بسام عبد الرزاق
اقام بيت المدى في شارع المتنبي، أمس الاول الجمعة، جلسة استذكار واحتفاء بثورة العشرين في ذكرى مرور 102 عام على اندلاعها وتأثيرها الذي ما زال مستمرا من خلال الدراسات والبحوث والوثائق التي تتكشف عنها. في بداية الجلسة التي ادارها الباحث رفعت عبد الرزاق، تحدث عن استمرار الحديث عن ثورة العشرين، وكثرة الكتابات عنها من مؤلفات وذكريات ودروس وتحليلات، حتى ان كتابا مستقلا عن فهارس ما كتب عن هذه الثورة قد صدر قبل سنوات.
واضاف ان "الحديث عن ثورة يمتد كثيرا الى اسباب هذه الثورة ثم تفاصيلها ثم تأثيراتها فيما بعد، والمؤرخون العراقيون اخذوا بالطريقة التقليدية في الكتابة عن هذه الثورة وهي معرفة الاسباب المباشرة وغير المباشرة، وتفاصيلها في بناء الكيان العراقي الجديد. مبينا ان "هذه الثورة تحمل الكثير من الذكريات والانطباعات والصور التي نستطيع ان نقول انها صور من الحركة الوطنية في العراق، في وقت مبكر من تاريخنا الحديث"، لافتا الى ان "الثورة العراقية الكبرى، واقول الكبرى، لانها امتدت من شمالي العراق الى جنوبيه، سوى بعض المناطق في العراق لم تشترك فيها، ويتضمن تاريخ هذه الثورة ايضا بروز شخصيات كبيرة على المستوى العشائري والديني والسياسي، وكلهم لعبوا دورا في تطورات تاريخ العراق السياسي بعد تأسيس الدولة العراقية".
نحتفل اليوم بهذه الذكرى، وقد احتفلنا في مؤسسة المدى، قبل سنوات بهذه المناسبة المهمة من تاريخ العراق الحديث.
من جانبه قال الباحث الدكتور عادل تقي البلداوي، انه "حسنا فعلت مؤسسة المدى حين لم تضع عنوانا محددا لثورة العشرين، وهذا يعطي حرية ومساحة كبيرة للحديث عن الرؤى والافكار الجديدة التي قد تشكل قاعدة اساسية للاحتفال في السنوات المقبلة، بتعبير اوضح، لو كان هناك عنوان محدد لذهبنا للمصادر وجمعنا المعلومات عن الثورة وهي معروفة للجميع، ونأتي لسرد المعلومات، وهنا سيتوقف الفكر ويلغى العقل، وعندما يلغى العقل تتعطل الثورة وتلغى حركة التاريخ تماما".
واشار الى ان "الاشكالية التي ممكن اثارتها ان الثورة انطلقت في 30 حزيران وشكلت عقدة كبيرة وما زال الاعداء يشعرون بهذه العقدة، خاصة بريطانيا وحليفتها الولايات المتحدة الامريكية، وهذا ليس حديثا عاطفيا بل هناك ادلة وشواهد تاريخية"، لافتا الى انه "في 30 حزيران عندما انطلقت الثورة، تم توقيع المعاهدة العراقية البريطانية عام 1930 في 30 حزيران لكي يمحو ذاكرة ثورة العشرين عن ذاكرة العراقيين، وعندما جاء الاحتلال الأمريكي بعد 2003 تعمد ان يكون تاريخ انتقال السيادة للعراقيين في 30 حزيران 2004، والتي قال عنها في وقتها رئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي انها كذبة".
الدكتور سيف عدنان المختص بتاريخ الحركة الماركسية في العراق، قال "شكرا لمؤسسة المدى لاتاحة الفرصة لتسليط الضوء على بعض الجوانب المهمة من تاريخ العراق المعاصر، وبعيدا عن طرح الشخصيات التي اثرت وتتأثر في المجتمع العراقي، واخذتنا الى ثورة العشرين الوطنية المهمة، مع ذلك ايضا ربطت الاحداث باليسار".
وتابع انه "قبل ان نبدأ بالحديث عن اليسار وتأثير ثورة اكتوبر بثورة العشرين، علينا ان نحدد ان بداية ثورة العشرين كانت ان المنطقة التي تحيط بالعراق هي منطقة اضطرابات، ايران صراع بريطاني روسي، تركيا بين حكومة الاستانة والاناضول من جهة وضد الحلفاء من جهة اخرى، سوريا خاضعة الى الاحتلال الفرنسي، كل هذه هي عوامل محيطة بثورة العشرين، كثير منا من يأخذ الثورات بالعامل الخارجي والعامل الداخلي، وكل من كتب عن ثورة العشرين ولا سيما تأثير ثورة اكتوبر الاشتراكية يعتمد على ما كتب في المذكرات البريطانية".
بدوره قال الدكتور عبد الله حميد العتابي، ان "ثورة العشرين من ابرز الاحداث التي مرت على تاريخ العراق، واحداثها تؤلف مرحلة في تاريخها وبداية التأسيس للدولة العراقية المعاصرة، فمنذ سقوط بغداد على يد المغول عام 1258 وما تلاه من غزوات متلاحقة سواء كانت فارسية او عثمانية ولغاية 1920، وتنبع هذه الاهمية من الظروف التي احاطت بالثورة ورافقت اندلاعها ومن النتائج التي انعكست على مستقبل العراق".
وتابع انه "مازلنا نختلف على هذا الحدث التاريخي، هل هو ثورة ام انتفاضة ام حركة مسلحة ام تمرد ولا يوجد اتفاق على هذا الامر، بتقديري ان الثورة تغيير جذري في نظام الحكم السياسي يتبع تغييرا اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا"، مستدركا ان "كارل ماركس يقول ان الثورة مرحلة من مراحل التاريخ وان حتمية الحركة الثورية تكمن في عدم ملائمة النظام القديم وضرورة استبداله بنظام جديد يعبر عن مطامح الشعب". واضاف انه في "الحقيقة هناك ثلاثة شروط يمكن ان يتم اطلاق الثورة عليها، الواقع الفاسد واداة التغيير والبديل المناسب، وفي تطبيق هذه الشروط على ما حدث في 30 حزيران 1920 نجد انها بداية حركة عسكرية وتحولت الى ثورة شعبية حقيقية ضد الاحتلال البريطاني نتج عنها تأسيس اول حكومة وطنية في العراق بعد قرون من الاحتلال العثماني". الباحث حميد حسون نهاي بين ان "الحديث عن ثورة العشرين طويل جدا لكن نستطيع القول وباطمئنان انها حدث مفصلي لا سيما عند البريطانيين من خلال جزئيتين مهمتين، فبعد 30 حزيران كافأت بريطانيا مجموعة معينة حتى نهاية العهد الملكي وعاقبت مجموعة معينة حتى نهاية العهد الملكي، والكلام ليس جزافا بل حقائق تاريخية مشهودة، ومن ضمن الذين كافأتهم بريطانيا عبد الرحمن النقيب الرجل الطاعن في السن ولا يمتلك اي مؤهل علمي في السياسة، مع كل ذلك كوفئ بترؤسه لاول ثلاث حكومات متعاقبة في دولة فتية مثل العراق بحاجة الى شخصية ذات حنكة سياسية وكانوا موجودين حينها امثال ناجي السويدي وجعفر ابو التمن ومحمد الصدر وآخرين".
وذكر ايضا انه أما "الذين حاربتهم بريطانيا فكانوا كثر وسجنتهم وعرضتهم للنفي".
في ختام الندوة قال الدكتور ماهر الخليلي ان "هناك مفارقة غريبة، ان الثورة فشلت عسكريا واخمدت وباشهر معدودة، ولكن صداها مازال مستمرا بعد مئة عام، فما هي النتائج التي جعلت لهذه الثورة قيمة كبرى عند شخصياتها واولادها واحفادها؟، واقعا ثورة العشرين لم يكن لها قائد، وهناك في كل منطقة قائد، من شيوخ العشائر او رجال الدين، والجانب الثاني انها اندلعت بعد نجاح مصطفى كمال اتاتورك في حروبه العسكرية ضد الحلفاء، فشعرت بريطانيا انها فقدت تركيا ما جعلها تصب جام غضبها على العراق خشية فقدان نفوذها".
اترك تعليقك