TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: شر البلية.. مثقف انتهازي

العمود الثامن: شر البلية.. مثقف انتهازي

نشر في: 20 سبتمبر, 2023: 10:26 م

 علي حسين

في مقال نشره الصديق أياد العنبر بعنوان "النخب الثقافية وسيولة المواقف من المنظومة السلطوية"، يعود بنا بالذاكرة إلى الفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل باعتباره نموذجاً للمثقف الحيوي، الذي كان مولعاً باستفزاز الحكومات، الفيلسوف الذي ينتمي إلى عائلة أرستقراطية رفض تقديم التنازلات في القضايا التي تبدو عادلة في نظره.

 

لا أعرف عدد المرات التي قرأت فيها مؤلفات برتراند رسل، قارئاً ومتمعناً في الدروس والعبر التي تقدمها لنا كتابات هذا المفكر الذي استطاع أن يجعل من الفلسفة حواراً يومياً على صفحات الصحف مثله مثل صديقه جان بول سارتر، ولم يعد الفيلسوف شخصاً يخشى الناس الاقتراب منه لصعوبة أفكاره وتعقيدها، وإنما أصبح يشارك في الحياة العملية، ويتخذ مواقف من القضايا المعاصرة، فنجده يتحدث عن الفلسفة والدين، عن الحرب والسلام، عن الشيوعية والرأسمالية، وعن الفرد والسلطة، عن القنبلة الذرية ومستقبل البشرية. في كتابه برتراند رسل يحاور نفسه، يضع وصيته للإنسانية: "إذا بحثت شعوب الأرض جميعاً عن وطن واحد، يضم جموعهم بلا تفرقة، ويتسع لهم بلا حدود، كان هذا الوطن هو.. الحرية".

أتذكر رسل ومعه الآلاف من المثقفين في العالم وفي العراق ممن ساهموا في صناعة الرأي العام ، لأقول إن أسوأ ما ابتليت به حياتنا هو ذلك النمط من المثقفين الذين يتحدثون في الفضائيات ومواقع التواصل عن قيم الحرية والمساواة ويناضلون، فضائياً، ضد الانتهازية، لكنهم يتسللون خفية لانتظار إشارة من الدولة أو الأحزاب الحاكمة ليهرولوا خلفها. يصدعون رؤوسنا بأحاديث عن استقلالية المثقف، ثم لا يتورعون عن التقاط صورة مع سياسي "لفلف الأخضر واليابس".

نقرأ برتراند رسل فنرى كيف تتقدم الأمم ونحن قعود. وإذا قمنا فلكي نقاتل بعضنا البعض. دائماً محملين بأطنان من الأكاذيب وأكوام الخطب. ولا شيء سوى السبات في الجهل والتخلّف والانتهازية .

ظل برتراند رسل يرفع شعار "لا" لجميع أنواع الظلم ، فقد ولد الإنسان حراً ليس من أجل أن يصبح رهينة لسياسي فاشل، أو مجموعة من ناقصي الخبرة والإنسانية .

يجيب زيغمونت باومان على سؤال من هو المثقف قائلاً: "أن تكون مثقفاً يعني أن تتخطى المجال الضيق الذي يوفر لك مصالح شخصية، ن حيث الدخل والامتيازات. ذلك أن النخبة المتعلمة لا ترى أنها معنية، الآن، إلا بشؤونها المهنية. ومن يضطلعون بمسؤوليات حقيقية تجاه مستقبل المجتمع بأكمله عددهم قليل جداً".

ربما محاولة عبثية مني مقارنة مواقف فيلسوف مثل برتراند راسل ، بمواقف بعض النخب الثقافية في بلداننا التي تعيش ازهى عصور الفوضى الديمقراطية حيث تتداخل العطايا والمنح مع المواقف . بيد أن الموضوع ليس من باب المقارنة، وإنما بحثاً عن مثقف يرفض الخنوع .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram