع، نحو 100 موقع على "فيسبوك" و"تويتر" و"تليغرام"، تروج لشخصيات وتهاجم آخرين.

وبشكل مفاجئ تحولت صفحات على "فيسبوك" تطوعية واخرى تروج للتسلية او لبضائع الى دعم المرشحين. مثل تغيير اسم صفحة "اللجنة التطوعية الداعمة لحقوق الشهداء والمصابين في محافظة نينوى" الى "الجماهير الداعمة للمرشح المستقل الأستاذ محمد الشاقولي/الدائرة الثامنة". وتحولت صفحة (لوز وسكر) الى صفحة (المرشحة المهندسة مروه الكبيسي) وهي احدى المرشحات عن حزب تقدم.

وتغير اسم صفحة (مقهى الافندي) على "فيسبوك" الى (جمهور المرشح مرتضى العبادي). وبحسب ناشطين ان هذه الصفحات يتم شراؤها من قبل المرشحين مستغلين حجم المتابعين للصفحة للترويج للانتخابات.

في 2018 (الانتخابات الاخيرة) كانت مفوضية الانتخابات قد حددت للمرشح الواحد ان ينفق مليون دولار، و144 مليون دولار للقائمة.

وبحسب متخصصين في الشأن الاقتصادي، فان اجمالي ما أنفقه المرشحون، وكانت اعدادهم حينها تفوق الـ6 آلاف، نحو 7 مليارات دولار.

ودخلت "الطائرات" في تلك الانتخابات، حيث كان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، يجري جولاته الانتخابية مستخدما الطائرة الخاصة بالحكومة.

شرعية الانتخابات

احمد ابراهيم، امين عام التيار الاجتماعي الديمقراطي، دعا في اتصال مع (المدى) الى دور أكبر لمفوضية الانتخابات في "رصد الاموال وطريقة انفاقها في الانتخابات"، مشيرا الى انه في 2018 "لم تلتزم القوى السياسية بالمستوى المحدد للإنفاق".

وكانت المفوضية قد اكدت في بيانات سابقة، ان الحزب يضع في بداية تأسيسه "أمواله في المصارف العراقية، وهناك سجلات منتظمة للحسابات تتضمن إيرادات ونفقات، حيث يقدم تقريراً سنويّاً بشأن ذلك ويرفع الى ديوان الرقابة المالية". واشارت المفوضية الى أن "الديوان يقوم بدوره في رفع تقرير ختامي عن الأوضاع المالية للأحزاب إلى مجلسي النواب والوزراء ودائرة شؤون الأحزاب". وشددت المفوضية على ان مصادر التمويل ممكن أن تكون "اشتراكات الأعضاء والتبرعات والمنح والاستثمار والإعانات المالية من الموازنة العامة"، مبينة أن "التبرعات والمنح تكون داخلية فقط وتمنع التبرعات الخارجية". ويؤكد ابراهيم ان القوى السياسية "مهيمنة على الانتخابات من خلالها الوزارات التي تملكها والهيئات الاقتصادية والاموال التي تأتي من الخارج". ويتابع ان "استخدام المال السياسي امر خطير جدا لأنه يحدد بعد ذلك شرعية نتائج الانتخابات من عدمها".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top