اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > ناي صبايا الفردوس

ناي صبايا الفردوس

نشر في: 31 يناير, 2023: 11:44 م

ناجح المعموري

المكان طاقة الشعرية في النص ،لأنه يتسلل مرويّاٌ ويتخذ المحكية مفتاحا لإبتداء المرويّات وهي كثيرة وهذا ما كشف عنه نص "نهار العاشقات " للشاعر عادل الياسري .

وصورة المكان تضفي شيئا من الكشوف الساعية لإزاحة المستور الذي يتمهله السرد اذا حضرت الأنثى فيه ، لأنّ الشاعر وهذا ما عرفته من خلال تجربتي معه لايريد الإذعان لطاقة الأنثى عبر حضورها الإبتدائي في النص ،لكن المكان لايتستر على ما فيه ، لأنه المانح لهنّ الجمال وتتخذ ثنائية المكان وحضوره ، "خراسان / العاشقات "، وكلما تعمقت زوايا المكان وإتسعت ،إزدادت مشاهد النهار العاشقات اللاتي ترون من خراسان صفاتها وغاب الحضور المتسلل مع العشق وراء الحدائق التي أفضت الى فراديس استعادت اسطورة البدئية ولحظتها الأولى ، فالوجود يمنح الموجود مهابة وجلالة ،ويوفر له فضاء يحوز البياض ،صفة ممنوحة تكريما للصبايا على عشقهن وتعلقهنّ، المكان وحدائقه الفراديس الطافية وسط فياض الجنون بتنوع الرموز الدالة على ما ينشأ بين العاشقين – حضور الرموزتسيد الشعرية وصعود الإستعارة ، بما تضيفه للنص من طاقة المعاني الجليلة التي تفتح المجال لتسيّد المتلقي وطوفانه لإلتقاطات بكل اشجار الفراديس وتعلي من انثيال الإبتكار بين الموجود ووجوده حيث اللغة تنقلت كالعصافير مطاردة الصبايا موزعة هدايا الجمال والدهشة المغلفة للمعاني متعددة الدلالة وتيغط الشعر على تعطيل الكتابة ويضفي استعارة على المفردة وتغيير الرموز عبر التداخل بين الإستعارة وشبكة الرموزوتصير متحركات في النص وتطوف وسطها كل الدلالات المتحركة ، مانحة الرموز صحوتها المستمرة عبر معانيها وانفتاح الدلائل الكامنة فيها الى فضاءات تستدعي ما حازت عليه منذ بدئيات العلاقة مع الشعر الذي ابتكرته الأصول وسيلة للكائن ليحمي كينونته من النثر . ولابد من ملاحظة جوهرية تدعى ثنائية الطاقة بين الإستعارة والرموزالقادرة على منح الإستعارة طاقة وجودها وسط النص ،لكن هذه الملاحظة لا تلزم بتكريس الإستعارة والتشبث بها لأنها تؤشر على الرموزوتصير ميتة كما قال بول ريكور . وهذا يجعل من الحضور الرمزي هيمنة متجوهرة وأثيرة ، يعيش بها ومن خلالها الشعر ، ولابد من اشارة مهمة استدعاها نص " نهار العاشقات " للشاعر عادل الياسري وهي التشاكل بين الصبايا والمكان الذي احتازهنّ ومنحنه حسنا وأعطاهنّ تنوعات الحديقة وفراديسها

خراسان

الحدائق نصفها

والنصف حسان

في الدرب

تلقى العصافير

تتشح بالبياض

على نهار

أضاعته العاشقات / ص 74

الإشارة التي ألمح النص هو صوته والذي لا أعني به الإيقاع وإنما صوت الكلام الذاهب منذ بدئية الفاتحة نحو الأسطورة التي كرست الفراديس التي استعادت الذاكرة الى مرويات الأصول البكرية وسردياتها التي كانت ومازالت تطوف مع مرويات اسطورية تشاركت مع الفردوس البدئي وتآزرا معا وصاغا ملحمة حية نابضة بالتجدد ، ومانحة ما تستطيع عليه من طاقات ، تعيش فيها الرموز ، متوالدة ومتجاورة مع ممنوحات النص من الإستعارات التي تفتح نافذة للشعر وتزوده بالمعاني التي لاتملي من جديد معانيها،، ويرتفع صوت الإستعارة مثيرا ومانحا تنوعات المعاني باستمرار وعدم الإكتفاء بمعنى واحد فقط . وتأخذ الإستعارة ما يشبه اشتعالات الرموز التي تنشط في اللحظة التي تتم فيها تأويلاتها ، لأن هذا يوفر لها ممكنات تحددها وتبدو في القراءة جديدة ، لكنها تنزع قشرتها .

قوة الأسطورة البدئية وما انطوت عليه من طاقات مانحة حضور المعنى الأزلي الذي لم ينس حلمه . ولا تكف فاتحة النص السردية ، بل تعطي " نهار العاشقات " فرصا تفضي نحو خزانات ذاكر المرويات التي عرفها الأفراد والجماعات . ولما يشفّ معها ، لتعطي ما هو جديد ، كلما ارتفعت الأشجار بسقسقة العصافي .

أنّ الذي

طافت الأفعى على سرّه

رآى نخلة

طلعها الماء

تحتضن الشمس

خوف الغواية

خوف أن ترمي الحجارة نسلها

فوق الضفيرة / ص 75

مقطع من النص مزدحم بتفاصيل الأسطورة الفردوسية التي أشرنا على مقاطع جوهرية لها ، لأن العلاقة بين الحدائق / الفراديس والصبايا علاقة ذات حضور قادر على توليد المعنى ويتخذ امكانات الإستعارة ،لابل تتحول كفصيل من اسطورة كبرى ، وتظل متمتعة بحركة الإتساع والانتشارومثل هذا التحقق ابتكار مانح للنص هوية وتجددا ،ويستمربالتوالد ، لن الأساطير الكبرى / الفردوس أو الملحمة التي يشف عنها المقطع الثاني من النص .

اقترب الشاعر عادل الياسري للمكان ،وأعني به الكوني الذي لاذت به الأساطير وحفظت ذاكرته من خلال تفاصيل الأساطير التي تجوهرت فيها الخلية النصية البدئية ولم تفارقها .

ونجح الشاعر في تعضيد نصه الشعري بالإحالة عبر الشعرية وأعطى للبدئية تجاورا مع الحاضر وكأنه رسم الأمل بالكتابة وقدم لنا الفردوس والغواية فيه وسيرورتها المتحركة ويقدمه لنا تمثيلا لمشهد بصري قدمته لنا مصورات سومر وحضرت رموزها من اجل الإستعانة بها واضفاء حيوية للرمز والأفعى ،وحقق عبر ذلك

تمكن الشاعر بذكاء من الدنوّلليومي المرئي ورسم ما استطاع ، فالرسم - كما قال بول ريكور- يمنح أقل من الأصل / والرسم أيضا يعيد بناء الواقع على اساس أبجدية بصرية محدودة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

16-04-2024

مثقفون: الجامعة مطالبة بامتلاك رؤية علمية تكفل لها شراكة حقيقية بالمشهد الثقافي

علاء المفرجي تحرص الجامعات الكبرى في العالم على منح قيمة كبيرة للمنجز الثقافي في بلدانها، مثلما تحرص الى تضييف كبار الرموز الثقافية في البلد لإلقاء محاضرات على الطلبة كل في اختصاصه، ولإغناء تجربتهم معرفتهم واكسابهم خبرات مضافة، فضلا على خلق نموذج يستحق ان يقتدى من قبل هؤلاء الطلبة في المستقبل.السؤال الذي توجهنا به لعدد من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram