TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ليس بالتكتك والأكفان تُبنى الأوطان

العمود الثامن: ليس بالتكتك والأكفان تُبنى الأوطان

نشر في: 9 يناير, 2022: 11:38 م

 علي حسين

آخر نكتة في قاموس السياسة العراقية: نائب من ائتلاف دولة القانون يحضر الجلسة الأولى للبرلمان وهو يرتدي ملابس بسيطة، معلناً أنه يتضامن مع الفقراء، وأنه لن يرتدي الغالي والنفيس، لماذا ياسيدي لا تريد أن تتمتع بخيرات البرلمان وتصر على أن تصبح مثل أبو حيان التوحيدي تشكو من "الكسيرة اليابسة، والبقيلة الذاوية، والقميص المرقع"؟،

يجيبك بأنه ارتدى هذه ملابس للتعبير عن مظلومية الفقراء من أبناء المثنى"، كلام جميل لو أن السيد النائب لم يكن يوماً عضواً في مجلس محافظة المثنى لسنوات ممثلاً لائتلاف دولة القانون الذي في زمنه حصلت المثنى على المرتبة الأولى في عدد الفقراء. هل انتهت المسألة بهذا المشهد ؟، لا ياسادة، كان لابد من مشاهد مثيرة أخرى، فهناك عربة "التكتك" التي ستبحر ببعض النواب إلى قبة البرلمان، فيما اختار البعض الآخر أن يلبس الكفن تعبيراً عن أننا شعب لا يحب الدنيا ومتعها ، وينتظر الشعب بالتاكيد نوع الساعة التي سيرتديها " ابو مازن " .. جميل أن يحاول بعض النواب وهم يعبرون بخطواتهم عتبة البرلمان أن يقدموا للشعب مشاهد تبهجه، لكن ياسادة إن شؤون البلاد والعباد لا تدار بالتكتك ولا بالأكفان ولا بالنحيب على اللبن المسكوب ولا بالخطابات والهمسات والاتفاقيات الغامضة.. لا بد من أشياء أخرى مقنعة للناس وهذا ما يجب أن يتوفر في مجلس نواب يرفع شعار الإصلاح والتغيير. وحري بأهل البرلمان الجديد أن يكون شغلهم الشاغل هو التكفير عن سيئات مجالس البرلمان السابقة التي شهدنا في عصورها تغيُّب القانون والعدل، وهوس الحصول على كل شيء. العراقيون اليوم وبعد ان قدموا آلاف الشهداء في المعركة ضد الارهاب ، وفي ساحات الاحتجاج يريدون أن يدخلوا مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الخوف وفقدان الأمن والأمان.. يا أعزائي النواب الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا من مشاهد الأكفان التي رافقت تاريخ هذه البلاد المظلومة.

للأسف الديمقراطية في العراق تتحول يوما بعد آخر من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك، راح ضحيتها في اليوم الأول سياسي من وزن ثقيل مثل محمود المشهداني صاحب المقولة الشهيرة: ".. اللي ما ينطينا مالاتنا نزعل عليه، واللي ينطينا نرضى عليه، ومراح نفكر بأن هذا رئيس وزراء مهني لو مو مهني، يشتغل زين لو ما يشتغل زين، هاي مسألة ما تهمنا، المهم ينطينا" (المالات)!.

في خضم الحماسة البرلمانية ينسى البعض أن التصدي للسياسة يعني أن تكون قادراً على صنع موقف والدفاع عنه ، يعني أن تؤمن بأنه قد تأتيك ثقة الناس في لحظة لكي تقوم بدور حقيقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram