مشكلات الواقع مصدر للفلسفة

آراء وأفكار 2022/12/04 09:46:24 م

مشكلات الواقع مصدر للفلسفة

حازم رعد

يتواتر ان لدهشة الانسان اثر كبير في تظهير فعل التفلسف ، فهي من محركاته وقد جاء على لسان ارسطو ان الفلسفة اصلها الدهشة وسيكلوجياً هي ردة فعل طبيعية اولية ازاء ما يواجهه الفرد في هذا العالم من ظواهر واحداث من شأنها ان تذهل الانسان وتجعله يندهش وعلى اثر ذلك يندفع للتأمل والتفكير وثم الاستنتاج ، ومعنى ذلك بدأ فعل التفلسف ، والدهشة بهذا المعنى هي حالة من التنبه واليقظةفيها يتكثف التأمل ويتركز بتعمق اكثر ولا تحصل هذه الحالة في كل وقت ولا تظهر بطريقة عادية بل هي طريقة مختلفة تماماً ،

ايضاً ان الافكار تنشأ وتنمو من خلال ردة فعل الانسان تجاه المشكلات التي يواجهها او يصطدم بها في الوقع المعيش والمشكلات هي جزءمن المنظومة العامة التي تشكل مجمل ما يباشره الانسان والتي قد تقع عليه دون ارادة منه او يقتحمها هو لسبب واخر بمحض اختياره ،

والمشكلات محرك اخر ومصدر لنشوء الافكار من خلال الضغط الذي يدفع به لتنشيط التأمل والتفكير لايجاد الحلول والمعالجات لها كما يرىجون ديوي ، حل تلك المشكلات ضرورة ملحة للانسان فهو بحاجة دائما الى اضفاء معنى واحاطة ما يواجهه من غموض بدلالة توضيحيةكاشفة عنه والا بقي حبيس الخوف وشتات الظنون والهواجس ،

فان الفلسفة ترى كما يقول الدكتور عبد المجيد عبد الرحيم في كتابه تدريس العلوم الفلسفية وهو يصف الرؤية البرغماتية للحياة الانسانية ان [ وظيفة العقل ليست التفكير في المجردات وانما معاونة الانسان على الحياة وذلك بحل المشكلات التي تعترضه في حياته العملية … اذا اعترضت حياة الانسان مشكلة غير عادية تعدد امنها او بقاءها استحثت هذه المشكلة العقل فيجمع كل قدراته ويحاول حل المشكلة ] وعليه تكون المشكلة بوصفها موضوعاً للتفكير والبحث العقلي واحدة من المصادر التي تنتج معرفة ومنها يكون الاسهام في خلق فلسفة التي هي مجموعة حلول مقترحة لمعالجة تلك المشكلة .

اذن فالمشكلات اولى المنطلقات التي يبتعث عنها الفكر الانساني بحيث تحفز في الانسان “روح التأمل والبحث واستحضار المعلومات والرغبةفي ابتكار الحلول والمعالجات وذلك لدفع هاجس الخوف الذي ينتاب الانسان من المجاهيل بشكل غالب ولذا يعد كارل ماركس الواقع مصدرمهم في بلورة افكار الانسان وان الحقيقة انما تتشكل من وعي الراقع المباشر سواء في الطبيعة او المجتمع ، وايضاً ذلك استجابة طبيعيةلتوفير المؤونة لسد رمق غريزة حب الاطلاع الفطرية ، فان [ المجتمع “حصيلة الافراد” تواجهه في غضون حياته سلسلة متوالية من المشكلاتالتي على كل عضو فيه أن يحلها بنفسه بأفضل ما يمكن ] كما يقول ارنولد توينبي ،

وبشكل عام ينتج لنا ذلك مزيج متجانس من [ الوعي والافكار ] ناجم عن تلك العملية “النفسية والمعرفية “ التي تشكل مجموعات من المفاهيمدعت اليها الحاجة المعرفية لتلبيس الواقع قوالب مفهومية تشير الى معانيها المعبر عنها بتلك المفاهيم والمصطلحات وهي اكيداً ستكون قريبةمن روح العصر والفضاء الذي نشأت فيه معادلة ( التحدي والاستجابة النفسية والمعرفية “ للمشكلات وللمفاهيم ، فبحسب هيغل الفلسفةتمثل للواقع والاشياء بلغة الافكار ، والعصرنة المشار اليها بكلمات فيلسوفنا هيغل تعني ان الفلسفة مجموعة القوانين التي تحكي مضامينالفترات التاريخية التي جاءت لتعبر عنها ، فهذه النشئة للمفاهيم هي دورة حياة الناس في حقبة من تاريخ وجوده في هذا العالم وهي متوفرةعند كل فرد ولكن تتفاوت ما بينهم بدرجات الاستعداد والقابلية .

اذن فالتفكير الفلسفي هو “وجود مشكلة وانسان وعلاقة بينهما” هذا الثالوث هو الذي يشكل الافكار والتعبيرات المفاهيمية عن الواقعواحداثه وحلول مشكلاته وعلاجات صعوباته وما الى ذلك ..

وكمثال لتوضيح ذلك ما شهدناه في مشكلة كورونا بوصفه وباء عام غزى العالم خلسة فغدى “مشكلة عالمية” نشأت من تسلل مخاوف من انهذا الوباء مقدمة لافناء البشرية وبالتالي فقدان امل العيش من اجل شيء او هدف ما مما تدى الى حصول اكتئاب عام وتزايد حالة الخواءالروحي وغياب المعنى عند الانسان وخاصة البعيد عن الفضاءات الميتافيزيقية ، وقد وضعنا كبشر امام تساؤلات عديدة تتعلق بعضهابالمسؤولية ازاء هذه التصدي للجائحة او الوقاية منها “وهذا الجانب يعززه الدافع من اجل العيش والهدف والغاية من وراء العيش والحياة” ويتعلق بعضها الاخر بالجانب الاخلاقي الذي يفترض ان مساعدة الاخرين امر انساني للغاية وليس معنى ان الوباء فتاك فيفترض بنا كبشرمعرضين بأي لحظة ان نترك الاخرين يلاقو حتفهم وهم بأمس الحاجة للمساعدة ،

هذه عدة تساؤلات تطرح على مشكلة واحدة داهمت الانسان وثورت فيه روح البحث والتنقيب عن اجابات وحلول وعلى ضوء ذلك طرحتالعشرات من التوصيات والتعميمات والابحاث والدراسات العلمية والانسانية وانشأت الافكار والتصورات والمفاهيم للوقوف على حقيقة مشكلةواحدة ،

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top