السنة الرابعة للخلاص من  داعش : عودة الانتحاريين والسيطرات الوهمية و3 تفجيرات في بغداد

السنة الرابعة للخلاص من داعش : عودة الانتحاريين والسيطرات الوهمية و3 تفجيرات في بغداد

 مقتل وإصابة أكثـر من 150 مدنياً وعسكرياً واحتلال قرية لساعات

 بغداد/ تميم الحسن

في العام الرابع للانتصار على "داعش" قتل وأصاب التنظيم في هجمات متفرقة اكثر من 150 عراقياً اغلبهم من القوات الامنية، ونحو 1% منهم من الضباط، و3% من "البيشمركة"، فيما شهد العام عودة الانتحاريين.

وتسببت تلك الهجمات في احراق نحو 90 منزلا من تنفيذ التنظيم او بسبب "ثأر مضاد" من بعض المجاميع المسلحة المجهولة في المناطق المختلطة كرد فعل على هجمات "داعش"، واختطاف اكثر من 10 مدنيين.

واختتم التنظيم عامه الاخير لخسارته الخلافة المزعومة التي أعلنها في 2014، باحتلال قرية لاول مرة منذ 5 سنوات، ودفع بالمقابل الى إعادة احياء اتفاق عسكري بين بغداد واربيل، كما شهدت هذه الذكرى عودة نزوح السكان مرة اخرى. وتطورت بالمقابل أساليب التنظيم هذه المرة، حيث صار يعتمد على "تكتيك الكمائن" في ايقاع اكبر عدد من الضحايا، واستخدام اسلحة قناص متطورة. ولم تشهد السنة الرابعة للانتصار، حملات عسكرية كبيرة كالتي حدثت في الذكرى التي سبقتها، فيما لم تتوقف الهجمات في ديالى وكركوك وصلاح الدين في معظم شهور السنة الاخيرة. وكانت السنة الرابعة لطرد "داعش" مختلفة لان العنف تصاعد مرتين، مرة قبل الانتخابات التي جرت في تشرين الاول الماضي، ومرة ثانية بعد رفض نتائج الانتخابات ودخول البلاد مرحلة "الانغلاق السياسي".

وفي مثل هذه الايام قبل 5 سنوات اعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي "النصر النهائي" على تنظيم داعش، بعد اكثر من 3 سنوات من سيطرة التنظيم على نحو نصف مساحة العراق، ونزوح 6 ملايين شخص.

وكانت فاتورة الحرب باهظة جدا، حيث وصل عدد ضحايا تلك السنوات الى نحو 50 الف قتيل بين مدني وعسكري. وقدرت الحكومة السابقة كلفة اعادة الاعمار باكثر من 100 مليار دولار، فيما كانت تكاليف الجهد العسكري قد وصلت الى 300 مليار دولار. وفي أواخر العام الماضي، قال وزير الخارجية فؤاد حسين، ان "التنظيم الإرهابي موجود وأصبح أكثر نشاطا لسوء الحظ".

واضاف حسين خلال زيارة الى موسكو، ان انشطة "داعش" قد "زادت عما كانت عليه قبل أشهر قليلة"، مشيرا الى ان العراق لديه "معلومات تفيد بأن التنظيم موجود في محافظات الأنبار وكركوك وديالى وفي بعض مناطق نينوى". كما قالت قوات مكافحة الارهاب في نهاية العام الماضي، إنها قتلت واعتقلت 300 مسلح من التنظيم وتعقبت اكثر من 20 الف حساب رقمي للتنظيم، خلال 6 أشهر الاخيرة من 2020. واكد الجهاز حينها أن "عدد العمليات الأمنية التي نفذها الجهاز خلال تلك الفترة بلغ أكثر من 150 عملية"، مبيناً أن "هذه العمليات أسفرت عن القبض على 250 إرهابيا من مستويات قيادية عليا، وقتل أكثر من 50 إرهابيا".

عودة الأحزمة الناسفة

لكن مع مطلع عام 2021 شن "داعش" هجمات وصفت بـ"الاعنف" في شمال بغداد ضد القوات الامنية وسكان متعاونين مع الحكومة واستخدم انتحاريين وسط بغداد. ابرز تلك الهجمات حدث حين فجر اثنان انفسهما بواسطة حزامين ناسفين في وسط العاصمة في منطقة ساحة الطيران وتسببا بقتل 32 مدنيا، وأصيب أكثر من 110 آخرين. وبعد 6 اشهر من الحادث اعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في تموز الماضي، قبل يومين من توجهه حينها إلى واشنطن في زيارة رسمية، اعتقال جميع أعضاء الشبكة "الإرهابية" التي "خططت ونفّذت" الهجوم الانتحاري.

بداية صعود الهجمات

وخارج العاصمة كان أبرز الهجمات في بداية العام هو ما جرى في شبه جزيرة العيث الواقعة بين ديالى وصلاح الدين، حيث تسبب هجوم بمقتل واصابة 20 شخصا بينهم عناصر من الحشد الشعبي. وتقع "العيث" ضمن مناطق مطيبيجة، وهي مجموعة قرى ضمن تلال حمرين المحاذية لديالى، وتم الاعلان عن تحريرها اكثر من 5 مرات منذ 2015. ثم عاد التنظيم في آذار الماضي بعد هدوء استمر نحو شهر، ليشن هجوما على منطقة تل الذهب استمر لنحو ساعة جنوب سامراء، حيث فتح هذا الحادث الباب لعدة هجمات بعد ذلك. وفي نفس الشهر شن "داعش" هجوما في الطارمية شمالي العاصمة، ثم خطف 4 مزارعين في حقل دواجن في منطقة الحد الاخضر في ناحية العبارة شمال شرقي ديالى. وبعد ايام من حادثة "الحد الاخضر" اختطف التنظيم مزارعين اثنين في منطقة حليوة التابعة لقضاء طوزخرماتو شرقي صلاح الدين. وافاد مسؤولون محليون حينها لـ(المدى) ان عمليات الاختطاف يكون وراءها هدفان: الاول هو الثأر من بعض القرى التي لم تعد مرحبة بالتنظيم، والآخر هو الحصول على فدية مقابل اطلاق سراح المختطفين.

بين بغداد وأربيل

وفي الشهر نفسه بدأت اولى الهجمات في المناطق التي يطلق عليها دستوريا "المتنازع عليها"، تستهدف قوات "البيشمركة"، التي ستتسع بعد ذلك. وتعرضت تلك القوات في آذار الماضي الى اول هجوم من نوعه في 2021، نفذ بالصواريخ من منطقة التون كوبري جنوبي المحافظة.

بعد شهر من ذلك الحادث عاد التنظيم ليهاجم نفس المناطق المشتركة بين حدود اقليم كردستان والحكومة المحلية، لكن هذه المرة من جهة ديالى. وقتل التنظيم في سلسلة هجمات في شهر نيسان الماضي في ديالى، مختار احدى القرى في جلولاء، واحرق في احدى الهجمات 5 منازل في منطقة حلوان الواقعة بين جلولاء وخانقين، شمال شرقي المحافظة. وكان اهالي هذه المناطق يعملون منذ انهيار التنسيق بين القوات الاتحادية و"البيشمركة" في خريف 217 عقب اجراء كردستان استفتاء تحديد المصير، على حماية مناطقهم بأسلحتهم الشخصية.

استهداف الضباط وعودة الاتفاق مع "البيشمركة"

وفي الشهر الذي يليه قتل واصاب "داعش" في سلسلة هجمات جديدة 30 مدنيا وعسكريا بينهم 7 ضباط، في كركوك وديالى، والطارمية والانبار نفذت باسبوع واحد.

واحدى تلك الهجمات كانت قد حدثت مع "البيشمركة" حيث اشتبكت الاخيرة مع مسلحين تابعين للتنظيم في جنوبي كركوك.

ودفع تكرار الهجمات في المناطق الفاصلة بين حدود الحكومة الاتحادية والاقليم الى اعادة احياء اتفاق تشكيل المراكز الامنية المشتركة بين الطرفين التي ستتأخر الى كانون الاول حتى يتم تفعليها والمباشرة بالعمليات العسكرية.

مجازر ضد مدنيين

وفي نفس الشهر كرر "داعش" هجماته في الطارمية 5 مرات، وبدأت في ذلك الوقت دعوات بعض القوى المقربة من الفصائل للدعوة الى "استنساخ" تجربة جرف الصخر في ابعاد السكان عن المدينة.

وبينما كان الجميع منشغل باحداث شمالي العاصمة، كان "داعش" قد بدأ سلسلة هجمات اخرى في حزيران الماضي في قرى في منطقة العظيم شمالي ديالى، وقتل في احدى الهجمات احد شيوخ العشائر. وفي نفس الشهر ارتكب التنظيم مجرزة بحق صيادين في بحيرة حديثة غربي الانبار، حيث قتل واصاب 11 منهم اثناء رحلة صيد في البحيرة.

ثم عاد في نهاية الشهر الى ديالى مرة اخرى ليهاجم قرى "الشيخ بابا" رغم تنفيذ عدة حملات تمشيط في المنطقة وتجريف اكثر من 2500 دونم زراعي لمنع المسلحين من الاختباء. وفي ذات الشهر كان التنظيم قد تبنى هجوما في الكاظمية في بغداد بعبوة ناسفة تسببت بمقتل واصابة 24 مدنيا، قبل ان تعلن الحكومة بعد ذلك اعتقال المنفذين واحدهم كان منتسبا في جهاز امني. وفي الصيف هاجم "داعش" مجلس عزاء لاحد القضاة في يثرب، جنوب سامراء وقتل واصابة 31 شخصا. ثم عاد التنظيم وفي نفس الشهر السابع، وقتل مشرفاً تربوياً وشقيقه واصاب 6 من اقاربه في هجوم مسلح في الضلوعية جنوب سامراء ايضا. واعدم بعد ذلك جندي وابوه وشقيقه في هجوم شنه "داعش" على منزل في منطقة حلوان في شمال شرقي ديالى.

عودة السيطرات الوهمية

وشهدت الذكرى الاخيرة للخلاص من "داعش" عودة السيطرات الوهمية بعد اختفائها لنحو عامين، وقام "داعش" بنصب حواجز على طريق يربط بين اربيل والموصل وخطف في احد المرات 11 مسافرا. واظهر هذا التطور وجود نحو 100 مسلح في جبل قرة جوغ في مخمور جنوب اربيل، وهو المكان الذي حدثت فيه حالة الاختطاف. وتسبب هذا الحادث وعدم تفعيل التنسيق بين بغداد واربيل الذي ابرم في ايار الماضي، في زيادة الهجمات في هذه المناطق حتى أواخر تشرين الثاني الماضي وكانون الاول الحالي، وسقوط عدد من الضحايا من "البيشمركة".

سوق الوحيلات

وفي نفس الشهر شن "داعش" هجوما عنيفا في الطارمية شمالي بغداد، حيث تسبب بمقتل واصابة 11 من افراد الحشد الشعبي باشتباكات دامت 10 ساعات، فُتح بعدها لمرة جديدة الحديث عن "نزع السكان" عن القضاء اسوة بما جرى في جرف الصخر. وكان هذا قد حدث بعض مضي شهرين على مقتل والي الطارمية عمر جواد المشهداني، الذي اعتبر هو المسؤول عن نقل الانتحاريين الى سوق الوحيلات.

وكان تفجير السوق الذي يقع في مدينة الصدر شرقي بغداد، هو الحادث الثالث الذي جرى في العاصمة في السنة الرابعة لانكسار "داعش"، حيث تسبب بمقتل 36 وإصابة اكثر من 60.

بداية الأزمة في ديالى

في شهر ايلول بدأت ملامح ازمة في ديالى، حيث تكررت الهجمات في مناطق شمالي وشمال شرقي المحافظة، وصارت العشائر تعلن تسلحها بديلا عن الدولة لحماية مناطقها.

في ذلك الوقت كان "داعش" قد شن هجمات اخرى على قرى في كركوك وجنوب الموصل وكاد يحتل قريتين، حيث تسربت الى (المدى) آنذاك معلومات عن "تحركات مريبة" للتنظيم في هذه المناطق وعن نية تنفيذ هجمات كبيرة مع بداية 2021. اعتبرت هذه الهجمات مرتبطة مع اقتراب الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الاول الماضي، حيث كان متوقعا ارتفاع الحوادث في ذلك التوقيت. ومع انتهاء الانتخابات اضطرت 300 عائلة في قرية نهر الامام في شمال بعقوبة مركز محافظة ديالى الى مغادرة ديارهم تحت حماية القوات الامنية. وجاء ذلك بعدما هاجم مسلحون مجهولون القرية واقاموا حفلة اعدامات لاطفال وكبار في السن وصل عددهم الى 30 مدنيا بين قتيل وجريح، اضافة الى احراق 60 منزلا. وحدث هذا بعد ساعات من مهاجمة "داعش" قرية الرشاد الملاصقة لها وقتل واصابة حينها 10، بعدما كان الاهالي يستعدون لتبادل مختطفين اثنين، لكن ماجرى كان كمينا لايقاع عدد آخر من الضحايا.

"تكيتك" جديد

وكان "داعش" قد استخدم اسلوب الكمائن عدة مرات لجر القوات الامنية والاهالي الى مكان ثم محاصرتهم بالعبوات الناسفة او قتلهم عن طريق القناصين الذي ينتشرون في مكان الحادث.

وحدث ان استخدم "داعش" هذا الاسلوب مرات عديدة في كركوك وديالى وصلاح الدين، كما استخدم "قناص حراري"، لا تملكه القوات الامنية يسمح له برؤية الجيش في الليل بشكل واضح. ويتراوح سعر القطعة الواحدة للسلاح (القناص الحراري) بين 10 آلاف دولار و30 الف دولار، حسب دقة التصويب ووضوح الرؤية.

بعد الانتخابات

وفي الشهر الماضي، كان التنظيم قد اعاد ترتيب اوراقه في جبل قره جوغ قرب مخمور في جنوب اربيل، حيث عاد المسلحون الذين يقدر عددهم بنحو 100 الى المنطقة عقب انتهاء العمليات العسكرية.

وكانت (المدى) قد كشفت في آذار الماضي، عن عبور المسلحين بمجاميع صغيرة من الجبل الى جنوب الموصل لحين انتهاء العملية التي سميت حينها في الاراضي السوداء بـ"الاسد المتأهب".

وقالت القيادة العسكرية، حينها إنها قتلت نحو 30 من عناصر "داعش" في جبال مخمور، في حملة استمرت اسبوعين.

ومخمور ضمن المناطق المتنازع عليها بين بغداد وكردستان، وتقع بين جنوب اربيل والموصل والشرقاط في صلاح الدين، وتضم 3 نواح واكثر من 300 قرية اغلب سكانها من الكرد.

وبدأ داعش سلسلة هجمات في مخمور والمناطق المتنازع عليها في ديالى وكركوك وفسرت بان لها علاقة بالتوترات بسبب رفض نتائج الانتخابات، وتسببت بمقتل واصابة 40 أغلبهم من "البيشمركة" وبينهم ضباط.

واسوأ ماجرى هو احتلال التنظيم لقرية "لهيبان" بين كركوك ومخمور، حيث هجر كل السكان واحرق 16 منزلا من اصل 70 منزلا.

وعادت القوات الامنية بعد ذلك بساعات واستعادت القرية وزارها رئيس الوزراء قبل ايام، مع دخول الاتفاق الذي تأجل عدة اشهر بين بغداد والاقليم حيز التنفيذ.

وبدأت مع اقتراب الذكرى الرابعة من الانتصار على "داعش" حملتان مشتركتان لاول مرة منذ 2017 بين القوات الاتحادية و"البيشمركة" في كركوك وديالى، وهي تمهيد لعمليات واسعة للقضاء على بقايا "داعش" مع حلول 2022.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top