«الدكة العشائرية».. فوضى عارمة تثير الذعر وتقلق السلطات الأمنية

«الدكة العشائرية».. فوضى عارمة تثير الذعر وتقلق السلطات الأمنية

 بغداد/ حسين حاتم

على الرغم من تجريم النزاعات العشائرية او ما يعرف بـ»الدكة العشائرية» التي تفضي إلى القتل بانحسار المشاكل القبلية في بعض المحافظات العراقية، الا أنها تطوّرت إلى مراحل باتت تمثّل وجهاً آخر من وجوه الإرهاب للمواطنين، مما ينذر باضطرابات أمنية خطيرة.

إذ شهدت منطقة قلعة صالح بمحافظة ميسان خلال الأيام الماضية، معارك طاحنة وحرب شوارع، بحسب مقاطع نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وتجدد نزاع بين عشيرتين لأكثر من مرة وخلّف قتلى وإصابات عديدة وعمليات حرق للمنازل في اشتباكات مسلحة استمرت لساعات، حاولت القوات الأمنية فضّها دون جدوى، إذ توجهت قوة أمنية يوم الاثنين 31 كانون الثاني 2022 للسيطرة على الأوضاع واعتقال المشتبكين، وفرض فوج المهام الخاصة وقوات سوات والجيش العراقي حظرا مؤقتا للتجوال وبتشديد على الأشخاص والسيارات.

لكنّ محاولات القوات الأمنية باءت بالفشل وتجدد النزاع العشائري في اليوم التالي بالمكان ذاته “قلعة صالح” باستخدام السلاح الخفيف والمتوسط، إذ أدى الاشتباك المتجدد إلى مقتل أشخاص آخرين من المتنازعين.

وفي وقت سابق، شهدت مدينة سوق الشيوخ في محافظة ذي قار، نزاعاً عشائرياً مسلحاً دام لنحو 5 ساعات بين قبيلتين، تسبب بمقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 30 آخرين، من جراء حالة طلاق بين زوجين ينتميان لقبيلتين مختلفتين، الأمر الذي دفع القوات العراقية إلى اعتقال عدد من أفراد العشيرتين بعد انتهاء الاشتباكات المسلحة.

وعن هذا الشأن قال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا في حديث لـ(المدى)، إن “ما يعرف بالدكة العشائرية باتت تعتبر من الظواهر السلبية التي يقتضي الوقوف عندها ومعالجتها بمختلف الوسائل”، مبينا ان وزارته “شخصت الدكة العشائرية بأنها تعد تهديداً للمجتمع؛ لما تسببه من هلع وخوف كبيرين في المناطق السكنية”.

وأضاف المحنا، أن “وزارة الداخلية وضعت خططا بنحو يمكّن قوى الأمن الداخلي من مواجهة ومجابهة هذه التهديدات وفق مبدأ الأمن المستدام”، مشيرا الى “اتخاذ إجراءات في المناطق التي تشهد باستمرار هذه الأفعال لاسيما المناطق الشعبية”.

وتابع المتحدث باسم الداخلية، أن “تلك الإجراءات تم تصنيفها على أكثر من شق أهمها عملية نزع الأسلحة من هذه المناطق”.

ولفت الى، أن “بعض عمليات الاعتقال يصل عدد الموقوفين فيها الى أكثر من 100 شخص، وهذا يدل على جدية في التعامل مع النزاعات العشائرية”.

وأكد المحنا، أن “العديد من المنفذين للدكة العشائرية تمت إحالتهم الى المحاكم الجزائية المختصة، وتلقوا أحكاماً شديدة”.

بدوره، يقول المختص بالشأن الأمني احمد الشريفي لـ(المدى) إن “النزاعات العشائرية تعد احدى المؤشرات على ضعف هيبة الدولة وانفلات السلاح”، مستدركا “لو كانت الدولة مهابة والسلاح مقيدا بيدها ما حصلت مثل هكذا فعاليات”.

وأضاف الشريفي أن “تفضيل اللجوء الى الأعراف العشائرية وعدم اللجوء الى القانون هو أيضا احد نقاط ضعف الدولة في فرض إرادتها في عملية تطبيق القانون”.

وتابع المختص بالشأن الأمني: “لدينا معادلة لا تتحقق الا بإعادة هيبة الدولة وفرض الإرادة وتفعيل دور القانون وضبط السلاح المنفلت وهذه كلها ستؤدي الى انحسار العمليات غير القانونية بما فيها الدكة العشائرية”.

وأردف الشريفي: “عندما نتحدث عن هيبة الدولة لا بد من ان تكون هناك قدرة لفرض الإرادة بتفعيل قانون قوي يُفرض ويتماشى مع المجتمع”، مبينا أن “الدولة فعلت القانون لكن آلية القانون وقدرته ضعيفة”، مشيرا الى أنه “ليس الغرض من القانون هو التشريع إنما التنفيذ”.

ومضى الشريفي الى أن “ضبط السلاح يصطدم بمعادلة مهمة جدا ما لم تعالجها الحكومة لا تستطيع ان توجد حلا لبقية الجزئيات الأخرى وهي قضية الفصائل التي تعمل تحت إطار الدولة”.

وكانت قيادة العمليات المشتركة، قد دعت للجوء الى الحكمة والعقلانية في حل النزاعات العشائرية.

وقال المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي إن “اللجوء الى الحكمة والعقلانية في حل النزاعات العشائرية هي الضمانة الموضوعية لقيام المجتمع الآمن المستقر، ولا سبيل أمام قيام هذا المجتمع غير التمسك بالقانون والنظام”.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top