بغداد / إياد الصالحي
عدّ الإعلامي اللبناني سعيد غبريس، رحيل "شيخ المُعلقين الرياضيين العرب" مؤيد البدري، بأنه خسارة لرمز من رموز الجيل الذهبي للرياضيين والإعلاميين العرب، لما تركهُ من أثر مميّز جدّاً بين أقرانه من كل الدول العربية الذين نكنُّ لهم الاحترام والاعتزاز.
وقال غبريس في اتصال مع (المدى) من العاصمة اللبنانية بيروت "صديقي الراحل البدري، مُتعدّد المواهب والمهام، ظلّ ثابتاً على سلوكه والتزامه وجدارته في أداء الواجبات المُختلفة لبلده وللرياضة العربية والآسيوية والدولية إبان العصر الذهبي لكرة القدم في المنطقة خلال العقدين السبعيني والثمانيني، وقدّم نفسه كرجل كُفء بمحلّ احترام وحُب الجميع.
وأضاف "نحن الجيل الأقرب من البدري، لم نكن نجتمع في أي مكان يُذكر اسمه إلا وتلهج الألسن بالثناء على خصاله ووفائه وأسلوب تعامله الجميل مع الناس، يسبقهُ بابتسامة عفوية تدلّل على نقاء قلبه ونفسه وحُسن نيّته بمحيطيه وهدوئهِ، واستيعابه للمواضيع المُراد مناقشته فيها، وكفاءته العالية في حسم أي جدلٍ بحكمة ضميره بمعزل عن عاطفته".
وبيّن "علاقتي بالبدري تمتدُّ لسنوات طويلة، أفهمُ من خلال النظرة أحياناً بماذا يُفكّر خلال مجالستي له في ملفّات رياضية وإعلامية أثارت أزمات مختلفة خلال ثلاثة عقود من الزمن، خاصّة ما يتعلّق بظروف الكرة العراقية وما واجهته من مشكلات كان الرجل يتعامل بدراية الخبير لفكّ شيفرة غموض المواقف تجاهها".
وكشف "كنتُ أتابع حالته الصحيّة ومرضه القاهر من محلّ إقالمني هنا في بيروت، وكذلك أثناء زياراتي الى العاصمة القطرية الدوحة لتغطية بعض المناسبات الكروية أو حضور المؤتمرات، كنت أصرُّ على اللقاء به حتى وهو في عُزلتهِ للاطمئنان عليه، كونه من أصدقائي الذين أفتخر بهم وشاهد معي ومع عشرات من جيلنا على أحداث استثنائية سلّطنا الأضواء عليها بحيادية وتمّت مواكبتها بأمانة تامّة، ويمكن أن أجزم هنا وعلى مسؤوليتي أنه لا أعتقد أنَّ أحّداً سيُكرّر ما عمله البدري لوطنه .. لا أعتقد".
وعزا غبريس الإهمال الذي تعرّض له البدري طوال فترة تغرّبه إلى اللامسؤولية وعدم الإدراك الوطني بقيمة الرموز القلائل الذين لا يمكن تعويضهم بسهولة، والى عدم الاعتراف بجميل الناس وعدم إعطاء الحقوق اليهم، والى الاستفادة الشخصية والمنافع المادية، وهذه الظاهرة المؤسفة تحدث في مجتمعنا بوجود اشخاص قدّموا أفضل العطاء لأوطانهم، لكنهم ظلّوا يعانون من أمراض مُستعصية، ولم يجدوا العون من دولهم إلا بعد مطالبة الإعلام بذلك، هذه حالة مؤسفة نتمنّى أن تتجاوزها الدول الراعية لرموزها كما يُفترض".
وأعرب غبريس عن ألمه لموت البدري خارج العراق بعدما عانى كثيراً من مرضه وهو المعروف بـ (عزيز النفس) إذ لم يحمّل عائلته أكثر من طاقتها، كما لم يطالب الدولة بوصيّة ما لا أثناء عمله ولا خلال فترة خلوده للراحة بعد مغادرته العراق، ولا بعد رحيله، وكان ينبغي أن تبادر الجهات المسؤولة عن الرياضيين والإعلاميين لتفقّد أحواله منذ عام 2016 يوم غادر الدوحة واستقرّ في العاصمة البريطانية لندن برفقة عائلته".
واختتم غبريس حديثه بالقول لا أنسى مواقف كثيرة جمعتني مع البدري ومنها في دولة الكويت أواخر العقد الثمانيني حيث كنت جالساً بجواره واستقبل أحّد الضيوف الذي قدّم له هدية حلوى، وبعد انتهاء حديثه مع الضيف ومغادرته أصرّ على تقاسم الهدية معه، كان كريم النفس ومعطاء ومُحب للصديق ونبيل، ولهذا سيبقى يوم السبت الحادي عشر من شهر حزيران لعام 2022 تاريخاً مؤلماً لمن يعرف الرجل جيّداً، وآمل أن يتم تخليده في العراق بما يستحقّه وما قدّمه لبلده".
اترك تعليقك