المدى تنشر نص رسالة القوى الكردستانية الى التحالف الوطني بشأن الازمة الاخيرة

المدى تنشر نص رسالة القوى الكردستانية الى التحالف الوطني بشأن الازمة الاخيرة

حصلت "المدى" امس الجمعة، على نص الرسالة التي بعثتها القوى الكردستانية الى كتلة التحالف الوطني على خلفية الازمة الاخيرة حول المناطق المتنازع عليها وتحريك قوات من الجيش نحو كركوك.
وحسب الوثيقة المؤرخة في 22 من شهر تشرين الثاني الماضي والتي تسلمها التحالف خلال الايام الماضية، فإن القوى الكردية تعبر عن "خيبات امل" عديدة ارتهنت العملية السياسية طيلة الفترة الماضية، لكنها تعول كثيرا على الكتلة التي تتولى ترشيح رئيس الوزراء، وقدرتها على خوض حوار مع كل الاطراف العراقية لتقديم "حل جذري" بعد ان اخفقت "الحلول الجزئية" في التواصل الى صيغة مقبولة لغياب الاستقرار.
وفيما يلي نصها:

دولة الرئيس السيد الدكتور ابراهيم الجعفري الموقر
رئيس التحالف الوطني العراقي
الاخوة الافاضل قادة التحالف الوطني العراقي
تحية وتقديراً
نجد من الواجب والضرورة الوطنية ان نتوجه اليكم، من موقع الحليف، لتدارك المخاطر الجسيمة التي باتت تتهدد العملية السياسية الديمقراطية، وتنذر بوضع البلاد في مواجهة احتمالات تتعارض وتتقاطع مع كل ما توافقنا عليه في بناء العراق الجديد. وقد بلغ الخطر مع وضع قيادة  قوات دجلة "خلافاً للدستور" على خطوط التماس في طوز خرماتو، حداً كاد ان يؤدي الي نتائج وخيمة على البلاد ومستقبل العملية السياسية الديمقراطية.
واذ نعي ان المصلحة المشتركة التي جمعت بيننا تاريخياً على قاعدة التحالف ضد الدكتاتورية وفي اطار "المظلومية التاريخية " في حقبة المعارضة، هي ذاتها منطلق ما انجزناه معاً، في احلك واصعب الظروف التي اجتزناها بعد سقوط الدكتاتورية، ندرك ايضاً ان اي محاولة لاضعاف هذه العلاقة التاريخية وتصديعها، او التلاعب بقيمها ومفاهيمها، انما يستهدف بشكل مباشر، المغامرة بالعملية السياسية برمتها، والاجهاز على مكتسباتها، وحرمان شعبنا العراقي، بكل مكوناته وقواه الايجابية من الامل في بناء تجربة ديمقراطية ترقى الى مستوى التضحيات الكبرى والنضالات الجسورة التي خاض غمارها بكل ابنائه من العرب والكرد والتركمان والاشوريين والكلدان والارمن، من المسلمين والمسيحيين والايزديين والصابئة. ومثل هذا الخيار، كما تؤكد دروس التجربة التاريخية لن يفضي بالعراق الا نحو تلك المراحل الاستبدادية الظلامية، التي لطالما انهك العراق والعراقيين، وبدد ثرواتهم، واعاق تقدمهم، وسفك دماء اخيارهم، وزجهم في حروب داخلية وخارجية، لاشباع نزوات الهيمنة والتسلط والانفراد. وقد يفيد التذكير، باننا معاً وبالتوافق مع القوى الوطنية التي انحازت الى العملية السياسية، وضعنا ديباجة الدستور، واعدنا بناء هيكلية الدولة، دون ان نستكملها، وارسينا الاسس المطلوبة للشراكة الوطنية، وانهينا احتلال البلاد، بل ان كل ما يمكن اعتباره منجزاً ايجابياً تحقق بفضل هذا التحالف، كما ارتبط اي اخفاقٍ في مسيرة العملية الديمقراطية بتراجع عملنا المشترك.
لقد كنا نؤمن، كما الان، بان عراقاً معافى، خالياً من الارهاب والفساد، مزدهر الاقتصاد، يسير على طريق انهاء محنة المواطنين، بتأمين الخدمات الضرورية الحيوية لهم، وحماية حرياتهم وحقوقهم التي كفلها لهم الدستور، وبناء دولة المواطنة والمؤسسات، الدولة المدنية الديمقراطية التي كرس مفاهيمها الدستور، هو العراق الذي ننشده ونرى فيه تعبيراً عن ارادة العراقيين على حدٍ سواء. لكن ما بين الطموح والتوافق والدستور والاسس التي تضافرت جهودنا لبناء العملية السياسية الديمقراطية وفقاً لقواعدها، وما يجري في الواقع السياسي المعاش، بوناً يتسع كل يوم، باجراءاتٍ وتدابير وقراراتٍ كيفية، وتصريحاتٍ استفزازية، خلافاً لذلك كله، وعلى الضد من الدستور والارادة المشتركة، وباساليب وصيغ توحي بالاستهانة بها وتجاوز ضوابطها، وصولاً الى استخدامٍ منافٍ كلياً لمواده، بزج الجيش والقوات المسلحة في الخلاف السياسي بين اقليم كردستان والمركز، وتأزيم الوضع السياسي وتصعيد التوتر حد الاندفاع الى حافة الصدام المسلح. ايها الاخوة الاعزاء.. لقد حرصنا الى ابعد حدود الحرص، على انهاء ازمة تشكيل الحكومة بعد جدلٍ مضنٍ معقدٍ، اثر الانتخابات التشريعية، وبادرنا بالدعوة الى اجتماع اربيل، وتوافقنا في اطار اتفاقٍ موقعٍ بيننا على تشكيل الحكومة التي ترأسها السيد المالكي كممثل لكم وتحت مظلة تحالفكم، وواصلنا الجهد معكم لتطبيق بنودها الكفيلة باستكمال بناء الدولة العراقية الديمقراطية، ووضع حدٍ لازماتها، ولانهاء معاناة المواطنين المكتوين بجمر الارهاب والدمار الذي يسود حياتهم، لكن كل هذه الجهود والدعوات لم تؤد الى معالجة الازمة العامة التي هي في جوهرها تتجسد في  التجاوز على الدستور والتوافقات الوطنية، ونزوعٍ نحو الانفراد والتسلط، ورفض الاصلاح والاصغاء لمنطق الحكمة والعمل الوطني وموجبات تكريس حكومة الشراكة الوطنية وايقاف التدهور في الوضع السياسي، ودفعه الى حواف الاستعصاء على الحل.
ونحن اذ نصف لكم ما نراه من وضع يتهدد البلاد ومسيرته الديمقراطية، نعتقد بانكم قد ترون ما نشخصه ونتبينه من حالٍ مؤسفة بلغته البلاد، نتوجه اليكم في هذا المنعطف الخطير، لنتدارك معاً هذا الخطر، ونجتث من الجذور اسبابه وما يغذيه من عوامل وثغرات في العمل المشترك.
ويهمنا ان نستدرك في هذا السياق لنلفت انظاركم، الى التعبئة والتحريض الذي يمارسه البعض ضد الشعب الكردي واقليم كردستان، من خلال الافتراء والادعاء، بان سبب الازمة التي تعصف البلاد، انما يعود الى " تشنج الكرد ودعاواهم المخالفة للدستور " وكأن استمرار الارهاب في بغداد والمحافظات العراقية، وغياب الامن فيها، وانعدام الخدمات والكهرباء وتفاقم البطالة وتراجع التعليم ونهب المال العام والفساد الذي اصبح جزءاً عضوياً من نسيج الدولة ومؤسساتها، وتبديد المال العام على مشاريع وهمية، وتعثر المشاريع التنموية، والصفقات الفاسدة وانتشار الرشوة والمحسوبية وغيرها من الاخفاقات والمظاهر السلبية، يقف وراءها الكرد واقليم كردستان. بل ترتقي الدعاوى التحريضية الى مصافات اخرى ليست مبرأة من لوثة الحملة الشوفينة المعادية التي لا يجمعها جامع بالوطنية وقيمها التي يفترض انها الفيصل في العلاقة بين مكونات شعبنا العراقي.
اننا اذ نؤكد لكم حرصنا على تفكيك الازمة الراهنة وايجاد الحلول الجذرية لها، نرى ان ذلك انما يتطلب جهداً مشتركاً بيننا، لابد ان يعمل وفقاً للثوابت الوطنية المشتركة:
اولاً: الالتزام بتطبيق الدستور، بعيداً عن الانتقائية، واعتباره مصدراً للسلطات لا تخضع لاي تكييف مجتزأ.
ثانياً: تطبيق ما ورد في اتفاقية اربيل بصدد تشكيل الحكومة، بكل ما تطلبه من اسس وضوابط، تحول دون الانفراد والتسلط وما يرتبط بذلك من اجراءات وتدابير كيفية.
ثالثاً: استكمال قوام الحكومة، وانهاء ظاهرة " الواوات "، من الوزارات والوكلاء وقادة الجيش والاجهزة الامنية والهيئات المستقلة والبنك المركزي وغيرها من الاجهزة والهيئات التي تعود مرجعيتها الدستورية الى البرلمان وقراراته.
رابعاً: الغاء قيادة عمليات دجلة ونينوى والكف عن تشويه قوام الجيش والقوات المسلحة، سواءً من حيث التكوين او العقيدة السياسية او المهام او المرجعيات، وحل التشكيلات التي تتعارض من حيث المهام الموكلة لها مع نص الدستور، وانهاء استخدام تشكيلاتها دون العودة الى المرجعية الدستورية التي تحدد قوامها وتشكيلاتها ووظائفها، والتاكيد على تجنيب الجيش والقوات المسلحة، التدخل في الخلافات الداخلية ومواجهة الشعب.
خامساً: التاكيد على ما نص عليه الدستور من مرجعية وسلطة " مجلس الوزراء " في قيادة الحكومة وسائر مرافق الدولة ومؤسساتها، والعمل على تحديد ذلك في اطار ما جرى التاكيد عليه في اقرار نظامٍ داخلي يجسد المهام والاختصاصات وتوزيع المسؤوليات، والتوقف عند التناقض بين هذا التحديد وما يقوم به رئيس مجلس الوزراء.
سادساً: تشكيل هيئة وطنية عليا للاعمار والخدمات لوضع خططٍ تنموية عاجلة لتأمين الكهرباء والخدمات للمواطنين، وايجاد فرص عمل للخريجين والشباب والعاطلين عموماً.
سابعاً: تطبيق مواد الدستور فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليه.
ثامناً: التعجيل بعرض ما لم يُعرض من قوانين على البرلمان وتشريع ما يستلزم ذلك والتصويت على القوانين العالقة التي تتطلب الحسم، قانون النفط والغاز وقانون المحكمة الاتحادية العليا وقانون المجلس الاتحادي.
تاسعاً: الشروع باجراء مباحثات مباشرة فيما بيننا، بالاستناد الى القضايا السالفة، والتوجه معاً الى الاطراف الاخرى المشاركة في العملية السياسية بهدف مساهمتها ولتوحيد الجهود في ذات الاتجاه.
في الختام نود ان نؤكد لكم ان ما يحيط بالعملية السياسبة من مخاطر، غدا في حالة من الاستعصاء بالاجراءات والحلول الجزئية، بعد تعثر الاصلاحات التي تم اقتراحها اكثر من مرة وتناولتها عبر الحوار، مبادرات الرئيس في الفترة الاخيرة، خصوصاً وان البلاد تشهد كل يومٍ تفريخاً لازمة سياسية او امنية جديدة. ومع ذلك ورغم تراكم الخيبة وتراجع الامل، نجد من الهام ان نعبر لكم، وانتم الكتلة البرلمانية الاكثر عدداً، والمرجعية في التكليف الحكومي، عن استعدادنا للتعاون معكم، في البحث عن الحلول الممكنة. مع ايماننا بان الوضع والازمات المتتالية تتطلب حلاً جذرياً يرسي اسساً ديمقراطية تداولية تخضع للمحاسبة على الاخفاقات والتقييم على الانجازات.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top