TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من أين لك هذا

العمود الثامن: من أين لك هذا

نشر في: 31 مايو, 2023: 10:43 م

 علي حسين

ما أن صوت البرلمان على تكليف السيد محمد السوداني بتشكيل الحكومة، حتى خرج علينا من يخبرنا أان الخير قادم، وأن الحكومة الجديدة ستنتصر في معركتها ضد الدولار الأمريكي "العميل"، وأطلقت الهتافات وصيحات الفرح.. فأخيراً سينهار هذا الدولار اللعين وتنتصر إرادة العراقيين.

كانت رائحة "معركة المصير" تفوح من أفواه الجميع، وأناشيد النصر تنطلق من داخل قبة البرلمان، في ذلك الوقت أصبح جميع النواب خبراء في الاقتصاد، بعدما حصلوا على براءات الاختراع كخبراء بالفشل والخراب.

كانت رائحة الانتصار تفوح، من جميع الاستويوهات التي استضافت نواباً اختلط عندهم الواقع بالخيال، في ذلك الوقت، كتب أحد المدونين يعلن أن الدولار لن تقوم له قائمة في بلاد الرافدين، لكن ما انتهى العرس واستيقظ الجميع من نشوة الانتصار حتى وجدنا الدولار يقفز من مكانه ليتحول إلى "بعبع" يطارد الجميع، ووجدنا الذين صالوا وجالوا على الهواء، يعيشون في صمت مطبق، بل أن البعض منهم أعلن أن الإمبريالية ومعها الصهيونية تتآمر على التجربة السياسية العراقية ولا تريد لها الاستقرار، وأن هناك مؤامرة دولية لمنع اقامة مشاريع خدمية في العراق .

كان من المفترض، في مثل هذه الظروف الاقتصادية، أن يتواضع أصحاب الصولات والجولات الفضائية، ويتركوا المجال لأصحاب الاختصاص، لكننا نعيش في بلاد يعتقد النائب فيها انه فقيه في القانون وخبير في شؤون المال، وعالم في الذرة لا يقل أهمية عن عالمنا الذي نفتقده حسين الشهرستاني، وجهبذ في السياسة ينافس "ابو مازن" أحمد الجبوري، ولغوي من عينة إبراهيم الجعفري، ولهذا لابد من أن يحشروا أنوفهم، في كل شيء وأي شيء.

وسط هذا المناخ المشبع بالإثارة والتشويق، يعيش المواطن العراقي ظروفاً اقتصادية صعبة، وهو يشهد تهاوي عملته المحلية، وقفزات الدولار الجنونية.

في كل مرة نسمع التعبيرات نفسها عن ثمار الزيادة في الصادرات النفطية، ولا ندري كيف يمكن إقناع الفقراء بأن الدولارات التي ذهبت إلى جيب نور زهير وشريكه هيثم الجبوري، ستعود عليهم بالمدارس النظيفة والسكن اللائق، والقضاء على البطالة.. أيها السادة؛ لو كانت هناك ثمار للإصلاح الاقتصادي، فيجب أن تبدأ هذه الثمار بملاحقة حيتان الفساد الذين يسيطرون على الاقتصاد ومفاصل الدولة، وأن الشعب سيصفق ويؤيد، لو أخبرناه عن مافيات مزاد العملة، الناس تريد أن تسمع حقائق لا خطباً.

تخيل جنابك أن نائباً بحجم هيثم السامرائي يشكو استفحال الفساد، ويعلن أن لا بديل عن النزاهة. وعندما أطلق هذه النكتة لم يسأله أحد: من أين لك هذا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    لو ناديت لاسمعت حيا.......ولكن لإحياء لمن تنادي.

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram