TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: انتخابات الطائفة وانتخابات الوطن

العمود الثامن: انتخابات الطائفة وانتخابات الوطن

نشر في: 9 أكتوبر, 2021: 11:44 م

 علي حسين

هل شعر الساسة العراقيون بالاستغراب، وهم ييشاهدون الشعب الألماني لا يريد أن يطوي صفحة أنجيلا ميركل، لان المواطن الالماني يعتقد الجميع أن ميركل وحدها القادرة على تحمل بالمسؤولية وتقبل الآخرين وطرح المشاكل ومعالجتها بأكبر قدر من الوطنية؟.

منذ أيام تدور معركة على الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، معركة بناء العراق واضيف لها استعادة هيبة الدولة وهي فصل من مسرحية شهيرة عشنا معها اسمها " السلاح بيد الدولة " ، والغريب أنه بعد 18 عاماً من الفشل يخرج علينا من يقول إن أمريكا لم تسمح لنا بتبليط الشوارع، وإن الماسونية كانت وراء تدهور الكهرباء.. وإن البعض يريد أن يكتب لنا سيناريو الجزء الثاني من فيلم الرسالة، مصراً على أن العراقيين "الكفرة" لم يسمحوا للمسؤولين "المؤمنين" ببناء البلاد وتقديم الخدمات.

يدرك المواطن جيداً أن السياسي العراقي لا يتذكر سوى نفسه ويضرب حوله سياجاً دائرياً من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار الطائفي العازل لتدخل منها آراء الناس ومشاكلهم.. ولهذا نجدهم يدفعون الناس في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب وصراع الطوائف! هل يدركون مدى اتساع الهوة بينهم وبين الناس؟.. بين من يملكون كل شيء والذين لم يعد لهم الحلم أو حتى الأمل؟.. قال ديغول لوزير ثقافته مالرو: "لا يمكن بناء وطن لا يؤمن أهله به ولا يثقون بغده، أو بغد أبنائهم".. وهذه الثقة لا يمنحها سوى سياسيين يحبون اوطانهم .

عندما يقرر البعض أن يبيح لنفسه اللعب على الحبال الطائفية، فان كلمة الوطنية تتحول إلى نوع من الضحك، لأن كل شيء يتحول إلى عبث وعجز.. وأتمنى ألّا يسخر مني البعض ويقول يا عزيزي صدّعت رؤوسنا بالحديث عن تجارب دول الشعوب وعن محبوبتك السيدة ميركل ، بينما نحن نعيش عبثاً من نوع لم يخطر على بال أبرز دعاة مسرح العبث، فعندما يخرج رئيس كتلة سياسية ليتحدث عن طائفة الوزير لا كفاءته، لأنه بحسب قوله "الطائفة هي الشعار الأول" ، كيف سيصدق الناس بكاءه على الديمقراطية عندما يغرد على تويتر: "إن الديمقراطية فشلت في العراق، لأنها اعتمدت الحزبية وأجهضت الإبداع فكانت النتيجة عراقاً ضعيفاً"؟ .

ولأن منطق الوطنية غائبٌ والعدالة مقتولة، صار كل شيء معكوساً، الطائفة أولاً ثم الوطن، فيما السياسي يُمعن في إساءة استخدام مواقع السلطة، لكي يبيع الوطن في بورصة المناصب .

نحن نعيش اليوم مع سياسيين يتوهمون أنهم أصحاب رسالة، ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء، سياسيون يعلنون عن وجودهم عبر إشاعة مفهوم الطائفة الضيق، بديلاً عن مفهوم المواطنة الذي يجتمع تحت خيمته كل العراقيين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram