رأي بالأجنبي: الحرية السياسية

آراء وأفكار 2021/09/19 10:32:17 م

رأي بالأجنبي: الحرية السياسية

 غيوم نيكولاود*

ترجمة: عدوية الهلالي

الحرية هي حالة الانسان الذي يمكنه التصرف دون أن يخضع لإرادة تعسفية من شخص آخر. ويستدعي هذا التعريف عدة ملاحظات مهمة. أولاً ، لا يتعلق الأمر بحالة نظرية تسمح للانسان بفعل ما يشاء ؛بل نظل مقيدين بالواقع الذي يمنع البشر من التصرف بمفردهم. ما نسميه الحرية هو غياب الإكراه من انسان آخر أو مجموعة من البشر.

ثانيًا ، يفترض التعريف مسبقًا وجود الإرادة الحرة: فبدون الإرادة كمحرك للعمل ، لا معنى للحرية. أخيرًا ، أريد أن أؤكد ان، الحرية - بحكم تعريفها - فردية.

فالمجتمع الحر هو مجتمع يكون فيه الناس أحرارًا بشكل فردي. هذا ، بالطبع ، هو المثل الأعلى الذي نرغب في السعي لتحقيقه مع العلم أنه لا يمكن تحقيقه لأن المثل الأعلى للمجتمع الحر قدر يعتمد على وجود مجموعة من القواعد والمؤسسات التي تضمن عدم تعرض أي إنسان للإرادة التعسفية للآخر. وهذا هو المعنى الكامل للمادة الرابعة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 الذي ينص على أن "ممارسة الحقوق الطبيعية لكل انسان ليس لها حدود باستثناء تلك التي تضمن للأعضاء الآخرين الشراكة ، والتمتع بنفس هذه الحقوق. "و

غالبًا ما نقرأ لدى بعض الكتاب ، مصطلحات مثل "الأشخاص الأحرار" أو "الحرية السياسية". وبحسب هؤلاء المؤلفين ، يقال إن الشعب يتمتع بالحرية عندما يتمتع بالحريات السياسية. وهذا يعني أنه يحق له ، بدرجات متفاوتة ، التأثير على القرارات العامة وتنفيذها - في المقام الأول اختيار الحكومة ، وصنع القوانين ، والسيطرة على الإدارة. وهذا يعني أنه من المفترض أن يكون الشعب حرًا عندما يعيش في ظل نظام ديمقراطي.

ما نتحدث عنه هنا اذن هو حرية جماعية لا يمكن مقارنتها إلا بتعريفنا للحرية إذا وفقط صوت جميع المواطنين بصوت واحد. في الواقع ، كما يشير هايك ، فإن "الشعب الحر بهذا المعنى ليس بالضرورة شعبًا من الاشخاص الأحرار" لأن الإرادة التعسفية للبعض - الأغلبية عادةً - يمكن أن تقيد حرية الآخرين - الأقلية. وبشكل متماثل ، يلاحظ مؤلف دستور الحرية ، "ليس من الضروري أن يكون لأي شخص دور في هذه الحرية الجماعية لكي يكون حراً بشكل فردي" ؛ - وبالتالي لا يتمتع الشخص الاجنبي على سبيل المثال "بالحريات السياسية" - ولكنه يمكن ان يعيش في بلد تضمن فيه القوانين حرياته الفردية.

في هذا التعريف للحرية ، يُعتبر الشعب ككل ، كيانًا أعلى ويتم تجاهل حقيقة أن فردًا أو أكثر من أعضاء المجتمع لا يوافقون على خيارات "الشعب" في أفضل الأحوال ، وفي أسوأ الأحوال يتم قمعها بشدة. والتاريخ مليء بأمثلة لشعوب حرة استخدمت حرياتها السياسية لتعيين الحكومات التي بدورها حرمتهم من جميع حرياتهم الفردية تقريبًا] ؛ كما لو كان يفترض أن يكون العبيد أحرارا عندما يستطيعون انتخاب سيدهم.

لاتكون الديموقراطية هنا، إهانة لأولئك الذين يدفعون ثمن هذه النظريات السياسية الضبابية التي تحافظ فقط على علاقة بعيدة مع الواقع فهي ليست بأي حال من الأحوال ضمانة لحرياتنا. لقد قال توماس جيفرسون إن الديمقراطية ليست أكثر من قانون الغوغاء ، والذي بموجبه يمكن لـ 51٪ من الناس مصادرة حقوق 49 آخرين ؛ أما "الحرية السياسية" فهي الحق الذي تنتهجه الأغلبية لحرمان الأقلية من حرياتها.

هل يجب إذن رفض المبدأ الديمقراطي؟ بالتاكيد لا. فمن توكفيل إلى هايك إلى ونستون تشرشل الذي لخص الأمر بشكل جميل للغاية ، نحن نعلم أن الديمقراطية هي "أسوأ أشكال الحكم - باستثناء كل الأشكال الأخرى. ولكن ،وعلى الرغم من كل عيوبه ، يظل المبدأ الديمقراطي هو شكل الحكم الذي يوفر أفضل الضمانات ضد التعسف وقوة الفرد واختفاء الحريات الفردية. فنقاط ضعفها معروفة ، ودفاعاتها تراجعت بشكل مطرد ولكن ليس لدينا خيار أفضل ، لإنها ، أملنا الوحيد.

إن سعي أولئك الذين يريدون العيش في مجتمع حر لا ينبغي أن يهدف إلى تجاوز الديمقراطية ، لإيجاد شكل بديل للحكومة ، ولكن على العكس من ذلك ، فإن اكتشاف المؤسسات الديمقراطية هو الأكثر قدرة على ضمان الحرية. وللقيام بذلك ، أعتقد أن ظهور مجتمع حر يأتي في الأولوية من خلال إعادة تعريف الدستور الذي يبني بوضوح حقوق المواطنين. دستور يضع حجر الأساس للمبادئ العليا للقانون ويحد من نطاق "الشؤون العامة" وبالتالي مجال اختصاص الدولة.

* خبير اقتصادي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top