اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > سلمان رشدي.. لم يسلم من الطعن والاختباء

سلمان رشدي.. لم يسلم من الطعن والاختباء

نشر في: 14 أغسطس, 2022: 11:21 م

علاء المفرجي

بعد أكثر من عشرة اعوام على وضع كتابه (جوزيف انطوان)، والذي هو سيرة ذاتيه لواحد من اهم كتاب الرواية في الخمسين سنة الاخيرة، يتلقى سلمان رشدي عدة طعنات من قاتل، أجزم أنه لم يقرأ روايته، ولكنه حتما مقتنع بـ (أمر) قتله.

وسليمان رشدي كتب سيرته بعد أن (أطمأن) انه بعد اكثر من عشرين عاما ، ان موضوع قتله قد أصبح فعلا من الماضي، فراح يسطّر في كتابه تفاصيل التجربة مرّ بها خلال أكثر من ربع قرن، يوم شملته إحدى (الفتاوى) بقرار إعدامه، بسبب الرواية التي كتبها، وبذلك تبدأ القصة غير العادية أو السيرة الذاتية للكاتب سلمان رشدي (جوزيف أنطوان) لكيفية إجبار كاتب على العمل تحت الأرض، والانتقال من منزل إلى منزل، مع التواجد المستمر لفريق حماية الشرطة المسلح. الذي طُلب منه اختيار اسم مستعار يمكن للشرطة الاتصال به. كان يفكر في كتَّاب أحبهم وتوليفات من أسمائهم ؛ ليكون أسمه القادم والاسم مؤلف من أسماء كاتبين يحبهما كونراد وتشيخوف - جوزيف أنطون.

كيف يعيش كاتب وعائلته تحت التهديد بالقتل أكثر من تسع سنوات؟ كيف يذهب في العمل؟ كيف يقع في الحب ويخرج منه؟ كيف يشكل اليأس أفكاره وأفعاله، وكيف ولماذا يتعثر، وكيف يتعلم أن يقاوم؟ في هذه المذكرات الرائعة يروي رشدي تلك القصة لأول مرة ؛ قصة إحدى المعارك الحاسمة في عصرنا من أجل حرية التعبير. يتحدث عن الحقائق القاتمة أحيانًا، والكوميدية أحيانًا للعيش مع رجال الشرطة المسلحين، وعن الروابط الوثيقة التي أقامها مع حماته ؛ لنضاله من أجل الدعم والتفهم من الحكومات ورؤساء المخابرات والناشرين والصحفيين وزملائه الكتاب ؛ وكيف استعاد حريته.

كان متيقنا بعد كل هذه السنوات ومرور ماء كثير من تحت الجسر، بانهم سامحوه، على فعلته (بكتابة الرواية)، لا لأنه غير مؤمن بما كتبه، بل لأن لهم قراءة خاصة للكتاب، قراءة تشترط ما يقال عن الكتاب ، وليس بالضرورة أن يقرأ الكتاب.. فعندما حاولوا نحّر الروائي الكبير نجيب محفوظ منتصف تسعينيات القرن المنصرم ، قال الفاعل: أنه لم يقرأ أولاد حارتنا، لكنه قيل له انه كتاب كافر.

وكان يمكن لهذه القراءة الخاصة، ان تذوب بأحداث عالمية كبيرة وخطيرة، فأن كان فاعل طعن سليمان رشدي، قد تلقى أوامر بطعنه امتثالا للفتوى، أو أنه عمل ذلك من تلقاء نفسه، فأنه اختار الوقت والزمن الخطأ. لفعل هو من اكبر الاخطاء للانسان السوي، (فكانه قتل الناس جميعا).

كان الهروب من الفتوى يعني «وجودًا مزعجًا وسريعًا» حيث تخلى المؤلف، وهو مواطن بريطاني يبلغ من العمر 41 عامًا، عن منزله في بلندن وانطلق من منزل آمن إلى آخر في جميع أنحاء المملكة المتحدة. بينما كان رشدي قد حدد موقع هذه العشرات من المخبأ ودفع ثمنها بنفسه، أمدته الحكومة البريطانية بتسع سنوات من الحماية على مدار الساعة من قبل الفرقة (A) التابعة للفرع الخاص لشرطة العاصمة.

في الوقت نفسه، يعتبر «جوزيف أنطوان» مشهدًا واسع النطاق للصراعات السياسية والثقافية خلال حقبة كتب فيها رشدي، «كثيرًا ما تصطدم الحقائق غير المتوافقة مع بعضها البعض». قد ينظر البعض إلى مرسوم الموت، أو الفتوى، على أنه إشارة مبكرة لصدام بين الأمور المطلقة من شأنه أن يؤدي إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى وقوعها في حاضرنا - من الصراع المستمر بين الإيمان الديني بكلمة الله الثابتة من جهة والإيمان العلماني بالحق غير المشروط لحرية التعبير من جهة أخرى. مرورا بتعقيد هذه الحالة بين التطرف والتطرف المقابل، بين العنصرية والعنصرية الأخرى.. ففي وقت اصبح القتل مشاعا ولأتفه الاسباب ينبري (أحدهم) للقتل لسبب يعتبره وجيها ومشروعا، لم لا وهو يتصدى لمن يعكر صفو الأيمان، وإن كان بعد حين. وغير مهم في أن يقتل (شيخا ) كبيرا تعدى السبعين بخمسة أعوام، بصرف النظر عما فعله.. ويا – للمفارقة – انه سليل ذلك الأفاق الذي تجرا أزهق بالرصاص حياة واحد من اهم مفكري العربية، (حسين مروة) منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم، وهو على مشارف الثمانين من العمر ، مروة الذي قال (ولدت شيخاً وأموت طفلاً).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسين ثامر بداي

    مقال جميل ورائع فعلا أحييك ايها المبدع والمتالق بجمال السرد والتناول تحياتي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

16-04-2024

مثقفون: الجامعة مطالبة بامتلاك رؤية علمية تكفل لها شراكة حقيقية بالمشهد الثقافي

علاء المفرجي تحرص الجامعات الكبرى في العالم على منح قيمة كبيرة للمنجز الثقافي في بلدانها، مثلما تحرص الى تضييف كبار الرموز الثقافية في البلد لإلقاء محاضرات على الطلبة كل في اختصاصه، ولإغناء تجربتهم معرفتهم واكسابهم خبرات مضافة، فضلا على خلق نموذج يستحق ان يقتدى من قبل هؤلاء الطلبة في المستقبل.السؤال الذي توجهنا به لعدد من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram