محمد هادي يُسقط المتكالبين بقاضية صراحته: دكاكين الاتحادات أكبر من الأندية واستقلاليّتها تشجّع على الانفلات!

محمد هادي يُسقط المتكالبين بقاضية صراحته: دكاكين الاتحادات أكبر من الأندية واستقلاليّتها تشجّع على الانفلات!

 المصالح تلاعبت بشرط الشهادة.. وتوحيد القوانين يساير النظام العالمي

 بغداد/ إياد الصالحي

أكد الخبير الرياضي محمد هادي، عضو الهيئة الإدارية لنادي الصناعة الرياضي، أن الفعّاليات الجارية في أغلب مؤسّسات الرياضة تقام بدافع البهرجة، أما النتائج المنظورة وغير المنظورة في المشهد العام فهي لا تتناسب مع تاريخ رياضة العراق، إضافة الى تشوّه التشريعات القانونيّة، وتحوّل الاتحادات الى "دكاكين" كبيرة مقابل تراجع المستويات الفنيّة للرياضيين وألعابهم.

وقال هادي في حديث قيّم لـ (المدى) " ابتعدتُ عن الإعلام الرياضي منذ عام 2017 مكتفياً بمراقبة المشهد الرياضي وذلك لكون أغلب البرامج الرياضيّة غيّرت رسالتها وأخذتْ تتهكّم بالآخرين ولا تبالي لصحّة ما يتم تناوله من نقد أو تحليل موقف ما، وتنتقص من البعض سواء كانوا جيّدين أم سيّئين".

وأضاف " الإعلام المرئي أخذ يُسهم في نشر غسيل الآخرين أبرياء كانوا أم متّهمين أم مُدانين بطريقة عجيبة غريبة، علاوة على استغرابي من عدم مُراعاة المُنتَقِدْ لمشاعر الشخصيّات وعوائلهم وتاريخهم سواء كان صحيحاً أم خطأ، ما ولّد عندي احساس أن أقلّ ما يفعلهُ المُراقب مثلي أن يصمت طويلاً ولا يزجُّ نفسه في معمعة ربما تضعهُ في موقف محرج بالحديث سلباً أو إيجاباً ضد أشخاص، وإن كان سلوكهم العام جيّداً أو بعيد عن السلوك الرياضي"!

وزاد " في 30 تموز 2018 فقدتُ ولدي (مروان) بموت الفُجأة، ما أجبرني على الابتعاد عن الإعلام حيث صغرتْ الدُنيا في عيني كثيراً".

بطولات وهميّة

وذكر " للأسف تراجعتْ رياضتنا خلال السنين السابقة وما تزال، وأطلقنا في مرحلة سابقة وصف "الدكاكين" على أنديتنا، وبرغم محاولاتنا في وضع فلسفة جديدة لها لتكون قواعدها سليمة في الرياضة إلا أن جهودنا ضاعت وانتشرت الحالات السلبيّة أكثر من تأثيرها الإيجابي، وبالتالي انتقل وصفنا الى الاتحادات الرياضيّة التي تمثّل مستوى الإنجاز العالي، وأصبحت بالفعل " دكاكين " ولكن بحجم أكبر من الأندية، يقودها أشخاص مُتكالبين خلف الشبابيك، يبحثون عن أموال وعن مناهج وبطولات وهميّة، وليس لدى الاتحادات أية خطوة أولمبيّة واحدة صحيحة للأمام".

مشاكل قاهرة

ولفت الى أن " الاتحادات عانتْ من أمور غريبة في انتخابتها، ومن قانونها المشوّه رقم 24 لسنة 2021، الذي نسف كل ما عملناه لإيجاد منظومة قانونيّة تطوّر الاتحادات، وإذا بنا نتفاجأ بتراجعنا 10 سنوات، وأصبنا بالاحباط، علاوة على عدم جدوى بقاء قادة الاتحادات في مواقعهم لأنهم يحرصون على التشبّث بها أكثر من سعيهم لتغيير آليات العمل، وتم تكريس التآمر في انتخابات الاتحادات بأصوات تباع وتشترى عن طريق الرشا، وبرامج متهرّئة ومشاركات بائسة وصرف مبالغ خياليّة مع غياب الأهداف الحقيقيّة في الرياضة، وكذلك توجّه الرياضة نحو السياسة وليس العكس، كلّ هذه مشاكل قاهرة تؤدّي بابتعاد الإنسان عن كلّ شيء يتعلّق بالرياضة".

القوانين الجديدة

وكشف " أن الرياضة هي الخاسرة الكُبرى من أزمة اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة (2019-2021) وانعكس ذلك على تراجع مستوى الرياضة العراقيّة، فضلاً عن تشريع القوانين الجديدة التي صبرنا 20 عاماً على إنجازها لتغيير وتعديل ما صدر قبل عام 2003، وإذا بنا نَطَّلِع على قوانين أضعف من القوانين البائِدة التي تُعد أرقى وأكثر رصانة من الحالية".

استدانة أعضاء!

وبيّن " مادة التأسيس في قانون الاتحادات رقم 24 لسنة 2021 (2 / ثالثاً / أ) أشارت الى أن، القانون يُحدِّد تأسيس الاتحادات بعدد لا يقلّ عن ثلاثة أندية بينما عدد أعضاء الهيئة التنفيذيّة 13! من أين يأتي البقيّة، هل تتم اِستدانتهم مثلاً؟ والنقطة الأخرى يُبيّن القانون أنه في حالة حصول اختلاف لا يؤخذ بالقانون الوطني، بل القوانين الدوليّة، والصحيح لا توجد قوانين دوليّة، بل أنظمة، وكُلّنا يعرف أن القانون فوق النظام، فكيف يتمّ حل الاختلاف في هذه الحالة"!

القرار 140

وبشأن أسباب عدم استمرار العمل بالقرار 140 في الرياضة، قال " أنا على يقين لو تم إجراء استفتاء بين الرياضيين حول أسوأ قرار أتخذ في أزمات الرياضة، سيختار غالبيّتهم القرار 140، في حين مَنْ ينظُر الى المصلحة الوطنيّة سيقولون أنه أفضل قرار صدر لحماية الرياضة العراقية لأنه وضع النقاط على الحروف، وللأسف لم يكن تنفيذه جيّداً، علماً أن كلّ ما طلبهُ القرار من الاتحادات هو بيان المنهاج السنوي لكي يتم تخصيص ميزانيّة في ضوء ذلك، فأبدى 99% عدم رضاهم على الطلب! وقاموا بإثارة مُصطنعة بازدحامهم أمام نوافذ وزارة الشباب والرياضة مُدّعين تعطّل مصالحهم! والمفارقة أنهم غير راضين سابقاً على المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية في عملية توزيعه الأموال، وعندما حضر التدقيق والمراجعة لم يرضوا أيضاً، وهذا يعطينا مؤشّر أنه توجد حالة تدهور عالية جداً في مزاج العمل الرياضي". وتساءل هادي " هل يعقل أن يرد في منهاج الاتحاد (ثُلثا التخصيص للأمور الإدارية وثلث للنشاط الرياضي ورعاية اللاعبين) هل هذه عدالة؟ أنا أرى أن التغييرات السياسيّة في بلدنا والتي تزامنت مع صدور القرار 140 أسهمت في اضعافه، وأن عُمر الحكومة وقتها لم يُسعفها في تنفيذ القرار بحذافيره، ولا ننسى التظاهرات الجماهيريّة ذوّبت اهتمام الحكومة في نفس الموضوع".

شرط الشهادة الدراسيّة

وعن موضوع الشهادة الدراسية لمرشّحي الانتخابات، قال " قانون الاتحادات الرياضيّة اشترط أن يكون عضو الاتحاد يحمل شهادة الدراسة الإعداديّة، وكان المقترح قبل التصويت على القانون (شهادة البكالوريوس)، وكذلك الحال بالنسبة لعضو النادي، وهو من الشروط السائدة في قوانين الرياضة منذ الثمانينيّات، بينما في قانون الأولمبية رقم 29 لسنة 2019 تم إعفاء رئيس اللجنة الأولمبية وعضو المكتب التنفيذي من شرط الشهادة الدراسيّة! أي أننا وضعنا شرط الإعداديّة يوم كانت نسبة الأميّة في العراق بأعداد هائلة، وألغينا الشرط اليوم بوجود نسبة كبيرة في المجتمع تحمل شهادة الدكتوراه، فماذا نفسّر ذلك غير تأثير المصالح التي فصّلت تمرير الشروط بهذه الصيغة على ناس معروفين؟

خروق أولمبيّة

واستدرك هادي " في ثمانينيّات وتسعينيّات القرن الماضي، تم التفرّد بشؤون اللجنة الأولمبيّة من قبل شخص واحد رافقَتْ عمله خروق كثيرة، وشيوع ثقافة عدم الالتزام بالقوانين، أما بعد عام 2003 فقد أضحت الأولمبية كمشروع تجاري لاشخاص أيّاً كانت قدراتهم، مع تقديري لجميع العاملين فيها سابقاً وحالياً. إن مفهوم الأولمبيّة هي قيادة استشارية صغيرة ترسم المخطّط الاستراتيجي للرياضة العراقيّة، وليس من اختصاص الأولمبية تعيين عُمّال وموظفين وأقارب وغيرهم يُلزمها بتخصيص نصف ميزانيّتها كرواتب!! صراحة هذه ليست أولمبيّة، بل قسم في دائرة وزير أو وكيل وزير أو مدير عام .. كأنها أصبحت دائرة حكومية"!

استقلاليّة الاتحادات

وبيّن هادي رأيه في موضوع استقلاليّة الاتحادات الرياضيّة عن اللجنة الأولمبيّة بقوله " هناك من أخطأ في فهم الاستقلاليّة، فهي لا تعني تحرّرها من أي التزام، بل تكون خاضعة للرقابة والتدقيق والاختيار الجيّد للناس، أما أن تستغلّ الاِستقلالية للانفلات، والتهرّب من المسؤوليّة، وتمزيق التعليمات، وعدم تطبيق القوانين، والانحدار عن مبادىء الرياضة، وهدر المال العام، وغياب الرقابة فهذه ليست اِستقلاليّة، بل امتلاك للكيان والاشخاص معاً، لا توجد مؤسّسة بالعالم تعمل من دون عائديّة، وطبيعة الحياة التي نعيشها عُرِفتْ بوجود علاقة مترابطة بين الأب والابن والحفيد لديمومة الأجيال، وللأسف البعض بالغ في مطالبته بالاستقلاليّة بذريعة التدخّل الحكومي، بينما كلّ حكومات العالم تتدخّل في الرياضة، وقطر مثالنا الأقرب، فلولا حكومتها لم تتمكّن من تنظيم نسخة مميّزة من مونديال 2022، وكأس الخليج العربي 25 في البصرة لم يكن سينجح لولا الميزانيّة التي وفّرتها الحكومة لاتحاد كرة القدم؟

توحيد القوانين

ونبّه الخبير الرياضي " ضرورة مسايرة النظام العالمي في الرياضة، أي توحيد القوانين في نظام واحد يضبط الحركة القانونيّة للمؤسّسة الرياضيّة إن كانت وزارة الشباب والرياضة أم الأولمبيّة أم الاتحادات أم الأندية أم النشاطات الجماهيريّة أم روابط المشجّعين، يمكن توحيدها بمبادىء مشتركة، ثم تُمنَح صلاحيّة تشريع قوانينها وفقاً لهذه المبادىء كي لا تخرج عنها، لا أن يُشرَّع قانوني الأولمبية والاتحادات ويبقى قانون الأندية نفسه عام 1986، مَنْ المسؤول عن ذلك؟ لا نعلم، مَنْ يُحاسب مَن؟ لا نعلم، من يُعطي الحقّ لمَنْ؟ لا ندري، هذه مشكلة المؤسّسة الرياضية العراقية اليوم".

المؤتمر العام

وختم محمد هادي حديثه بشأن المؤتمر العام للشباب والرياضة المزمع إقامته في بغداد يومي 24 و25 شباط الحالي، قائلاً " منذ أن عقدنا عام 2005 أول مؤتمر رياضي في المركز الثقافي النفطي وحتى يومنا شاركنا في عشرات المؤتمرات الرياضيّة العامّة والتخصّصيّة بحضور أفضل الكفاءات من اصحاب الخبرات والتجارب الرصينة، فماذا كانت نتائج توصيات تلك المؤتمرات؟ لم نؤسّس ولم نعمل لمخرجات أي من المؤتمرات الماضية، وأتمنّى التوفيق للأخ خالد كبيان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الشباب والرياضة إذا استطاع أن ينجح في تحقيق انتقالة حتى لو كانت بسيطة بتأسيس مبادىء جديدة للرياضة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top