بغداد/ تميم الحسن
تتصاعد دعوات حل البرلمان، في وقت يخفق فيه «الإطار التنسيقي» في فك الحصار عن بعض اجنحته للالتحاق مع تحالف الاغلبية.
وبدأ عدد من الحقوقيين والسياسيين بتقديم دعوات الى المحكمة القضائية لإنهاء عمر الدورة البرلمانية التي بدأت قبل 5 أشهر فقط.
واللافت ان بعض أصحاب تلك الدعاوى قريبين من «التنسيقي» في تطور جديد للمجموعة الشيعية التي كانت ترفض حل البرلمان، بحسب التصريحات المعلنة.
وعلى وقع التطورات الاخيرة يخشى من «سيناريوهات عنيفة» قد ترافق حالة التغيير المرتقبة فيما لو تم حل البرلمان.
وكانت نقاشات بعض القوى السياسية اظهرت الخشية من الصدام مع الشارع مرة اخرى، في حال تمت العودة الى «التوافقية» او «الشراكة الموسعة» الذي يطرحها الإطار التنسيقي.
ومساء الاثنين الماضي، أسقطت مضادات الصواريخ الامريكية المعروفة باسم «سي-رام»، صاروخين من 5 صواريخ أطلقت على قاعدة عين الاسد، غربي الانبار.
وتبنت مجموعة تطلق على نفسها «المقاومة الدولية» القصف الصاروخي، في بيان نشرته مواقع اخبارية قريبة من الفصائل المسلحة.
وقال البيان: “تمكن أبناؤكم في المقاومة الإسلامية فصيل المقاومة الدولية من استهداف قاعدة عين الأسد التي يتواجد فيها قوات الاحتلال الأميركي بـ 6 صواريخ نوع غراد 122 ملم بتاريخ 30/ 5/ 2022 في تمام الساعة 2225 وتمت إصابة الهدف بدقة تامة”.
وبحسب المصادر الامنية في الانبار، فان جميع الصواريخ سقطت في محيط القاعدة، ولم تسجل اية اضرار بشرية او مادية بالهجوم.
وغالباً ما يتم تصنيف هذه المجاميع التي تستخدم عناوين مختلفة، على انها جزء من منظومة الفصائل المسلحة المقربة من طهران.
وكان اخر هجوم على القاعدة التي تستضيف مستشارين امريكيين (استنادا الى بيان الحكومة السابق الذي اعلن خروج كل القوات القتالية الامريكية نهاية العام الماضي) في نيسان الماضي، بصاروخين اثنين لم يسفرا عن أية أضرار.
وقبل هذا الحادث بايام فقط، قال التحالف الدولي (العزم الصلب) في تعليق عبر تويتر بعد إسقاط طائرة مسيرة في بغداد كانت تستهدف قاعدة جوية إن محاولات العنف تُقوّض جهود الجيش وتعرض حياة العراقيين للخطر.
وكانت المصادر الأمنية قد ذكرت ان انفجارا بطائرة مسيرة، وقع قرب قاعدة جوية عسكرية داخل مطار بغداد الدولي.
وذكر بيان لخلية الإعلام الأمني آنذاك أن “الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة حاولت التقرب، من قاعدة الشهيد محمد علاء الجوية غربي بغداد”.
وبعد الهجوم الاخير تسربت وثيقة امنية تحذر من مخطط لقصف مطار بغداد والمنطقة الخضراء وسط العاصمة.
وطوال الازمة السياسية التي بدأت منذ الانتخابات المبكرة الاخيرة، كانت قوى “الاطار” تحذر من حرب شيعية- شيعية بسبب التصعيد الكلامي بين “التيار” و”التنسيقي”.
كذلك تعرض خلال هذه الفترة منزل رئيس الوزراء الى هجوم صاروخي، وقصفت طهران اربيل بـ “صواريخ بالستية”، واقتربت صواريخ من منزل الحلبوسي في الكرمة، شرقي الفلوجة.
بالإضافة الى سلسلة من الهجمات التي طالت مقرات أحزاب سنية، ومبنى الحزب الديمقراطي في بغداد قبل ان يقرر الحزب تسوية المقر مع الارض احتجاجا على تلك الأحداث.
كل تلك المقدمات تثير مخاوف بعض القوى السياسية في حال حل البرلمان والتهيئة لانتخابات جديدة.
شرعية البرلمان
وبحسب ما يتسرب لـ(المدى) من نقاشات تجري خلف الغرف المغلقة ان “حال البرلمان قد ينسف العملية الديمقراطية لأن لا اسباب موضوعية تؤدي الى ذلك الاجراء”.
النقاشات وبحسب مصادر مطلعة تقول ان “أدنى حالات الشرعية في البرلمان هي وجود من يمثل النصف زائد واحد، وهو متوفر وأكثر من ذلك، اما الثلثين فهي محصورة بقضية محدودة مثل انتخابات رئيس الجمهورية، وهي اعلى حالات الشرعية”.
وعلى هذا الأساس يرى المتخوفون من حل البرلمان، ان “الخلاف على القضية العددية لا يعني ان نطعن بشرعية البرلمان”.
وأعلن بالمقابل جمال الاسدي عبر “تويتر”، وهو قانوني، عن تقديم دعوات مع “مجموعة من الاخوة” لدعوى امام المحكمة الاتحادية للمطالبة بحل مجلس النواب.
والاسدي هو مقرب من تيار الحكمة، أحد أطراف الإطار التنسيقي، وكان قد تقلد مناصب رقابية في حكومة عادل عبد المهدي.
وبنفس الصيغة نشر صلاح العرباوي على “تويتر”، وهو رئيس مكتب الحكيم السابق، ورئيس حركة وعي، تقديمه دعوى حل البرلمان.
وفي الصيغة التي نشرت استند المشتكون على ان البرلمان “أخل بالتزاماته الدستورية”، و “اهدار المال العام”.
وطالبوا بعدة قضايا كشفوا منها إلزام رئيسي الجمهورية والوزراء بتحديد موعد انتخابات جديدة لمجلس النواب.
واعتبار الدورة الحالية للبرلمان هي دورة مكملة للسابقة (الدورة الرابعة التي حلت قبل انتخابات تشرين 2021)، باعتبار ان عمر الدورة البرلمانية هو 4 سنوات بحسب الدستور.
وتوازي هذه الدعاوى، دعوى سابقة مقدمة من النائب باسم خشان ضد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، لانتزاع قرار بمخالفة الأخير للدستور بسبب استمرار ازمة تشكيل الحكومة.
وتواجه جميع هذه الدعاوى جدلا قانونيا بشأن صلاحية المحكمة الاتحادية في حل البرلمان، على اعتبار ان المادة 64 في الدستور تعطي تفصيلا لآلية حل مجلس النواب.
وتنص المادة 64/ اولاً: يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلب من ثلث اعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
اما ثانيا من نفس المادة: “يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً ويواصل تصريف الامور اليومية”.
تبدل موقف «التنسيقي»
وبدأ التغيير في موقف «التنسيقي» في وقت سابق على الدعاوى التي رفعها مقربون من التكتل الشيعي.
حيث كشفت (المدى) قبل اسبوع، عن مباحثات تجري داخل المجموعة لتبني فكرة تشكيل حكومة مؤقتة لمدة عام واحد لإعداد انتخابات مبكرة.
وبحسب اوساط من الإطار التنسيقي تحدثت لـ(المدى) ان «اجتماعا جرى الاثنين في منزل رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، ناقش هذه القضية».
ووفق تلك الاوساط ان المجتمعين «لم يتوصلوا الى اتفاق حول تحويل تلك الأفكار الى مبادرة بسبب عقدة بقاء المالكي وبعض الاسماء الاخرى».
وبحسب ما وصل الى (المدى) بان الصدريين قد يوافقون على مقترح الإطار التنسيقي، شرط ان تكون الحكومة الجديدة «حكومة اغلبية وتستبعد المالكي على الأقل».
وصرح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في آذار الماضي، ردا على دعوات حل البرلمان بانه «امر غير مقبول».
وقال آنذاك على حسابه في «تويتر»، إن «قضية حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات الحالية أمر غير مقبول ولم يطرحه الإطار التنسيقي وقواه السياسية، ولا يسمح به ويقف بقوة ضد هذا الخيار».
وعلى المستوى السياسي، قال النائب عن تحالف السيادة احمد الجبوري في تصريح صحفي ردا على دعوات حل البرلمان: «لو كانت المشكلة في حلّ البرلمان؛ فنحن جاهزون ...».
وكان عرفات كرم مستشار زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني قال في مقابلة مع وسائل كردية، بانه إذا استمر الانسداد السياسي: «ربما سيتم حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة».
اترك تعليقك