ضياع الرؤية والاستراتيجية في العراق

آراء وأفكار 2021/08/08 12:14:43 ص

ضياع الرؤية والاستراتيجية في العراق

 د. أثير ناظم الجاسور

لم تعد الحكومات في كل بلدان العالم تعتمد على مجموعة المستشارين الحكوميين او المؤسسات الحكومية الرسمية في رسم استراتيجيات الدولة وتحديد أهدافها، وراحت الغالبية تعتمد على راي المراكز البحثية وذوي الاختصاص في رسم الصور التي يُحدد من خلالها جمله من الأهداف الناتجة من المقترحات الموضوعة في هذا شأن ما،

وما مر به العراق كان من المفترض ان يعطي لصانع قراره سواء كان فرداً ام حزب ام مجموعة أحزاب الحصانة المعرفية بإدارة الأوضاع لما مر به من صعوبات وتحديات كانت العامل الأساس في تكوين الصورة التي نعيشها اليوم، هذه التحديات كانت كفيلة ا تجعل من القرارات الصادرة في إدارة وتنظيم عمل الدولة تمتلك الرصانة والقوة سواء من حيث فاعليتها واهميتها ومن حيث قوتها المحمية بقوة القانون، وليس بجديد على الجميع فان ضياع الرؤية جاء وبعد ان سادت فكرة (الحصة) في أروقة الأحزاب والكتل المتحكمة بالقرار السياسي، والتي بدورها عملت على جعل الدولة عبارة عن حصص يتم تقاسمها فيما بينها سواء كانت مؤسسات (وزارات) او هيئات الخ من التشكيلات الحكومية، وتحولت العلاقة بين هذه الأحزاب إلى علاقة تصارعية خلافية تعمل بالنتيجة على تحقيق مصالح ضيقة والابتعاد عن أي هدف قد تصب نتائجه للصالح العام.

وأثبتت التجارب ومن خلال التحديات التي واجهت الحكومات العراقية انها غير قادرة على رسم استراتيجية واضحة بسبب التأثيرات الحزبية التي لطالما عملت على تعزيز سلطاتها، تاركة كل القضايا الأساسية والثانوية مرهون بعامل الوقت الذي لم يعد يسعف، فالإرهاب والتحديات الإرهابية والتفجيرات بالرغم من قلتها عن السنوات السابقة إلا انها لاتزال واحدة من معضلات العملية الأمنية بالإضافة للجريمة المنظمة وكل الملفات التي تتعلق بالاستراتيجية الأمنية والعسكرية، هذا إلى جانب غياب الرؤية سواء بقصد او بغير قصد في تحقيق ابسط مخرجات النظام السياسي التي تتعلق بالخدمات والتعليم والصحة الخ ...، واليوم نرى التخبط الواضح في الإجراءات التي تواجه الوباء القاتل وكيف ان التعامل مع هكذا كارثة يتم بطريقة غير منطقية تنم عن عدم الاهتمام او الجدية في التعامل، وهذا واضح من خلال طريقة إدارة مسالة إعطاء اللقاحات وعملية توزيعها، هذا لا يعني عدم وجود قصور مجتمعي في جوانب مختلفة تخص مواجهة الوباء، لكن الإجراءات الحقيقية تنطلق من الإرادة الحكومية التي لابد ان تتعامل مع هكذا كوارث بجدية ومسؤولية عالية.

مجمل الأخطاء التي ترد في عمل المؤسسات هي ناتجة عن امرين الأول عملية توزيع المؤسسات بين الأحزاب واحتكار البعض منها لها والتي بدورها تعمل بكل قوة بالتأثير على القرارات الصادرة منها، والثانية هي طريقة ادارتها المبني على اجتهادات شخصية إلى جانب عملية الهدم المستمر الحاصل فيها، هذا ببساطة يعطي مخرجات غير منطقية وغير عملية بالنسبة للقارات التي تتخذها هذه المؤسسات، بالتالي فان الاعتمادالمؤسسات الاكاديمية (الجامعات) وفسح المجال للمراكز البحثية ان تكون العون في رسم السياسات العامة للحكومة ووضع استراتيجيات تعمل على دعم العمل الحكومي وعبور مرحلة حصر عملية صنع القرار بيد المؤسسات الرسمية المتصدعة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top