اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الرأي > قناطر: في المقهى وأشياء أخر

قناطر: في المقهى وأشياء أخر

نشر في: 16 فبراير, 2022: 12:13 ص

 طالب عبد العزيز

Nook كافيه

في المقهى الشتوي الذي اهتديتُ إليه البارحة، رفقة صديقين، ساعة لا يكون الوقت مطلقاً، في كوب الحليب، ومن المطر، أو من مِظلّة عنه، تخطفُ مركبةٌ بيضاء، بأطفال صاخبين.. فتهتزُّ يافطة في الرّيح الباردة، وحين لا يُتأمَلُ الجسرُ من فرجة في شجيرة صغيرة، يطوقها أصيصُ الفخار الملون، ولا يستجابُ من نداء واحد.. ساعتئذ، اكون قد خربشتُ كثيراً بجلّد الطاولة، رسمتُ معولاً، وذبحتُ جدْياً، وأوقدتُ ناراً، لكنكِ مازلت في دريئةِ الوقت، تلتحفين ندماً قديماً، عود اللبان يجفُّ بفمك، وتحت عويناتك السود يتلصص طفل صغير.

كوب القهوة وقد امتص النور كلّه، والشرشف ببقع القهوة، أقهره بالتأمل والانتظار، حيث تجول عيني في آجرِّ المبنى المقابل، تآكل حتى كاد.. تبحث عن كلمة مناسبة. لا الذاهبين الى أشيائهم ولا الخارجين منها، في المبنى القديم ذاك، ولا أحد ممن استعملوا الشارع تنبهوا الى سلسلة المفاتيح، التي تجمعني بغرف المنزل، لكنني، ومثل طفل، قليل الصبر، ظلَّ يعبث بأزرار قميص أمّه، كنت ألهو بالوقت، أبعثرهُ، منتظراً جملة النادل الاثيرة.

قبر أخي

قبر أخي الذي هناك، يضايقه قبرا أمّي وأختى، هو قبر صغير جداً، في بريّة محْرقة، حتى أنني بالكاد اهتديتُ إليه، وقرأت الشاهدةَ الجبس. اتذكرُ أنه كان طويلاً، وبعظمٍ غليظ، وعضلٍ مفتول !! ما الذي صيّرهُ هكذا؟ وكيف ضؤول، ولماذا ضيّقوا بالتراب عليه؟ مع أنَّ المقبرةَ واسعةٌ، والأرضَ هشّة طيّعة.. أخي الذي قتل في الحرب، وسال دمه بعيداً، حتى شارف النَّهرَ، والنخلة، وشجرة الرُّمان... بالكادِ عثرتُ عليه. حين زرته قبل عشرة أعوام،كانت القبور تضايقه أكثر هناك، ياه، هذه. الارض تتنكّرُ لنا موتى، بعد أنْ تنكّر أهلُها لنا أحياءًا. “أدري أنت ما تنلام حيث انتَ مالوم // بس انه كوم عظام راحت بالهدوم «.

في نداء الموت

تعال أيها الموت، أعلم أنّك تملك الوقت والطريق إلي، وأنك لا حق بي لا محالة، فتعال، لكنْ بخطاك الوئيدة. لتكن لك خطوة واحدة في كلِّ يوم، خطوتان في كلِّ اسبوع، ثلاث خطوات في كلِّ شهر، وإذا كان لا بدَّ من ذلك، فانزل مهمازك بالقتلة والمجرمين، بالظلمة وقساة القلوب وهم كثر على الارض.. واجعل خطواتك لي في كل عام واحدة. لدي الكثير مما لم أسمعه من ألأغنيات، والكثير مما لم اكتبه من القصائد، والكثير الكثير من الكتب والانبذة والمدن والنساء.. ومما لم أقرأ وأشرب وأمش، وأحبّ وأعشق... وفي حقيبتي الكثير من الحلوى، تلك التي اعتدت حملها للأحفاد والأسباط..ممن كبروا، واستووا رجالاً، وممن لم اقبّلْ أكفّهم الطريّة بعدْ.

أخيراً

سالت ما اذا كان الوقت مجزياً لكلمة أخرى، ما اذا كان بمقدوري ايقاد شمعة ثانيةً، في الركن المهمل من البيت ذاك، ما اذا ظلَّ في فانوس الايام ما يكفي من الزيت لليلة اخرى، ما اذا كان بيد أحدهم شيئٌ لإطعام نجمة جائعة، ما اذا كان الظلام مقنعاً لقتيل اخر، ما اذا كنت خائفاً ما أزال لأضع يدي في مكان بارد، خالٍ من النجيع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

!!العمود الثامن: وثيقةعالية نصيف

 علي حسين كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن النائبة عالية نصيف ، لكن ماذا أفعل ياسادة والسيدة النائبة خرجت علينا مؤخراً لتتقمص شخصية الفنان الراحل توفيق الدقن وهو يردد لازمته الشهيرة...
علي حسين

باليت المدى: الأمل الأخير

 ستار كاووش كان مروري في الشارع الأخضر بمدينتي القديمة كافياً لإعادتي لتلك الأيام البعيدة، فها أنا بعد هذه السنوات الطويلة أقف بمحاذاة المقهى القديمة التي كنتُ أرتادها صحبة أصدقائي. مازالت رابضة في مكانها...
ستار كاووش

قناديل: لقطات!

 لطفية الدليمي لقطة أولى بعد أيام قلائل من 9 نيسان 2003 خرج أحد العراقيين ليبحث عن فرن صمون يبتاع منه بعض ما يقيتُ به عائلته في تلك الايام المشحونة بالفوضى والخراب.
لطفية الدليمي

قناطر: الأمل.. جرعة المورفين التي لا تدوم طويلاً

طالب عبد العزيز أولئك الذين يأكل أرواحَهم الاملُ ما اشفق الرَّبُّ عليهم! وما الطفه بهم، وإن لا يبدو الاملُ متحققاً في المدى القريب. تلتقط الكاميرا على الجادة بفلسطين وجه شيخ، طاعنَ السنوات كثيراً، أشيبَ...
طالب عبد العزيز
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram