اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > المفاتيح السحرية لأبواب الموهبة..الطفولة والمكان الأول..المبدعون يستلهمون منهما هويتهم الإبداعية

المفاتيح السحرية لأبواب الموهبة..الطفولة والمكان الأول..المبدعون يستلهمون منهما هويتهم الإبداعية

نشر في: 16 يناير, 2023: 11:28 م

تحقيق / المدى الثقافي

-الثالث والاخير-

الطفولة والمكان هما المفاتيح السحرية، لأبواب الموهبة والابداع، ورسم ملامح المستقبل.. فمنهما يستمد كل من اصبح موهوبا في المعرفة خطواته التي تقوده الى المنابع الصافية للكتابة أو الرسم أو الموسيقى..

مراجع ومصادر كثيرة ومؤثرة تحفل بها الطفولة، وينعم بها المكان، هي التي تسهم في صياغة المبدع وترسم هويته الإبداعية، وكما يقول باشلار: «البيت ركننا في العالم، إنه وكما قيل مرارا، كوننا الأول، كون حقيقي بكل ما للكلمة من معنى» .

فهناك علاقة غريبة التي تربط المبدع بالمكان، ما مدى تاثير هذا المكان في صياغته مبدعا، وما هي المراجع والمصادر التي قادته الى الابداع منذ الطفولة؟ أوكما يقول الشاعر إبراهيم البهرزي «وانت تسعى الى الشعر عليك الا تاخذ معك دليلا.. فهو ما تتلمّسه لا ما يدلّك عليه احد» .

قيس الزبيدي: وأثر فيّ المشهد المونتاجي للغاية والصورة ما تزال في ذاكرتي الى الأن

سؤال بسيط وصعب في الوقت نقسه ، مثل بقية الأطفال وبالأحرى أقول مثل بقية الصبيان كنت أحب السينما وأجد فيها عوالم ساحرة وغريبة تختلف عن العالم الذي نعيش فيه.كنت مع بقية الصبيان في «طرف» ما في الأعظمية نحب فلاش غوردون بينما بقية الصبيان في الطرف المجاور كانوا يحبون طرزان. وكنا نتشاجر فيما بيننا غالبا لحد الضرب بالحجارة! ويجب ان نذكر هنا إن افتتاح صالة سينما في الأعظمية كان أمرا مدهشا بالنسبة لنا صبيان الأعظمية وقسم منا كان يفضل الذهاب للسينما بدل الذهاب للمدرسة !

بعد أن تجاوزت فترة الصبا كنت أشرع في الكتابة عن الأفلام وفي يوم ما زرت صديق طفولتي وصباي محمد شكري جميل الذي كان يعمل كمونتير في شركة نفط العراق وشاهدت معه على جهاز الموفيولا مشهدا فيلميا،عرفت بعدئذ إنه يسمى في المونتاج طريقة التناوب : عجلات قطار سريع وأقدام حصان يركض بسرعة. وأثر فيّ هذا المشهد المونتاجي للغاية، كما إن صورته ما تزال في ذاكرتي حتى اليوم.

جهاد مجيد: كانت المدرسة الإبتدائية منطلقاً قوياً نحو الأدب عامة.

بالنسبة إليَّ كانت المدرسة الابتدائية منطلقاً قوياً نحو الأدب عامة، أما القص, فلا أدري بالضبط ما العوامل التي ألقتني في يمِّه الهادر, والعوم في تياراته الجارفة ..لعلها تلك الأحاديث ذات السمة السردية التي كنتُ شغوفاً بالإصغاء إليها مع باقي أفراد الأسرة من الأب أو الأم أو أقارب آخرين؛ وهي حكايات أما واقعية صرفة أو خيالية للتسلية ؛حكايات الفقراء قبل أن يناموا وليست حكايات الأمير قبل أن ينام.

لم يكن هناك تلفزيون ولا راديو ..ولا ذهاب إلى السينما إلا في الأعياد؛ مع الأشقاء الكبار لمشاهدة الأفلام الميلودرامية أو الرومانسية المصرية أو مع الأتراب لمشاهدة طرزان وفلاش كوردن وزورو وماجستي والتي نعود لنقصها على الأتراب الذين لم يحظوا بمشاهدتها معنا. وبالتأكيد شكّل هذا الاستمتاع رغبة بالاستزادة من معين القصص وربط عربة هذه الرغبة خلف حصانها الجامح, وأولى محاولاتي الأدبية التي أذكر كانت مسرحية وعظية لا أتذكر اسمها قام بتمثيلها طلاب مدرستي بإشراف المعلم جواد الغافل ، وهو فنان محترف واعتقد انه كان من أعضاء فرقة الزبانية، كنت حينها في الصف الخامس الابتدائي وبعدها بعام قدمت لي إحدى الفرق التلفزيونية – ربما فرقة الفن المعاصر ـ تمثيلية تلفزيونيةا بعنوان (من ظلام الماضي) أدى أدوارها فنانون محترفون، وبعد فترة نثرتُ هذه التمثيلية لجعلها قصة قصيرة –أقول نثرتُ لأني لم أكن مدركاً تماماً الشروط الفنية للقص فصاغتّها سليقتي التي تخلقت عبر قراءاتي القصصية المتنوعة من القصص الأجنبية والعربية، أما القصة العراقية فعرفتها لاحقاً, وقد نشرتُ تلك القصة النثرية في جريدة (كل شيء)الأسبوعية عام 1964وهي المرة الأولى التي أرى اسمي مطبوعاً في جريدة فكان ما كان ولم يسعني زمان ولا مكان .وهكذا سارت العربة خلف حصان القص الرهوان .

فلاح الرحيم: ما كتبه عبد الجبار عباس عن قصة كتبتها أثار بي ولع للأدب

- نشأت في مدينة الحلة وانتقلت عائلتي إلى بغداد عام 1971، وكنت حينها في الخامسة عشرة من العمر. سؤالك ينبهني إلى حقيقة أن الأدب والكتابة كانا قدري منذ البداية. هذا صحيح. بدأت بكتابة الشعر وكرست نفسي له لسنوات طويلة فزت خلالها بجوائز مدرسية كثيرة ثم انتقلت إلى القصة القصيرة ونشرت أول قصة عام 1971، نشرها الناقد عبد الجبار عباس في جريدة “الراصد” وقدم لي حافزاً كبيراً على الاستمرار عندما كتب لها تقديماً حماسياً يبشر بميلاد قاصّ لم نقرأ له من قبل. هذه كانت عبارته. ثم كان للرواية في نشأتي سحر خاص استحوذ عليّ منذ البداية. كتبت في سنوات المراهقة أكثر من رواية طويلة ثم أدركت أن هذا الفن الصعب يحتاج إلى عدة يصعب الحصول عليها دون مشقة وإلى تجربة إنسانية واسعة. انتظرت أربعين عاماً لأكتب أول رواياتي. أدركت منذ وقت مبكر أن اهتمامي بالأدب ليس وسيلة إلى غاية، هو ذاته غاية عظيمة الشأن قدمت لي متعة فائقة وأضفت على العالم المحيط بي دلالات عميقة مدهشة. بقيت طوال حياتي ألوذ بالأدب وأتماسك به في مواجهة المصاعب والعقبات، بقدرته على تحويل الألم إلى معرفة ومتعة. كان اختياري دراسة اللغة الإنجليزية مثلاً مدفوعاً بحاجتي إلى التوسع في قراءة الأدب العالمي غير المترجم، وقد اخترتها بالرغم من أن درجتي في درس اللغة العربية كانت أعلى بكثير من سواها.

عدنان الصائغ: الكوفة هذهِ البيئة السحرية تركتْ بصماتها لليوم على شِعري وحياتي

من الكوفة، التاريخ، والابداع، كانت النشأة.. هل كان لهذه المدينة بثقلها التاريخي واللغوي والشعري أثر ما في نشأتك؟ وما هي بالضبط مرجعيات عدنان الصائغ في الشعر؟

في مدينةٍ يحدّها المتنبي ونهر الفرات والجواهري وعلي الرماحي وبساتين النخيل والكسائي وجابر بن حيّان وأخوان الصفا وعكد اللّوي وصعصعة بن صوحان ومكتبة السبّاك وسالم يووي ومسجدها العتيق والخ.. كيف يمكنك أن تعيش فيها بدون أن تتموّج حياتك شعراً وحباً ورفضاً.

هذهِ البيئة السحرية تركتْ بصماتها لليوم على شِعري وحياتي. فكلُّ الجسور التي عبرتها والأنهار والمفازات والمحيطات، لمْ تبعدني عنها وعن تلك الينابيع الأولى والأوراق الأولى وجسر الكوفة، وايقاع تلك المويجات الخافتة والهادرة حيناً وحيناً، بلْ وأحسّها تجري تحت جلدي وسطوري للآن.

وقد عمَّقتْ هذي المدينةُ جذوري بالتراث بكل تصانيفه (دون الخضوع له)، ثمَّ لتحملَني وتُحلِّقَ بي بعيداً في أفقِ الحداثة وتخومِ العالم.

عبد الكريم السعدون: كانت القراءة المبكرة الأساس في تنظيم وعيي الأول وتوجيه قرءاتي

– لازالت ذاكرتي تختزن مراحل من العمر مررت بها ومنها محطات عالقة لانها الاكثر اهمية فيها كما تتراءى لي الان فقد ولدت في بغداد في عائلة اهتم الاب بتعليم ابنائه وحثهم على ذلك وكان يهتم بادوات الكتابة ويوفر ماهو مختلف من الاقلام والورق ، كان يسحرني الخط الذي أسحبه على الورق بقلم القوبيا وأرشه بالماء فكانت تجربة تلوين أول باقلام الخشب المائية التي رافقتني الى الان ، فقد بدأت الرسم مبكرا لانني وجدت فيه متعة كبيرة تدفعني للاستمرار فضلا عن الجو الذي تتحقق حينها في المدرسة الابتدائية بوجود جميل روفائيل مدرسا للرسم الذي اصبح فيما بعد مراسلا لمونت كارلو في مقدونيا ، وروفائيل اغنى مرسم المدرسة بنشاط غير مسبوق كان لكل منا دفتر رسم خاص وعلبة الوان مائية وفرت لي فرص جيدة لاكون في صلب تجربة الرسم والتدرب على انتاج الفن وبعد روفائيل كانت لنا تجربة مع المعلم الذي خلفه والذي ترك لنا حرية اختيار الموضوعة التي نعبر بها عن القصة التي يسردها لنا فمنه تعلمت كيف اكون حرا في التمتع بالرسم وكيفية الاختزال في التكوين والرسم معا .

كانت القراءة المبكرة الاساس في تنظيم وعيي الاول وتوجيه قراءاتي حيث اهتم الاخوان في البيت بتوفير الكتب وتنمية مكتبة كبيرة كانت ولازالت قائمة فيه، ولعل هناك فرصتان مهمتان في حياتي توفرتا لي، الاولى وهي الفرصة التي اتاحها لي أخي عجمي السعدون وصديقه غازي الفهد في رسم اغلفة مجلة مكتوبة باليد وبخمس نسخ كانت من الأهمية الكبيرة لي حيث عززت عندي الثقة بالقدرة على انجاز شئ يحظى بالتقدير.

د. نادية هناوي: منذ انهماكي بالدراسة الاكاديمية والنقد يتنامى في داخلي

منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، وعلى الرغم من انهماكي في دراستي الأكاديمية؛ الماجستير ثم الدكتوراه، والنقد يتنامى في داخلي ، هاجس ملحّ ورغبة دفينة لا يكفي لإشباعها أو إحتوائها الوسط الجامعيّ؛ فخرجتُ منه إلى المشهد الثقافيّ الأوسع وتوجهتُ نحو النشر في المجلات الأدبية وصفحات الجرائد الثقافية؛ فكانت بدايتي الأولى عام 2000 حين نشرتُ في مجلة الطليعة الأدبية أول دراسة بحثية لي وكان عنوانها( القراءات التنبيهية على الآمالي القالية ).

ومن الممكن التدليل من خلال هذه المقالات على عدم مروري بالبدايات التقليدية للنقد وإنما ابتدأت من الخط الذي وصل إليه المشهد النقدي العراقي آنذاك وهو ينفتح على رحاب المناهج النقدية الغربية الحديثة. فعلى سبيل المثال حين دشنتُ مصطلح الميتارواية إجرائيا لم يكن له شيوع آنذاك ثم انتشرت تطبيقاته النقدية لاحقاً.

أما أهم مرجعياتي في النقد فإنها تجمع بين المصدرين: الغربي بنوعيه المترجم وغير المترجم والعربي بفرعيه القديم والحديث، مُضافاً اليهما قراءاتي الأدبية والفلسفية والثقافية في مختلف فروع المعرفة وميادينها العلمية وكذلك كتابات عدد من كبار النقاد العراقيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

16-04-2024

مثقفون: الجامعة مطالبة بامتلاك رؤية علمية تكفل لها شراكة حقيقية بالمشهد الثقافي

علاء المفرجي تحرص الجامعات الكبرى في العالم على منح قيمة كبيرة للمنجز الثقافي في بلدانها، مثلما تحرص الى تضييف كبار الرموز الثقافية في البلد لإلقاء محاضرات على الطلبة كل في اختصاصه، ولإغناء تجربتهم معرفتهم واكسابهم خبرات مضافة، فضلا على خلق نموذج يستحق ان يقتدى من قبل هؤلاء الطلبة في المستقبل.السؤال الذي توجهنا به لعدد من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram