ذي قار.. حرق وتجريف أكثر من 15 بالمئة من بساتين النخيل

ذي قار.. حرق وتجريف أكثر من 15 بالمئة من بساتين النخيل

 ذي قار/ حسين العامل

ما ان تتعرض مدن محافظة ذي قار الى العواصف الغبارية وموجات الحر غير المسبوقة حتى تقفز الى ذاكرة السكان المحليين مشاهد تجريف وحرق بساتين النخيل التي كانت تشكل احزمة خضراء لتلك المدن المحاصرة بالصحراء.

فعمليات التجريف بحسب ما يقول رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار طالت اكثـر من 15 بالمئة من اجمالي مساحة البساتين البالغة 42 الف دونم، مؤكدا ان مخاطر فوضى التوسع العمراني وما ترافقها من عمليات تجريف اخذت تهدد جمالية وبيئة المدن ناهيك عن الاضرار الاقتصادية.

وقال رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار مقداد الياسري لـ(المدى) ان "من أبرز المشاكل التي تواجه بساتين النخيل في محافظة ذي قار هي فوضى التوسع العمراني التي اخذت تزحف على البساتين وتعرضها للتجريف والحرائق المفتعلة"، مبينا ان "البساتين اصبحت ضحية لتلك الفوضى وبالتالي انعكس ذلك على بيئة وجمالية المدن التي تشكل البساتين حزامها الاخضر".

واشار الياسري الى ان "حرمان الفلاحين من الدعم الحكومي وانعدام الجدوى الاقتصادية لبساتين النخيل هو ما جعل الفلاح يتساهل مع تجريف البساتين وبيعها كقطع اراضي سكنية"، لافتا الى ان " الزحف العمراني رفع من قيمة اراضي البساتين المحيطة بالمدن وهو ما اغرى عددا غير قليل من الفلاحين للتضحية ببساتينهم".

وتابع رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار ان "تجريف البساتين سيفقد البلاد مكانتها الاقتصادية في مجال انتاج التمور"، لافتا الى ان "المساحات التي تم تجريفها من بساتين المحافظة تشكل اكثر من 15 بالمئة من مساحة البساتين ومعظم البساتين المستهدفة تقع ضمن محيط المدن وهو ما عرضها للعواصف الغبارية وارتفاع درجات الحرارة".

ويعزو المعنيون بالشأن الزراعي أسباب تراجع الفلاحين عن خدمة بساتينهم في ذي قار، إلى ضعف المردود المادي الذي يجنيه الفلاح من بيع التمور، وضعف الدعم الحكومي، وانتشار الأمراض والآفات الزراعية المتمثلة بحشرتي الحميرة والدوباس، فضلاً عن مغريات الأرباح "الفاحشة" التي يمكن أن يحصلوا عليها من تقسيم بساتينهم وبيعها كقطع سكنية.

وعن دور الدوائر الزراعية والحكومة المحلية في الحد من عمليات تجريف وحرق البساتين قال مدير زراعة ذي قار صالح هادي لـ(المدى) ان "مهمة ايقاف عمليات التجريف هي من صلاحيات الوحدات الادارية كقائممقام أو مدير الناحية وذلك من خلال متابعة ووقف التجاوزات المذكورة بصورة فورية ومن ثم مقاضاة المخالفين امام المحاكم المختصة"، مشيرا الى ان "دور دائرة الزراعة يتمثل بحماية المنتج الزراعي وكذلك بإقامة الشكوى على المتجاوزين وفق قانون الحماية المذكور".

واشار هادي الى ان "الاسبوعين الماضيين اقدمت مديرية الزراعة على اقامة اربع دعاوى قضائية تتعلق بتجريف بساتين النخيل والتجاوز عليها". وعن حرائق بساتين النخيل التي تشهدها محافظة ذي قار بين فترة واخرى قال مدير زراعة ذي قار ان "بعض الحرائق ناجمة من السفرات العائلية للبساتين المتاخمة للمدن خلال الاعياد والمناسبات والعطل الرسمية وهذه الحرائق تكون غير مقصودة"، واستدرك "فيما هناك حرائق مقصودة تدخل ضمن عمليات التجاوز وتجريف البساتين اذ يقوم صاحب البستان بحرق النخيل وتجريفه لغرض بيع ارض البستان كقطع سكنية".

وكانت مديرية بيئة ذي قار حذرت ومنذ اواخر عام 2012 من تفاقم ظاهرة تجريف بساتين النخيل في المحافظة بنحو يشكل "كارثة بيئية واقتصادية"، وفيما وصفت الإجراءات المعتمدة لمواجهة هذه الظاهرة بالـ"فقيرة وغير كافية"، دعت إلى اعتماد حزمة إجراءات تشجيعية لإكرام "عمتنا النخلة". وتشير المصادر البيئية إلى أن "الأضرار البيئية الناجمة عن عمليات تجريف البساتين أكبر على سكان المدن كونها تشكل جزءاً مهماً من الحزام الأخضر الذي يقوم بتنقية الهواء ويحمي المدن من العواصف الغبارية وزحف التصحر"، ودعت الحكومة المحلية إلى "تفعيل القوانين التي من شأنها الحد من ظاهرة التجريف"، محذرةً في الوقت ذاته من "انسياق أصحاب البساتين لمغريات ارتفاع أسعار الأراضي واللجوء إلى تجريف بساتينهم". بدوره، يؤكد مدير زراعة ذي قار ما ذهبت اليه المصادر البيئية قائلا ان "جميع ما تشهده محافظة ذي قار من عواصف غبارية وتغير في المناخ ناجم عن انحسار الغطاء النباتي ولاسيما في مركز مدينة الناصرية التي تحولت فيها المناطق الخضراء الى اكشاك وغيرها من الاستخدامات ناهيك عن تجريف وحرق البساتين"، مشيرا الى ان "عمليات التجريف وحرق البساتين تنعكس سلبا ليس فقط على البيئة وانما على انتاجية التمور وانقراض بعض اصناف النخيل وهنا الضرر يكون اقتصاديا ومناخيا".

وكانت مديرية زراعة ذي قار حذّرت، في (الاول من آب 2017) من استفحال مظاهر تجريف بساتين النخيل المحيطة بمراكز المدن وتحويلها الى اراضي سكنية، وفيما أشارت الى تعرض أعداد كبيرة من البساتين الى التجريف في مناطق الناصرية وسوق الشيوخ والفضلية والعكيكة، دعت رؤساء الوحدات الإدارية الى تفعيل العقوبات الجزائية بحق المخالفين للحد منها وفقا لقانون حماية المنتوج الزراعي رقم 71 لسنة 1968.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top