(حمى العيد) تضرب أسواق العراق ونسب الفقر تقفز إلى 31%

(حمى العيد) تضرب أسواق العراق ونسب الفقر تقفز إلى 31%

خاص/ مصطفى الجوراني

على غرار الأوبئة التي يعاني منها العراق، شهدت الأسواق المحلية في عموم المحافظات انتشار حمى لكن هذه المرة لم تكن حمى مرضية وإنما حمى اقتصادية تتمثل بارتفاع أسعار الملابس والمواد الأخرى بالتزامن مع قرب عيد الأضحى المبارك.

 

وفي (8 آذار 2022)، أقر مجلس الوزراء جملة قرارات إضافية لمواجهة أزمة ارتفاع الأسعار العالمية واتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم الأمن الغذائي في البلاد، ومنها ما يتعلق بأسعار الحنطة ودعم البطاقة التموينية.

 

ارتفاع ملحوظ في الأسعار

مواطنون عبروا عن استيائهم من ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ في الأسواق منذ أيام والتي هي تتزامن مع قرب عيد الأضحى المبارك، مطالبين الحكومة والجهات المعنية بـ "التدخل الفوري".

أم أحمد، من سكنة العاصمة بغداد قالت في حديثها لـ (المدى)، إن "الأسواق شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار دون سابق إنذار"، مؤكدة أن "أسعار الملابس كانت المتضرر الأكبر جراء عملية رفع الأسعار من قبل التجار في أغلب المحافظات".

وتضيف أم أحمد، أن "بعض التجار المستوردين تسابقوا لزيادة أسعار المواد في الأسواق، بحجة الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وارتفاع أسعار الشحن البحري".

من جانبه يقول أحد تجار الملابس، إن "هناك تراجعاً كبيراً في شراء ملابس العيد عكس ما حدث في أعياد العام الماضي التي شهدت إقبالا كبيرا خصوصاً في الأيام القليلة قبل عيدي الفطر والأضحى".

وفي حديث لـ (المدى)، يشير التاجر إبراهيم باسم، إلى أن "الأسواق هذه الأيام تعاني من ركود واضح وكبير لأسباب عديدة أبرزها ارتفاع الأسعار والأوضاع السياسية التي يعاني منها البلاد، والتي تسبب تخوفاً لدى الشارع".

ويكشف باسم، عن تعرضه لخسارة كبيرة جراء الركود الاقتصادي في العراق ولأيام متتالية، مبيناً أن "التجار المستوردين للسلع هم من يتحكم في الأسواق خصوصاً وأن العراق بلد استهلاكي ويعتمد بالدرجة الأساس على الاستيراد".

في غضون ذلك، يقول أحد تجار منطقة الشورجة وسط العاصمة بغداد، إن الأسعار ارتفعت هذه الأيام بنحو 25% والسبب يعود إلى ارتفاعها من المصدر وارتفاع تكلفة الشحن".

ويوضح التاجر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ (المدى)، أن "ارتفاع الأسعار ليس له علاقة بأيام الأعياد وحتى إذا كان هذا الشهر لا يوجد فيه عيد ستكون الأسعار نفسها".

 

هزات اقتصادية في العراق

بدوره يقول الباحث بالشأن الاقتصادي نبيل التميمي، في حديث لـ (المدى)، إن "العراق يعاني من خلل بنيوي في طبيعة النظام السياسي، يمكن وصفه بالنظام (العقيم) غير القادر على تبني إستراتيجيات أو سياسات نافعة للشعب العراقي، بالإضافة إلى عجز النظام، فإن الظروف التي زامنت تشكيل الحكومات خلال ١٩ عاماً الماضية هي ظروف استثنائية واجه العراق فيها هزات وأزمات مالية وأمنية كبيرة".

ويشير التميمي، إلى أن "الحكومة الحالية، رغم وصفها الدستوري بـ (حكومة تصريف الأعمال) إلا أنها تمتلك صلاحيات واسعة وكبيرة ومنها صلاحيات الإنفاق حسب قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 و(تعديلاته) الذي أجاز للحكومة الإنفاق بما يعادل ما أنفقته في السنة الماضية، أي بحدود 120 تريليون دينار خلال هذه السنة، بالإضافة لتشريع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذي أضاف للحكومة، وأجاز لها إنفاق آخر بمقدار 25 ترليون دينار، وهو رقم كبير قد يزيد عن 145 تريليون دينار خلال هذه السنة فقط".

وعلى صعيد ذي صلة، يضيف الخبير الاقتصادي، أن "شريحة كبيرة من المواطنين تضررت خلال فترة انتشار جائحة كورونا بسبب القيود الاجتماعية وقيود الحظر قد تسبب لمن هم خارج (البيئة الوظيفية) بتراكم الديون والأضرار الاقتصادية عانوا منها لفترة أطول من بعد انتهاء تلك القيود، دون أن تكون هنالك مسؤولية حكومية تجاه تلك الشرائح كما هو الحال في بقية دول العالم".

واستطرد التميمي، بالقول إن "أضرار تلك الشريحة ارتفعت مرة أخرى حينما فرضت الحكومة والبنك المركزي العراقي تغييرا في سعر صرف الدولار أمام الدينار؛ مما ساهم بارتفاع تضخم الأسعار بحدود 18%، مما شكل ضغطا على دخول تلك الشرائح الضعيفة والهشة".

وبحسب التميمي، فإن (سياسات التيسير النقدي العالمية) أنتجت عمليات تضخم بالأسعار عالمية قبيل الأزمة الأوربية (الروسية - الأوكرانية) التي أشرتها منظمات دولية كمنظمة فاو وبرنامج الأغذية العالمي، مما تسببت بازدياد معاناة الشرائح الفقيرة والمتوسطة داخل العراق.

وختم حديثه بالقول "تسببت الأزمة الأوربية والحرب الروسية مزيداً من الضغوطات على الأسعار وخصوصا أسعار الوقود والطاقة والحبوب والزيوت؛ مما شكلا تضخما إضافية دفع ثمنه الفقراء، لكل ما سبق فإن الأحداث الأخيرة بين 2020- 2022 قد تسببت برفع نسبة الفقر إلى مستويات كبيرة تصل إلى 31%".

 

تفسير اقتصادي ومقترحات

إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي دريد العنزي، في حديث لـ (المدى)، إن "ظاهرة ارتفاع الأسعار خلال أيام الأعياد والمناسبات طبيعية، وتحدث في جميع بلدان العالم".

ويشير العنزي، إلى أن "ارتفاع الأسعار بشكل يفوق مستوى الاعتيادي يصبح الأمر مقلقاً، ويحتاج إلى تدخل حكومي عاجل للحد منه"، لافتاً إلى أن "الحكومة مطالبة بدراسة دقيقة للأسواق ومعرفة الاحتياجات خصوصاً قبيل أي مناسبة في البلاد".

وتابع الخبير الاقتصادي، حديثه بالقول إن "توفير السلع المطلوبة من قبل الحكومة يجعل التجار في مرحلة منافسة مع الحكومة وبالتالي يقدمون على خفض الأسعار بدلاً من رفعها في المناسبات".

ويعتمد الاقتصاد في العراق بنحو 95% من دخله على عائدات النفط، حيث دائماً ما يكون الاقتصاد متأرجحاً لارتباطه بأسعار النفط في الأسواق العالمية والتي بدورها أخذت بالتذبذب منذ العام 2014.

وكان البنك المركزي خفض قيمة العملة الرسمية مقابل الدولار الأميركي في (كانون الأول 2020)، في أول إجراء من هذا النوع منذ نصف عقد، والأمر جاء بالتزامن مع أزمة مالية خانقة تعصف بالبلاد نتيجة انهيار أسعار النفط في ذلك الوقت.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top