علي حسين
مرّة أخرى، الاختلاط ومطاردة الطالبات بسبب زيهن، أم تطوير منظومة التعليم والارتقاء بالمدارس والجامعات؟ تندلع الأسئلة مجدداً مع الاشتباك الدائر حالياً حول تراجع مستوى التعليم، هل نهتم بتحديث مؤسسات وزارة التربية وتطويرها وبث الحياة فيها،
أم ننتظر ما سيصدر من قرارات ثورية تمنع اختلاط الطلبة في المعاهد، وتمنع أن يقوم مدرس بتدريس الفتيات أو أن تقوم استاذة بإلقاء محاضرات على الفتيان؟، هكذا قررت وزارة التربية في إمارة طلبان العراقية، وهي قرارات تؤكد بالدليل القاطع أن مسؤولينا يسعون إلى العودة بنا لزمن طلفاح الذي أعلن إمارته الإسلامية في منتصف السبعينيات حين تسلم منصب محافظ بغداد، فقد قرر الرجل أن يطلق حملة إيمانية ابتدأها بقرار مضحك، بصبغ سيقان كل فتاة ترتدي تنورة تصل حد الركبة، ثم تفتق ذهنه الكبير عن خطة جديدة للقضاء على عملاء الغرب بأن أمر شرطته أن يجوبوا الشوارع ملقين القبض على كل من سوّلت له نفسه وأطلق العنان لشعر رأسه!
أكتب هذه المقدمة وأنا أقرأ المنشور الذي وضعه وزير التربية متباهيا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" وفيه يقرر: أن تكون الهيئات التدريسية في جميع المعاهد الأهلية من نفس الجنس (مدرسات إذا كان المعهد للبنات) و(مدرسين إذا كان المعهد للبنين)، على أن يكون دوام الطلاب في جميع المعاهد الأهلية حسب جنس المعهد ولا يجوز الدوام المختلط فيها نهائياً .
من حق وزارة التربية أن تمارس دورها في حماية الطلبة، ولكن ليس من حقها أن تنصّب نفسها مسؤولة عن أخلاق الناس وسلوكهم الاجتماعي، من المعيب أن يخرج مسؤول حكومي في القرن الحادي والعشرين وفي بلد يتشدق ساسته بالديمقراطية وحرية الشعوب ليقول لنا ممنوع اختلاط الطلبة ولا يسمح لاستاذة أن تدخل صفاً به طلاب خوفاً من أن يكون الشيطان حاضراً.
للأسف، نجد أن القائمين على أمور البلاد، ينظرون إلى التربية والتعليم باعتبارهما كماليات، زائدة عن الحاجة، لا يشغلهم التدهور الذي أصاب هذا القطاع، بل أن وزارة التربية عانت ما عانت بسبب اختيار أشخاص لا يمتون بصلة إلى قطاع التربية والتعليم، فتحولت الوزارة العريقة في النهاية إلى حقل تجارب يسعى من خلالها صاحب المنصب إلى تنفيذ سياساته الخاصة ورؤاه الشخصية على قطاع حيوي في حياة الشعوب، ومن الغريب أن نجد اثنين من وزراء التربية في عراقنا الجديد، فلاح السوداني وخضير الخزاعي، كانا يستحرمان الفنون ومصافحة السيدات.
أخطاء تكاثرت علينا حتى أصبحنا نفرح لقرار المحكمة الاتحادية بالغاء عضوية مشعان الجبوري في البرلمان ، ولم نسأل المحكمة الموقرة لماذا تناست المادة 289 من قانون العقوبات العراقي والتي تقول " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة كل من ارتكب تزويرا في محرر رسمي" ؟ .
اترك تعليقك