بغداد/ تميم الحسن
قد يتعين على 5 وزراء في الحكومة الحالية تقديم استقالتهم او الانسحاب من الانتخابات بحسب اجراء المح اليه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لمنع ازدواج المصالح. ووصلت الى الحكومة معلومات - يقول عنها مراقبون بانها متأخرة- بقيام عدد من الوزراء المشاركين في الانتخابات المقبلة باستغلال مناصبهم.
وأكثر الشكوك تحوم حول وزارة التجارة والعمل والاتصالات التي يترشح عنها 3 وزراء أحدهم تابع لاحد القوى السُنية الكبيرة. ويحق لكل العراقيين الترشح للانتخابات، فيما تستثنى شرائح قليلة من ذلك الحق، اغلبها تتعلق بالعاملين في المجال الامني والعسكري.
محمد نوري المتحدث باسم تحالف "عزم" بقيادة خميس الخنجر، يشير الى ان كتلته كانت قد دفعت في وقت سابق الى منع اغلب التنفيذين من المشاركة بالانتخابات قبل الاستقالة. "عزم" لديها وزير حالي وهو علاء احمد الجبوري، وزير التجارة، مشارك في الانتخابات عن نينوى، فيما لايجد التحالف مانعا في استقالة الاخير قبل الانتخابات، لكن بشروط:
يقول نوري لـ(المدى): "نحن مع تقديم الوزير استقالته قبل الانتخابات، لكن يجب ان يطبق هذا الامر على شرائح اخرى في العمل التنفيذي، وان يستمر العمل بهذا المبدأ في الانتخابات التالية".
وتأتي تصريحات المتحدث باسم "عزم" بعد اعلان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، عن امكانية "تخيير" الوزراء بين البقاء بالمنصب او الترشح للانتخابات. ويضيف نوري: "كنا قد طالبنا في وقت سابق ان يمنع من درجة معاون مدير عام (مدير ناحية) الى الوزير ان يشارك في الانتخابات الا ان يستقيل قبل 6 اشهر على الاقل قبل الانتخابات".
تحقيقات الحكومة
وكان رئيس الوزراء قد اعلن الثلاثاء الماضي، شروع حكومته بالتحقيق في شكاوى تتعلق باستغلال موارد الدولة في حملات دعائية انتخابية من قبل مرشحين يشغلون مناصب تنفيذية مهمة بينهم وزراء. وقال الكاظمي، خلال الاجتماع الأسبوعي مع مجلس الوزراء، بحسب بيان صادر من مكتبه إن "هناك شكاوى عن وجود استغلال لموارد الدولة في الحملات الانتخابية من قبل وزراء مرشحين أو من قبل مسؤولين لديهم نفوذ في الدولة".
وأضاف الكاظمي: "بدأنا التحقيق في وزارتين، وستفتح تحقيقات أخرى في حال ثبت وجود استغلال لموارد الدولة في الانتخابات، سنخيّر الوزراء بين البقاء في الحكومة أو الترشح للانتخابات لمنع حصول مثل هذه الازدواجية التي تتسبب في إحراج الحكومة أمام الشعب".
وتُتداول بعض المعلومات عن ان وزارة التجارة هي احدى الوزارات التي تستخدم في الدعاية الانتخابية، خصوصا بعد زيادة مفردات البطاقة التموينية.
لكن محمد نوري يقول ان التجارة "لايمكن ان تستخدم في الدعاية لانها عملها واضح وهو تقديم مفردات البطاقة التموينية وهي معروفة لدى الجميع". وتابع نوري: "نحن ندعم قرار الكاظمي بتخيير الوزراء بين المنصب والترشح لكن القرار تأخر 4 اشهر، وقد يحتاج الى تشريع".
وزارات في دائرة الشك
ويترشح الى جانب وزير التجارة، وزير الشباب والرياضة عدنان درجال عن بغداد ضمن قائمة المهنيين للاعمار، برئاسة وزير الاسكان السابق محمد الدراجي. وكانت الكتلة احد مكونات تحالف الفتح بزعامة هادي العامري. اضافة الى اركان شهاب وزير الاتصالات مرشحاً عن ديالى ضمن الترشيحات الفردية، وايفان فائق، وزيرة الهجرة، عن نينوى ضمن حركة بابليون برئاسة ريان الكلداني المقربة لمنظمة بدر.
اما الوزير الخامس فهو عادل حاشوش، وزير العمل، مرشحا عن ذي قار ضمن الترشيحات الفردية، فيما كانت وزارة ضمن دائرة الشك منذ عدة اشهر من قبل رئيس الوزراء. يقول رحيم الدراجي وهو رئيس حركة كفى المشاركة في الانتخابات، ان "على رئيس الوزراء ان يوقف معاملات وزارة العمل لانها تستغل للدعاية الانتخابية".
الدراجي وهو مرشح عن بغداد يضيف في اتصال مع (المدى): "عدد من المرشحين يروجون للانتخابات من تقديم خدمات للجمهور بمنحهم رواتب الرعاية الاجتماعية داخل الوزارة".
وكشف رئيس الوزراء في حزيران الماضي، عن ورود شكاوى على بعض مفاصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حول استغلال شريحة الفقراء لاغراض انتخابية. وقال الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت حينها، "نرفض رفضا قاطعا استغلال الوزارات للانتخابات فهذه الحكومة مهنية ومن سيستخدم الوزارات لاغراض انتخابية سيتعرض للتحقيق". واضاف، "هناك شكاوى على اجراءات بعض مفاصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وشبهات باستغلال لاغراض انتخابية على حساب قوت الفقراء من خلال دعم بعض المرشحين بما يخص رواتب الرعاية الاجتماعية وسنتحقق من هذه الشكاوى". واكد الكاظمي بالقول، "لا نقبل بان تتحول شريحة الفقراء وقوتهم ورواتبهم لمادة دسمة واستغلال للانتخابات".
غياب تكافؤ الفرص
ويعتبر المال السياسي واستغلال المناصب من اكثر القضايا التي تؤثر على سير ونزاهة الانتخابات، فيما لم تهتم مفوضية الانتخابات هذه المرة بتمويل الاحزاب. يتابع رحيم الدراجي وهو عضو سابق في لجنة النزاهة في البرلمان: "لايوجد تكافؤ في الانتخابات فاغلب الوزراء والمسؤولين يستغلون اموال الدولة للدعاية". ويشير الدراجي الى ان "موظفين في وزارات يقعون تحت ضغط الوزير والمدير للتصويت لصالح كتلة معينة، كما ان الخدمات تقدم للجمهور باسم الحزب الفلاني والعلاني". في انتخابات 2014 أصدرت المفوضية الخاصة بالانتخابات نظاما بعنوان "تنظيم الإنفاق على الحملة الانتخابية رقم 1 لسنة 2013"، وتضمن تحديد حد أقصى من الإنفاق للمرشح، وحد أقصى للإنفاق للكيان السياسي.
كما اشترط هذا النظام أن يقوم كل كيان سياسي بفتح حساب بنكي خاص بالإنفاق الانتخابي يتم من خلاله، حصرا، دفع نفقات الحملة الانتخابية وتتابعه المفوضية نفسها، وأخيرا أقر النظام عقوبات مالية في حال ثبوت ارتكاب الكيان السياسي أو المرشح مخالفة لهذه الشروط. وهذا حدث مرة اخرى في نظام الحملات الانتخابية رقم 11 لسنة 2018، حيث نصت المادة 4 منه على ان على الأحزاب والتحالفات السياسية والمرشحين الالتزام بضوابط الإنفاق المقررة. لكن في قانون الانتخابات 2020 لم يتم وضع ضوابط تتعلق بحجم الأموال المستخدمة للدعاية الانتخابية، كما ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لم تأخذ اي اجراء.
ميزانية مفتوحة
على العكس فالمفوضية العليا للانتخابات، اعلنت في تموز الماضي، عدم وجود اي سقف مالي يحدد دعاية المرشحين والأحزاب. وقال مدير دائرة الإعلام والاتصال الجماهيري في المفوضية حسن سلمان للوكالة الرسمية إن "مسألة الانفاق الانتخابي يحددها المرشح أو الحزب"، لافتاً إلى أن "بعض الأحزاب مملوءة مالياً، ولديها دعايات انتخابية قوية جداً تصل الى المليارات، ولا يوجد اي سقف محدد للدعاية الانتخابية". وبين ان "المفوضية كان لديها مشروع بإحدى المراحل الانتخابية في 2014 لعمل نظام الانفاق الانتخابي يحدد فيه السقف المطلوب لكل مرشح و حزب بالسقف المالي لكن لم ينجح بسبب ان تطبيقه، ومراقبته صعبة جداً". بدروه قال باسم خشان، وهو نائب لم يؤد اليمين الدستورية لاسباب سياسية بحسب وصفه، انه "يمكن لرئيس الوزراء ان يقيم دعوى قضائية ضد اي وزير او مسؤول يستغل اموال الدولة للدعاية".
خشان وهو مرشح عن المثنى يضيف في اتصال مع (المدى) ان "قرار الكاظمي جاء متأخرا، اذ بالفعل بدأت الوزارات منذ وقت طويل باستغلال موارد الدولة للدعاية".
واعتبر خشان قرار الحكومة أنه "ضعيف ولن يطبق"، واصفا الاجراء بانه "جاء للاستهلاك الاعلامي فقط".
اترك تعليقك