بغداد/ تميم الحسن
للمرة الثانية في غضون اربعة ايام يهاجم مسلحون مجهولون المدنيين في جنوبي صلاح الدين، فيما تشير الاتهامات الى تورط الفصائل المسلحة.
ولم يعلن "داعش" حتى الان مسؤوليته عن تلك الهجمات، التي اسفر آخرها والذي وقع في بلدة في جنوب تكريت، عن مقتل واصابة 8 مدنيين.
وتشير المعلومات الى تسجيل كاميرات المراقبة تحركات مريبة لاشخاص يتسللون الى الضلوعية التي وقع فيها الحادث الاخير، قبل ايام فقط من الهجوم.
وتعتبر المناطق في جنوبي صلاح الدين التي وقع فيها الحادث، اراضي آمنة ومحاطة بعدد كبير من الجيش والشرطة والحشد الشعبي.
وبدلا من ان يكون هذا العدد من القوات مؤشر على تثبيت الامن، لكن ما يحدث هناك هو العكس، حيث تتضارب الصلاحيات وتفرض الفصائل هيمنتها على الارض.
ومنذ اعلان بغداد التخلص من تنظيم "داعش" نهاية 2017، بدأت الفصائل المسلحة في صلاح الدين تمارس انشطة اقتصادية، اغلبها غير شرعي ومنها تهريب النفط.
وبدأت الهجمات تتصاعد في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة التي يفترض اجراؤها في تشرين الاول المقبل، وقرب انسحاب القوات الامريكية من البلاد.
هوية المهاجمين
وفي احدث الهجمات التي استهدفت مدنيين، قتل قناص يعتقد انه نفذ هجومه من مسافة عدة كليومترات، مشرف تربوي وشقيقه واصاب عددا من اقاربه في مزرعة في جنوب تكريت.
مسؤول محلي في صلاح الدين اكد في اتصال مع (المدى) ان "احد المدنيين تعرض الى اطلاق نار من قبل قناص من مسافة نحو 10 كم اثناء ذهابه الى مزرعة في الضلوعية بقضاء بلد جنوب تكريت".
وتسبب اطلاق النار الى مقتل المدني وهو طلب حسين السلامي، يعمل مشرفا تربويا، كما قتل شقيقه (رعب حسين السلامي) بعد ان حاول انقاذ الاول.
ويضيف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان: "سماع اطلاق الرصاص دفع اقارب الشقيقين للتوجه الى المزرعة".
اطلق اقارب القتيلين النار على البساتين بشكل عشوائي في محاولة لثني القناص عن الاستمرار بمهاجمتهم، لكن كانت النتيجة ان 6 من اقارب السلامي اصيبوا برصاص المهاجمين.
ويتوقع ان المهاجمين هم 3 اشخاص، حيث رصدت كاميرات المراقبة الحرارية التابعة للشرطة الاتحادية قبل يومين من الهجوم، تسلل مسلحين يحملان بنادق قنص وثالث غير مسلح الى الضلوعية.
وبحسب المعلومات ان التسلل جاء من مناطق ذات جغرافية معقدة وجرت فيها عدة عمليات تحرير سابقة دون ان يتم انهاء التواجد المسلح فيها، وهي مطيبيجة وحمرين.
ووفق تلك المعلومات فان المهاجمين ربما يكونون تابعين لتنظيم "داعش" على الرغم من ان التنظيم حتى الان لم يعلن مسؤوليته عن هجوم الضلوعية او هجوم يثرب الذي جرى الاسبوع الماضي.
وكان التنظيم قد اعلن في آخر حصيلة لهجماته، مسؤوليته عن تفجير الكاظمية ومدينة الصدر في بغداد، اللذان اوقعا اكثر من 30 قتيلا.
بعد التحرير
وعلى الرغم من ان مهاجمة القرى والمدنيين هو اسلوب يتبعه "داعش"، الا ان احداثا كثيرة جرت في صلاح الدين منذ عام 2017 بدأت تشكك بمسؤولية التنظيم عن تلك الحوادث.
اندفعت الفصائل التابعة للحشد الشعبي الى معارك التحرير على الرغم من ان حكومة حيدر العبادي حينها لم تكن متحمسة جدا لذلك الدور.
وبحسب المصادر في صلاح الدين، ان بعض الفصائل التي تدعي ارتباطها بالحشد تورطت بعد تحرير المحافظة بـ"عمليات غير شرعية" مثل السيطرة على الاراضي وتهريب النفط وابتزاز الشاحنات.
ذلك الدور الاقتصادي في محافظة مليئة بالمزارع والبساتين ومحطات تربية الحيوانات واحواض السمك، شجع اغلب الفصائل على البقاء في صلاح الدين وعدم مغادرتها على الرغم من وجود اكثر من طلب "علني" من نواب المحافظة بابعاد هذه القوات عن مدنهم.
يقول طامي المجمعي، وهو مرشح للانتخابات المقبلة في منطقة الاسحاقي القريبة من الضلوعية في حديث مع (المدى)، ان "من مصلحة تلك الجهات ان يبقى الوضع غير مستقر لتجد مبررا يساعدها على البقاء".
منذ منتصف العام الماضي، تكررت هجمات في صلاح الدين وصارت الواحدة تغطي على الجريمة التي سبقتها، ابرزها مجزرتا الفرحاتية و"البو دور"، واشارت الاتهامات الى تورط الفصائل المسلحة.
ويضيف المجمعي: "فصائل الحشد هي القوة الضاربة والمهيمنة على الوضع الامني، وهي تتحمل المسؤولية الاكبر عن مايجري من هجمات في المحافظة".
بدون رتوش
في هجوم مجلس عزاء يثرب الذي جرى قبل حادث الضلوعية باربعة ايام، كشف المسؤولون عن وجود نحو 3 آلاف عنصر امني ومقاتلين من الحشد حول البلدة.
وعلى الرغم من ذلك العدد الكبير للقوات، بقي المسلحون نصف ساعة يهاجمون المحاضرين ودورية الشرطة التي تحمي مجلس العزاء، و قتلوا واصابوا اكثر من 30 من بينهم عناصر الدورية.
وهاجم احمد الجبوري وهو وزير ونائب سابق عن صلاح الدين، العناصر التابعين لـ"عصائب اهل الحق" في ناحية يثرب التي جرى فيها الهجوم ماقبل الاخير، مطالبا بكشف احوال السكان "دون رتوش" في حال منح قيس الخزعلي الامان للمواطنين.
وقال الجبوري في حديث متلفز ان "سرايا السلام اكثر انضباطا من بقية الفصائل المسلحة المتواجدة في صلاح الدين"، مؤكدا ان "بعض فصائل الحشد في جنوبي صلاح الدين غير منضبطة وحادث استهداف مجلس العزاء في يثرب لم يكن من داعش والاهالي في يثرب ينوون النزوح الى اربيل مجددا".
وتابع، ان "المشاكل في قضاء الدور تكاد تكون معدومة، بسبب انضباط الفصائل هناك، لكن فصائل أخرى، في مدينة يثرب غير منضبطة وهم تابعون لعصائب أهل الحق".
وطالب الجبوري الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، بـ"جمع 50 شخصاً من سكان مدينة يثرب، بشرط منحهم الأمان، وسؤالهم عن أحوالهم، ليتحدثوا له بحقيقة ما يجري هناك".
ولفت الجبوري، إلى أنه "لا يمكن لأحد خلال الانتخابات تعليق صورة، حيث قامت عصائب أهل الحق، بجمع استمارات وتدوين رقم البطاقة وأسماء الأشخاص (ضمن فعاليات الانتخابات)"، مبينا "وجود جماهير بقناعة، لكن هناك أخرى بالتهديد".
يؤكد سكان قضاء بلد، الذي قسم في السنوات الاخيرة الى قطعات وعزل بالاسلاك والحواجز الترابية، بين العشائر السُنية والشيعية، بان "ليس فيها نشاط لداعش".
ويشير طامي المجمعي وهو متحدث باسم مجلس اعيان عشائر صلاح الدين، ان "الحشد الشعبي القادم من خارج المحافظة يروج للانتخابات، والحشد العشائري هو مجاميع سياسية تستخدم للانتخابات فقط".
ويمتلك اغلب النواب الحاليين والسابقين وشيوخ العشائر المعروفين في صلاح الدين افواجا من الحشد العشائري التي تتلقى رواتب وتسليحا من هيئة الحشد، لكن طامي يقول ان "هذه الحشود ليست لديها نقاط امنية ولاتقوم بواجبات حقيقية غير مرافقة النواب".
تعليقات الزوار
عبد الله حمود
يريدون تحويلها الى جرف الصخر ثانيه لاكمال حزامهم البائس