اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مشاريع ضيقة

مشاريع ضيقة

نشر في: 31 يوليو, 2021: 09:50 م

 د. أثير ناظم الجاسور

بحلول العام 2003 بدا مشروع جديد صوب العراق من خلال تغيير نظام الحكم فيه قادته الولايات المتحدة معتمدة على الأحزاب المعارضة في ذلك الوقت الحاكمة حالياً على تغيير الأوضاع بكامل التفاصيل فيه ويكون نموذجاً مختلفاً وفريداً للمنطقة تحت مسميات الديمقراطية وحقوق الانسان وليكن عراق لك العراقيين،

وما ان تم احتلال العراق حتى بات المشروع الكبير يتجزأ لمشاريع صغيرة تغيرت فيها الأفكار وفق متبنيات المحتل والحاكمين الجدد، المشكلة الأكبر ان المشروع هنا تحول من قومي إلى مذهبي ديني تتخلله أفكار ليبرالية بين الحين والأخر لتجميل شكل النظام لا اكثر، هذه المشاريع بدأت من خلال الخطب والشعارات بالرغم من انها لاقت استحسان البعض من هذه الفئة او تلك إلا انها بقيت غريبة نوعاً ما إلى ان أصبحت صيغ للحكم وتولي المسؤولية.

لم تكف هذه المشاريع التي خرجت من أفكار الداعين بها وصارت صيغ حكم حقيقية من ان تخلق نماذج سياسية تقتصر على الجوانب التنظيرية لا بل راحت تؤسس لهذه الفكرة ان تكون أولوية عمل في إدارة شؤون الدولة مما جعل من الدولة برمتها أسيرة لهذه الأفكار فقفزت على الساحة العراقية مشاريع شيعية وسنية وكردية إلى جانب مشاريع مكوناتية جُل عملها هو البقاء وعدم تهميشها وقتلها، القضية الأخرى ان هذه المشاريع ساهمت في قتل الهوية الجامعة مما جعلها تساهم في تعزيز فكرة الخندق والعدو الواقف خلفه بالرغم من ان العدو تم خلقه من خلال الممارسات التي طبق من خلال العمل المؤسساتي بالدرجة الأولى، هذا جعل من الأحزاب التي تؤمن بهذه المشاريع الضيقة ان تحكم وتمارس عملية الحكم بكامل السلطوية والقوة لا لشيء سوى من اجل تهيمن وتسيطر وتبسط النفوذ.

السؤال هل هذه المشاريع هي من بُنيات أفكار هذه الأحزاب؟، الجواب ان هذه الأحزاب بشقيها السني والشيعي قد خُلقت على هذا الأساس ومنطلقاتها الفكرية بُنيت وفق تبني هكذا طروحات ساعده في مرحلة ما من مراحل الفوضى وضعف الدولة ان ترسخ افكارها وتزرعها داخل عقول جمهورها الذي خرج من عراق متخم بالظلم والدكتاتورية والحروب، جمهور كان توا يمارس طقوسه الحياتية بمنتهى الحرية وان لا يكون مراقب ومطارد لكنه وبعد سنوات وجد نفسه يدور حول نفسه في دائرة مغلقة اسمها الهوية الضيقة التي باتت فكرة تركها صعبه للغاية كون تبعات المغادرة او الاعتراض قد تكلفه حياته، في الجانب الاخر من المشروع اضحى مشروع حزبي ضيقن الجواب الثاني على السؤال هو ما يسمى بالتدخل الخارجي او السيطرة الخارجية على الداخل الذي لا يخلو من الهيمنة الخارجية على الداخل ولا يخلو من الاتفاق وفكرة التخادم غير المباشر بين الولايات المتحدة ودول الجوار العراقي، هذا التخادم الذي سمح لهذه المشاريع بالرغم من خطورتها على السياسية الإقليمية ان تطبق ويُنظر لها من كل دول الجوار حتى باتت الساحة العراقية ارض خصبة لخطاب التطرف والكراهية والانقسام، وما كان مشروع بايدن عام 2006 الداعي لتقسيم العراق إلا مرآة عاكسة لهذه المشاريع التي ساهمت بها القوى الإقليمية والدولية.

اليوم هذه المشاريع هي سبب الفوضى التي يعيشها العراق لأنها مشاريع ولدت ميته فبداخل كل طائفة فرق متنازعة على الحصص والزعامة، بالمقابل خلق زعامات متعددة متصارعة لا تؤمن بلغة الحوار والتداول السلمي للسلطة والأكثر من ذلك ترسخ في عقولها ايمان ان العراق لها وليس للعراقيين، بالتالي نجد اليوم التأكيد على الهوية العراقية سواء من خلال الصوت المجتمعي او حتى من خلال الخطب الحزبية والكتلية دليل على ان مشروع الهويات الضيقة فشل في بناء الدولة وإدارة شؤونها، ودليل على ان دولة بحجم العراق لا يُقاد من خلال طائفة او دين او قومية ومهما تعدد المشاريع الضيقة يبقى المشروع الدعي لتعزيز الهوية الوطنية العراقية هو أساس النجاح والانتقال من الحالة اللاسلم إلى السلم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

كيف يتصوَّر العقل الشيعي (الشعبي) الوجود؟

غالب حسن الشابندر الكون كما نفهمه ظاهراً هو هذا العالَم الذي يحيط بنا، شمس وأرض وبحر وجبال وصحراء وحيوانات ونباتات… كائنات ومخلوقات وظواهر شتى، هذا هو البادي للعيان، وفيما رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أكثر من مستوى نظري للكون، فهو قد يكون هذه الاشياء الظاهرة والخفية، أو هو العلاقات التي تربط بين هذه الاشياء، أو […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram