ترجمة/ حامد أحمد
شهد العراق مرة ثانية خلال الشهر الماضي زيادة في عمليات العنف السياسي، ولكن بدلا من القواعد والأرتال ألأميركية التي يتم استهدافها على نحو متكرر، فان الهجمات هذه المرة طالت اهدافا غير متوقعة. حيث استهدفت الأسبوع الماضي مقار أحزاب سنية وكردية بقذف رمانات هجومية عليها.
وفي يوم الاحد الماضي تم استهداف مصرفين كرديين في بغداد برمانات هجومية، وفي يوم الاثنين هاجم مسلحون منزل رجل دين شيعي في محافظة المثنى.
ويشير تقرير نشرته وكالة DW الألمانية الى ان التصاعد الأخير بالهجمات ناجم عن ازدياد حدة التوترات مع اقتراب تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.
الفائز بانتخابات تشرين الأول هو تحالف سائرون الذي حصل على 73 مقعدا، رغم ذلك فانه لا يمكنه تشكيل حكومة بمفرده ولكن له الكلمة في تشكيل الحكومة بعد التحالف مع كتل فائزة أخرى. اما تحالف الفتح بقيادة هادي العامري والذي تنضوي تحته مجاميع فصائل مسلحة من الحشد فقد خرج من الانتخابات بفوزه بـ17 مقعدا فقط وهو تراجع حاد عن أدائهم في الانتخابات السابقة حيث تمكنوا ان يحصدوا خلالها 48 مقعدا.
ويذكر التقرير انه في السابق عندما يأتي الامر على تشكيل حكومة، فان التحالفات الطائفية غالبا ما يكون لها اعتبار. حيث اعتادت الكتل الشيعية التشارك بالسلطة عبر تشكيل الكتلة الأكبر مما يسمح لهم ذلك باختيار الرئيس الذي بدوره يكلف رئيس الوزراء لتشكيل حكومة، اما الوضع الحالي فلم يعد كذلك.
فنار حداد، باحث مساعد لدى جامعة كوبنهاغن وخبير بالشؤون السياسية والطائفية العراقية، قال لموقعDW" " التنافسات بين المجاميع والكتل الشيعية هي بمثابة التهديد الرئيسي لمنظومة السياسة الطائفية العرقية المتبعة في تشكيل الحكومة والتي تهيمن عليها أحزاب متنفذة، هذه المنافسات هي ليست بالجديدة ولكن لم تكن بهذه الحدة".
ويضيف حداد قائلا إن "المشهد السياسي في العراق قد تغير ولم يعد يُسَيطر عليه من خلال مبدأ سياسات الهوية، بل انه يميل لمبدأ التضامن المجتمعي".
في الواقع ان الصدر، زعيم تحالف سائرون الفائز بالانتخابات، قد صرح على نحو متكرر بانه يريد تشكيل حكومة اغلبية تنهي الطائفية والفساد وتستبعد الأحزاب التي ترتبط بها مجاميع مسلحة.
وفي وقت سابق من شهر كانون الثاني تحالفت كتلة سائرون مع كتل سنية وكردية في اول خطوة نحو الامام لتشكيل حكومة جديدة تمثلت بإعادة انتخاب محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان لدورة ثانية.
وخلال هذا الأسبوع نشر الصدر تغريدة له مؤكدا بالقول "لا شرقية ولا غربية، حكومة اغلبية وطنية"، وذلك في إشارة للمعسكر الإيراني والأميركي.
الباحث، ديفيد لابود، من مؤسسة كونراد اودينور للدراسات في لبنان، يقول "رغم انه لم تدعي أية جهة مسؤوليتها عن هذه الهجمات، فانها تبدو على نحو كبير بانها احدى ستراتيجيات التفاوض والضغط للمشاركة وان يكون لها دور في تشكيل الحكومة".
ويشير التقرير الى ان هذا الأسلوب الجديد من الضغط من اجل قلب نتائج شرعية للانتخابات عبر التهديد والعنف، يأتي وسط تصاعد الأمل من ان برلمان العراق القادم سيكون اكثر صعوبة تمثيلا. قانون الانتخابات الجديد يعني انه للمرة الأولى ستكون هناك معارضة حقيقية مستقلة في البرلمان العراقي.
السؤال المطروح الان هو إلى أي طريق تتجه البلاد؟ هل ستتجه نحو مزيد من العنف واحتمالية حرب أهلية؟ أم نحو ديمقراطية حقيقية اكثر؟
يقول الباحث حداد "اعتقد ان ما سيحصل هو تجاذب بين هذين الاتجاهين، العنف السياسي سيستمر وربما يتصاعد، ولكن أتوقع أن احتمالية التوصل لاتفاق هي اكثر من احتمالية الانجرار لحرب أهلية. سيكون امرا مكلفا في حال استبعاد لاعبين رئيسيين من الحكومة".
من جانبه يقول الباحث، لابود، ان الكتل الشيعية ستتوصل في النهاية الى اتفاق. وأشار الى ان قانون الانتخابات الجديد يعني انه حتى الكتل والأحزاب التي خسرت كثيرا من المقاعد فانها في الواقع حصلت على كثير من الأصوات.
ويقول الباحث حداد "يبدو انه للمرة الأولى سيكون البرلمان القادم يحتوي على معارضة رسمية بغض النظر عن كيفية تحالف الاحزاب الشيعية فيما بينها".
ومضى حداد بالقول "انها سابقة مرحب بها في الاعراف السياسية العراقية. أما مدى حجم ووحدة وفعالية هذه المعارضة فانه أمر سيبقى قيد الانتظار. ولكن في نهاية المطاف ستكون للمعارضة إمكانية تحدي العرف الذي هيمن على سياسة البلد لما بعد عام 2003".
عن موقع DW الألماني
اترك تعليقك