موسيقى الاحد: موسيقى الملوك

موسيقى الاحد: موسيقى الملوك

ثائر صالح

1 - 4

يعود موضوع الملوك والأمراء الموسيقيين إلى الواجهة بمناسبة وفاة الملكة إليزابث الثانية (1926 - 2022) مؤخراً. فقد كتب الكثير عن التربية الموسيقية الرفيعة التي يحصل عليها أفراد العائلة المالكة البريطانية ومن هم في فلكها من أعمدة الملكية.

فهناك أفلام نادرة تظهر قدرة الأميرة ديانا الفذة في العزف على البيانو، ونعرف عن تلقي الملكة الراحلة أليزابث الثانية تعليماً في العزف على البيانو، والملك الجديد تشارلز الثالث على الترومبيت والبيانو عندما كان يدرس في كامبريج، وعزفه على التشيلو في أوركسترا كلية الثالوث المقدس في اوكسفورد. هذا التعليم المتنوع لا يستهدف تحويل أبناء العوائل المالكة إلى فنانين وموسيقيين بقدر ما هو جزء من تعليم شامل ووافي في كل نواحي الحياة في مختلف الفنون والعلوم الإنسانية والطبيعية من أجل تهيئتهم للحكم بالطبع.

العلاقة بين الملوك والموسيقى قديمة، وهناك ملوك وأمراء لم يكتفوا بتذوق الموسيقى وتعلم العزف، بل ألفوا أعمالا موسيقية، منهم الملك هنري الثامن (1491 - 1547) الذي اهتم بالموسيقى وتعلمها، وكان يجيد العزف على الكثير من الأدوات المستعملة في عصر النهضة، ويحب الغناء. ألف بعض الأعمال الموسيقية الغنائية والآلية، منها قداسين لخمسة أصوات (فُقد العملان)، وهناك 33 أغنية من تأليفه ضمن مخطوطة كتاب الأغاني الخاص به وهو يضم 109 أغاني. كما نجد بضعة أغاني من تأليفه في كتاب الأغاني الذي جمعته زوجته الثانية آن بولاين، سوية مع مختارات من أعمال جوسكان دو بريه وجان موتون وأنتوان بروميل، وأعمال الأخرى يُجهل مؤلفها. لذلك يميل بعض الباحثين إلى أن تكون بولاين قد ألفت بعضاً منها، مثلما تنسب إليها اغنية «أيها الموت تعال وهدهدني حتى أنام» التي قيل أنها ألفتها في انتظار ساعة إعدامها بتهمة الخيانة.

ونعرف عن الملك جورج الأول (1660 - 1727) مؤسس عائلة هانوفر البريطانية المالكة التي انتهى حكمها بموت الملكة فكتوريا سنة 1901 حبه للموسيقى ودعمه لها. كان جورج أميراً على هانوفر وخدم عنده جورج فريديريك هندل، لكنه تركه وذهب إلى إنكلترا سنة 1712 بعد بعض المشاحنات بينه وبين الأمير. غير أن تنصيب جورج ملكاً على بريطانيا سنة 1714 أفضى إلى التقاء الرجلين مرة ثانية وتصالحهما في لندن. لم يمر وقت طويل حتى ألّف هندل درّته الشهيرة موسيقى المياه التي أعجب بها الملك أيما إعجاب، فأمر بإعادة تقديمها عدة مرات وهو في نزهته بالسفينة في نهر التيمس مساء وليل 17 تموز 1717 لتصبح واحدة من أعمال هندل المحبوبة.

استقبل ملوك بريطانيا من عائلة هانوفر الكثير من الموسيقيين الألمان (والنمساويين) مثل هندل وهايدن وكذلك مندلسون الذي كان يقضي فترات طويلة في ضيافتهم. هناك ألف الكثير من الأعمال المعروفة مثل افتتاحية كهف فنغال الشهيرة.

أما فكتوريا التي كانت تعزف على الأورغن، وزوجها الأمير ألبرت، فقد تخلد اسميهما بالارتباط مع قاعة ألبرت الملكية في جنوب كنزنغتون التي افتتحتها الملكة فكتوريا سنة 1867 تخليداً لذكرى زوجها. تعد هذه القاعة أحد رموز الموسيقى في لندن، المكان الذي يقام فيه المهرجان اللندني الصيفي الشهير، برومز.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top