نافـذة من موسـكو..هل تكتسب العلاقات الروسية الإيرانية طابعا استراتيجيا ؟

د. فالح الحمراني 2022/01/09 11:09:21 م

نافـذة من موسـكو..هل تكتسب العلاقات الروسية الإيرانية طابعا استراتيجيا ؟

 د. فالح الحمـراني

قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيزور روسيا أوائل عام 2022. ونقلت وكالة تسنيم عن باهادري قوله «سيتوجه رئيسي إلى روسيا في بداية العام الجديد (2022) ، وأشار إلى أن رئيسي يعتزم خلال الزيارة ، مناقشة قضايا التعاون الثنائي والتجاري والاقتصادي بين طهران وموسكو.

وثمة موقفين مختلفين بصدد مستقبل العلاقات بين طهران موسكو، وان كانت ستنحو منحى ارتقائيا للتحول الى علاقات إستراتيجية، ام انها ستبقى على موستوى الشراكة الت يشوبها الحذر، والتعاون في مجالات محدد تقتضيها المصالح الآنية. ففي مقابلة مع بوابة “ لينتا. رو” الروسية الإخبارية، يرى جاي بيرتون، المحاضر في كلية بروكسل للإدارة والخبير في شؤون الشرق الأوسط ، بان من “ غير المرجح أن تتحسن علاقات إيران مع روسيا بانتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا جديدا بشكل كبير”. موضحا: أنه وعلى الرغم من التعاون بين روسيا وإيران بشأن النزاع السوري والإمدادات العسكرية والتعاون في مجال الذرة السلمية، إلا أن هناك عوامل تعيق العلاقات بين البلدين. أحدها رغبة روسيا في تجنب إمتلاك إيران أسلحة نووية . ونتيجة لذلك، فإن روسيا أكثر حرصا حتى من السلطات الإيرانية نفسها على إعادة إحياء الصفقة الإيرانية، المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. وعامل آخر هو الحذر المتبادل. منوها بأن طهران تشكك في الطموحات الروسية في المنطقة منذ أيام الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي. وبالتالي، هناك منافسة ملموسة بين البلدين على المشاركة القصوى في مصير سوريا، بما في ذلك انعاش اقتصادها. وبعبارة أخرى ، قد تتاح لروسيا والرئيس الإيراني الجديد فرص للعمل المشترك حيث تتوافق مصالحهما. لكن هذا لا يعني أنه سيكون هناك تحول كبير أو إعادة ضبط في العلاقات بين البلدين.

بدوره أوضح رئيس المجلس الروسي للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الروسية الأسبق ايجور إيفانوف: إن التفاهم القائم بين القيادات الروسية والإيرانية والتعاون الإقليمي والعسكري/ الفني والاقتصادي وفي المجال الانساني الى جنب الإمكانات القائمة ، تمكن العلاقات بين البلدين من الإرتقاء الى مستوى استراتيجي في مجالات الاقتصاد والسياسة والأمن، منوها بان روسيا تنظر إلى إيران على أنها دولة يمكن أن تكون شريكا موثوقا به في مختلف المجالات في المنطقة. وإيران تنظر أيضا إلى روسيا الجديدة بثقة كبيرة.

وقال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين خلال زيارته لطهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس إبراهيم رئيسي، إن روسيا تولي أهمية كبيرة لتنمية العلاقات مع إيران ،وفي رده على ذلك ، قال الرئيس الإيراني للسياسي الروسي إنه يعتبر حجم العلاقات بين البلدين جيداً لكنه غير كافٍ، واقترح الارتقاء بها إلى مستوى جديد بالتوقيع على وثيقة تعاون روسية إيرانية “شاملة” بشأن أقصى قدر من التوسع وتعزيز التعاون بين البلدين. وستصبح طهران قريبا عضوا كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي تحالف روسي صيني في الأصل، والآن سيحتاج الجميع إلى العمل معا بجدية شديدة للتعامل مع أفغانستان. لكن بصرف النظر عن سوريا وأفغانستان فإن لروسيا وإيران العديد من المصالح المشتركة، بما في ذلك تلك التي تتجاوز المنطقة الإقليمية.

ومع ذلك ، يجب تقييم آفاق تطوير العلاقات الروسية الإيرانية مع الأخذ في الاعتبار موقف المرشد الأعلى اية الله خامنئي الذي تخفف معارضة للولايات المتحدة التحفظات الروسية على طهران. وخلال زيارته لموسكو في عام 2015 ، قال في لقاء مع بوتين إن “الخطط طويلة المدى للولايات المتحدة في المنطقة تلحق الضرر بجميع الشعوب والدول، وخاصة بروسيا وإيران ، ويجب نسفها من خلال اليقظة والحذر. والتعاون وثيق “، مشيرا أيضا إلى أنه يرى ببوتين شريكا إقليميا موثوقا به، وكان الرئيس بوتين أول من هنأ رئيسي على انتخابه للرئاسة في حزيران 2021 ، مؤكدا بذلك للعديد من علماء السياسة الإيرانيين مكانة رئيسي باعتباره الخليفة المحتمل لخامنئي بعد وفاته. ومع ذلك يرى بعض الخبراء إن فيض البيانات الرسمية والعلاقات التجارية لا يمكن أن تبدد عدم الثقة والعداء القديمين تجاه روسيا. وتم إدخال نظام بدون تأشيرة بين روسيا وإيران في يونيو 2021لتفعيل الاتصالات بين البلدين. وكان هذا موضع تقدير كبير من قبل الإيرانيين، الذين منحوا السفر بدون تأشيرة إلى عدد قليل من البلدان. وتهدف هذه الخطوة إلى تحقيق تفاهم متبادل أفضل وتقليل انعدام الثقة بين المجتمعين الروسي والإيراني.

وعلى حد رأي تقرير لمعهد الشرق الآوسط فانه وعلى الرغم من أن روسيا أقامت علاقات قوية إلى حد ما مع طهران ، فإن عدم الثقة والعداء تجاه روسيا لم يختفيا في أي مكان ويغذيه بشكل منتظم شخصيات المعارضة ، سواء ذات التوجه الغربي أو المعسكر المحافظ. ووفقا لمعطياته يمكن للمرء في إيران أن يسمع باستمرار اتهامات لروسيا بأنها أغرقت إيران بعملائها ودفعت شعبها إلى السلطة. ويرى معظم الإيرانيين حسب التقرير أن العلاقات الوثيقة مع روسيا مؤقتة، وضرورية لمحاربة الولايات المتحدة وحلفائها. في ظل التشابك المعقد للمصالح الإيرانية الداخلية ، ولا يسع القيادة الإيرانية إلا أن تأخذ في الحسبان مواقف جميع مجموعات النفوذ ، مما يحد من إمكانية تطوير التعاون الثنائي.

وعلى المستوى الاقتصادي ، بلغ حجم التبادل التحاري بين البلدين بحلول إنهيار الاتحاد السوفياتي 1.3 مليار دولار. وسبب هيمنة البضائع العسكرية في جدول حجم التجارة قلقا للولايات المتحدة وحلفائها. وأدت العقوبات المناهضة لإيران التي فرضتها إدارة كلينتون إلى تغيير كبير في هيكل التجارة الذي بدأت فيه مشاريع الطاقة بالهيمنة. وفي عام 1995 ، وقعت موسكو وطهران اتفاقية لبناء محطة للطاقة النووية في بوشهر. وفي التسعينيات، لم تستطع روسيا حل المشاكل الاقتصادية لإيران التي تراكمت على مدى عقود ، على عكس الآمال التي علقها عليها جزء معين من المجتمع الليبرالي الإيراني. وفي عام 2012 ، أشار رفسنجاني إلى أنه “خلال ربع القرن الماضي ، فشلت إيران وروسيا في إقامة شراكة تجارية قوية وواضحة. إن أهم سلعتنا [النفط] التي يمكن أن تقدمها إيران إلى دول أخرى لا تجتذب الروس ، كما أن العديد من التقنيات والسلع الروسية لم تكن أبدا أولوية بالنسبة للجانب الإيراني ” وبلغت الصادرات الروسية إلى إيران أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2010 ، وبعد ذلك تراجعت بحلول عام 2013 بنحو 2/3 من 3.4 مليار إلى 1.2 مليار دولار. وتذبذبت الصادرات الإيرانية حول علامة 500 مليون دولار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. كما أصيبت التجارة غير العسكرية بالركود خلال العقد التالي.

وحتى تجارة الأسلحة الناجحة نسبيا فشلت في إقناع تلك القوى في القيادة الإيرانية التي تشكك في حكمة الوثوق بموسكو. وأدت قصة شراء نظام الدفاع الجوي S-300 إلى زيادة درجة عدم الثقة بين طهران وموسكو. لم تبدد شكوك المؤسسة الإيرانية حتى بعد تسليم موسكو لطهران أنظمة الدفاع الجوي في عام 2015 . وبحسب المعلومات التي نشرتها اللجنة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية ، بلغت التجارة بين إيران وروسيا في عام 2020، 2.22 مليار دولار ، منها 1.42 مليار دولار يتم تصديرها من روسيا ، ومقارنة بعام 2019 زادت التجارة بين البلدين بنسبة 39.8٪.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top