هشام جمال داود
هل هي محض صدفة ان تحدث التفجيرات وسط المصلين الشيعة والحكومة تضم في تشكيلتها عناصر مطلوبة بتهم إرهابية؟
منذ ان أعلنت حركة طالبان يوم الثلاثاء ٧ سبتمبر ٢٠٢١ عن تشكيل حكومتها المؤقتة التي ضمت اثنين من أكثر المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي وهما سراج الدين حقاني وزيراً للداخلية وعمه خليل حقاني وزيراً لشؤون اللاجئين وكالة والعالم كله ومعهم المراقبون للشأن الافغاني في دهشة واستغراب من هذه الأسماء التي اختارتها حركة طالبان.
سراج الدين حقاني هو نجل أمير الحرب الراحل جلال الدين حقاني الذي لعب دوراً بارزاً بمناهضة التواجد السوفييتي في أفغانستان ومقاتلتهم، كما ويعتبر مؤسس شبكة حقاني المرتبطة بباكستان منذ بداية تأسيسها، لذا يرى المراقبون ان الدور الأكبر في دعم تشكيل هذه الحكومة يعود لباكستان نظراً لتسنم نجل جلال الدين واخوه وزارتين فيها، وان هناك عضوين آخرين من عشيرة حقاني من ضمن أسماء الحكومة هما عبد الباقي حقاني وزير التعليم العالي ونجيب الله حقاني وزير الاتصالات وكالة، إضافة إلى عبد الحق الواصق القائم بأعمال مدير المخابرات وهو عضواً في شبكة حقاني.
ويذكر ان الحكومة تشكلت بعد زيارة رئيس المخابرات الباكستانية إلى أفغانستان قبل أسبوع واحد من إعلان الحكومة.
ولا يخفى على أحد ممن يتابعون الوضع الافغاني التنازل الذي قدمه المبعوث السياسي لطالبان والذي قاد مباحثات الدوحة في قطر مع الجانب الأمريكي الملا عبد الغني برادار لصالح زعيم طالبان المتشدد الملا محمد حسن أخوند على منصب رئيس الوزراء مما يعزز الرأي القائل بأن طالبان تسير حسب توجيهات باكستان.
تعد هذه التطورات وتشكيل الحكومة المتكونة من مطلوبين بتهمة الإرهاب مؤشراً واضحاً على امرين مهمين جداً، الأول هو عدم الاكتراث من جانب طالبان للرأي الأمريكي من خلال تسمية نجل حقاني وزيراً للداخلية الى جانب عمه، اذ سبق ان أعلنت أمريكا عام ٢٠١٦ عن مكافأة خمسة ملايين دولار مقابل رأسه.
والثاني هو الدور الذي تلعبه باكستان في المنطقة والتدخل في الشؤون الأفغانية والذي لم يعد له من داعي خصوصاً وان السبب الحقيقي لدعمها السابق لكل الحركات والفصائل الإسلامية المسلحة هو التواجد السوفييتي الذي انتهى منذ أكثر من ثلاثة عقود.
اما بخصوص ما يتعلق بدول الجوار الافغاني فقد انتقدت الحكومة الإيرانية دور الجيش الباكستاني وتدخله السافر في أفغانستان، وهذا ما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الذي انتقد الهجمات الجوية على وادي بنجشير شمال أفغانستان بعد يوم واحد فقط من اعلان تشكيل الحكومة ويزعم أن تكون باكستان هي من نفذته لدعم حركة طالبان.
وادي بنجشير هو معقل جبهة المقاومة الوطنية NRF وهي جماعة مناهضة لطالبان، وقال أحمد مسعود زعيم هذه الجبهة ونجل الزعيم الراحل شاه مسعود ان أتباعه على استعداد لإلقاء السلاح إذا وافقت طالبان على انهاء الهجوم ولكن لا وجود لحد الآن على مؤشرات من هذا النوع من جانب طالبان.
بسبب احداث بنجشير والتدخل الباكستاني فإن إيران تعتبر جهودها في حث الافغانيين على تشكيل حكومة شاملة تشمل الجميع غير مجدية وهذا ما صرح به خطيب زاده بأن "إيران تدين أي تدخل أجنبي في الشأن الأفغاني".
على الرغم من كون إيران لم تعترف بعد بحكومة طالبان لكن هذا لا يعني بأنها ستستمر على موقفها الرافض للاعتراف بها.
إيران تأمل بأن توافق طالبان على عدم إيذاء الشيعة في أفغانستان ليتحقق الاعتراف ثم التعاون بينهما وتعم الفائدة على الحكومتين نظراً لوجود القاسم المشترك بينهما ألا وهو "معاداة أمريكا".
جاء في حديث سيد مهدي خزري امام صلاة الجمعة في مدينة قزوين رغم أن طالبان حركة مسلحة ومتطرفة لكنها تختلف عن القاعدة وعن داعش وان عدونا الأول هو أمريكا او الغطرسة الامريكية.
اخيراً فإن بعض المتشددين الداعمين لسياسة الحكومة الإيرانية أشاروا الى ان طالبان لم تعد تشكل خطراً على إيران، وان إيران تأمل من الحكومة الأفغانية تشكيل (فريق حل الأزمات) لإدارة السياسة الأفغانية الداخلية بشكل دبلوماسي لإزالة خطر التطهير العرقي ومنع الهجمات على جبهة المقاومة الوطنية في وادي بنجشير وعدم السماح للتدخل الباكستاني في شؤون البلاد.
لكن التفجيرات الدامية التي حصلت بعد شهر واحد فقط في قندهار وقندوز والتي كانت تستهدف المصلين الشيعة كانت مخيبة جداً للآمال رغم ان الحكومة الأفغانية قامت بإصدار بيان استنكرت فيه هذا العمل الإرهابي.
لكن يبقى السؤال قائماً: ما الذي يتوقعه الشعب الافغاني من حكومة تضم مطلوبين إرهابيين؟ كيف لطالبان ان تعادي أمريكا وتأتمر في الوقت ذاته بأوامر حليفتها باكستان؟
اترك تعليقك