إيرج بزشك زاده يودع  خاله العزيز نابليون

إيرج بزشك زاده يودع خاله العزيز نابليون

علي حسين

ابعد رحلة لاكثر من اربعين عاما في المنافي توفي الكاتب الايراني إيرج بزشك زاده عن عمر يناهز الـ “ 94 “ عاما،

وقالت عائلته التي تعيش في الولايات المتحدة الامريكية انه تعرض الى جلطة قلبية لم تمهله طويلا، اشتهر إيرج بزشك بروايته “ خالي العزيز نابليون “ والتي تدور احداثها في طهران خلال الحرب العالمية الثانية، وتتركز على بطل الرواية نابليون” وتابعه “ مش قاسم “ وكأنها تريد تذكير القراء ببطل ثربانتس “ دون كيخوته وتابعه سانشو”، وقد اطلق اسم “ نابليون “ على بطل الرواية، لانه مغرم بالقائد الفرنسي الشهير ويجمع في بيته كل ما كتب عنه، وبسبب هذا الاعجاب المبالغ فيه يتوهم الخال نفسه نابليون وان الانكليز يحوكون المؤامرات ضده، ويتخيل معاركه في البلدة التي يعيش فيها بانها معارك ضخمة ضد بريطانيا التي تريد القضاء على “ الخال “ نابليون، وكان نابليون قد خسر معركته الشهيرة “ واترلو “ ضد الجيش البريطاني عام 1845. وصفت الرواية التي باعت ملايين النسخ في ايران بانها الرواية الأكثر شعبية التي تمت كتابتها في إيران على الإطلاق” ويصفها النقاد بانها “أطرف رواية باللغة الفارسية».

تم تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني بث على التلفزيون الإيراني في أواخر السبعينيات. وحصد على شهرة كبيرة حتى يقال ان شوارع طهران كانت تخلوا من حركة المرور عند بث حلقة جديدة منه

كانت “ خالي العزيز نابليون “ موجهة بشكل رئيسي إلى نظريات المؤامرة الإيرانية المحيطة بالبريطانيين، الذين احتلوا، إلى جانب السوفييت، أجزاء من إيران خلال الحرب العالمية الثانية بحجة حماية احتياطيات النفط في البلاد.، وفي عام 1953، ساعد البريطانيون الشاه لللإطاحة برئيس الوزراء محمد مصدق، مما زاد الشكوك بين الإيرانيين حول وجود يد بريطانية في جميع شؤون البلاد.لكن الرواية أيضا وجهت انتقادات شديدة لرجال الدين الذين وصفتهم بالمنافقين لانهم وقفوا ضد ثورة مصدق آنذاك، ولم يفوت رجال الدين لإيرج بزشك هذه السخرية، حيث تم حظر الرواية بعد نجاح الثورة الايرانية عام 1979، لكنها ظلت متداولة في الخفاء.

ولد إيرج بزشك زاده في طهران عام 1928، والدته ربة منزل، وكان والده طبيبا مشهورا. درس في طهران ثم اكمل دراسته في فرنسا حيث حصل على شهادة في الحقوق. بعد عودته من الدراسة عمل في سلك القضاء، ولم يكن سعيدا بمهنة القاضي، فانتقل للعمل في وزارة الخارجية في دائرة الشؤون الثقافية، بدأ حياته الادبية في اربعينيات القرن الماضي حيث ترجم بعض من اعمال مولير وفولتير، وكتب العديد من المقالات في الصحف، إلا ان شهرته الادبية ترسخت مع نشر عمله “ خالي العزيز نابليون “. بعد الاطاحة بالشاه اضطر الى الهجرة الى فرنسا حيث عاش مع الكثير من المهاجرين.. كتب يتهم بريطانيا والغرب بالعمل على اطاحة الشاه وقال في تصريح لـ “ البي بي سي “: “ في الوقت الذي كتبت فيه خالي العزيز نابليون، كنت مثل جميع الايرانيين ندرك أن الإمبريالية البريطانية بكل قوتها وعظمتها قد تلاشت. واضاف :” وحاولت في الرواية ان اسخر من رهاب المؤامرة، لكن ادركت فيما بعد ان الغرب متأمر “.. عام 2019 سافر الى لوس انجلس لزيارة بعض افراد عائلته إلا ان جائحة كورونا منعته من العودة الى باريس فعاش سنواته الاخيرة في امريكا.

قال في حوار نشر معه عام 2006 :” عندما كنت أكبر بقليل من شخصية الراوي في خالي العزيز نابليون، وقعت في حب فتاة جميلة، لكن وقفت في طريق العديد من العقبات أدت في النهاية أن تتزوج الفتاة من شاب ينتمي لعائلة ثرية “ ويتابع قائلا : “ خطر ببالي أنني أستطيع كتابة رواية عن تجاربي الخاصة.، لكن بعد كتابة عدد من الصفحات تخليت عن الفكرة، لكني وجدت من خلال رواية خالي العزيز نابليون انني قادر على تحقيق حلمي بان اصف الفتاة التي احببتها ببراءتها الحقيقية، أيقنت أن بإمكاني أن اتتبع قلبي وأتذكرها، وأن أجعل عطرها ينعش أجواء الشك السام والتآمر التي كانت تحيط بقصة الحب هذه «.

كتبت آذار نفيسي صاحبة الرواية الشهيرة “ أن تقرأ لوليتا في طهران: “ لنتخيل أننا بصدد إنشاء قائمة قراءة لمساعدة الخبراء والمحللين للتعرف على شؤون ايران، بالتاكيد كنت سأضع خالي العزيزنابليون في مكان عزيز بالقرب من القمة. وتابع قائلا: “إن خالي العزيز نابليون في نواح كثيرة تعمل على تفنيد الصور القاتمة لإيران التي هيمنت على العالم الغربي لما يقرب من ثلاثة عقود”. مضيفة ان رواية إيرج بزشك زاده تمثل صوت ايران المصادر والمكتوم وتكشف عن ثقافة مليئة بإحساس عميق بالسخرية والفكاهة، فضلاً عن الشهوانية والحنان. وفي مقالتها تصر آذار نفيسي على ان “ خالي العزيز نابليون “ سخرية سياسية بامتياز، فالمواقف الساخرة في الرواية لا تقتصر على الأشخاص” العاديين “ ولكنها في الواقع أكثر انتشارًا بين ما يسمى بالنخبة السياسية والفكرية».

عام 2020،قال إيرج بزشك زاده في مقابلة مع صحيفة امريكية انه يعاني من عدم القدرة على القراءة والكتابة، وهو يتوق للعودة الى طهران برغم ان كل معارفه الذين عاش معهم طفولته وشبابه قد رحلوا، مضيفا بحسرة “ كيف يمكن للانسان ان ينسلى مدينته».

عندما صدرت “ خالي العزيز نابليون “ علق إيرج بزشك زاده على الضجة التي احدثتها روايته بالقول: “إذا أردتم تقديم أي ادعاءات بالواقعية لهذه الرواية، فستكون قصة حب مأخوذة من تجربتي في الحياة «.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top