اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > قانون جرائم المعلوماتية وعقلية القمع

قانون جرائم المعلوماتية وعقلية القمع

نشر في: 9 فبراير, 2013: 08:00 م

من المؤسف حقاً أن نلاحظ عدداً من قادة البلد في السلطات التنفيذية أو التشريعية، يميلون إلى القمع والتكميم، بل يسعون بكل ما يمتلكون من قوة أو نفوذ أو تأثير، إلى إقرار عدد من القوانين التي تسعى لإعادة العراق إلى الطغيان والتسلط ومحاربة الرأي، والسبب أن

من المؤسف حقاً أن نلاحظ عدداً من قادة البلد في السلطات التنفيذية أو التشريعية، يميلون إلى القمع والتكميم، بل يسعون بكل ما يمتلكون من قوة أو نفوذ أو تأثير، إلى إقرار عدد من القوانين التي تسعى لإعادة العراق إلى الطغيان والتسلط ومحاربة الرأي، والسبب أن هذه العقول متزمتة جداً، بل متحجرة، وتتسم بصفات القمع والطغيان والتسلط، وهي تحاول بل تستميت من أجل محاربة الرأي الحر، وتكميم الأفواه ووضع البلد مرة أخرى، تحت رحمة القوانين والتشريعات القمعية الجائرة التي تتعلق بـ (المعلوماتية).
والمشكلة الواضحة للعيان، أن هذه العقول المغلَّفة بالاستبداد والمدربة على القمع، تدفع مجلس النواب والجهات التشريعية، إلى سن قوانين تحارب الرأي وتحاصر المعلومة، وتحد من عرضها على الملأ في وسائل التوصيل المتعددة، لاسيما المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف الورقية، والسبب واضح كل الوضوح، حتى يبقى الفاسدون وسراق المال العام والمختلسون والمسيئون بمختلف أصنافهم، بعيدين عن وسائل الفضح والملاحقة، خاصة أننا نعاني  ضعفا واضحا في تطبيق القوانين التي تحد من جرائم الفساد والإفساد.
لذلك في الوقت الذي ينفتح فيه العالم على آفاق واسعة للرأي، ويبتكر الآخرون سبلا أخرى لنشر الفكر والمعلومة بحرية تامة، نلاحظ أن بعض قادتنا السياسيين في البرلمان وفي سواه، يتمتعون بعقليات (طغيانية مستبدة)، اعتادت القمع  وورثته من حقب وعهود ماضية، وبدلا من فتح الآفاق المعلوماتية واسعة أمام الشباب والطاقات العراقية المبدعة في مجالات الاتصال، ونشر المعلومات والتلاقح مع ثقافات الدول الأخرى، نجد أن بعض القادة والسياسيين في البرلمان وسواه من مؤسسات الدولة يدفعون الأمر باتجاه تشريع قانون الجرائم المعلوماتية، في خطوة تعد الأخطر على حرية الرأي، منذ أن دخل العراقيون عالم الاتصال الحر.
إن هذا السلوك الخطر يدل على وجود العقلية المستبدة التي تحاول أن تؤسس وتديم ركائز القمع وتحارب حرية الرأي في المجتمع العراقي، بحجة حماية الأمن الوطني وما إلى ذلك من أسباب يمكن افتعالها في أي وقت، من أجل محاربة الإعلام والفكر الحر، وهو المكسب الذي حصل عليه العراقيون بعد تضحيات جسيمة يعرفها الجميع، خاصة أولئك الذين يحاولون قمع الرأي وإعادة البلد إلى خانة الخوف من قول الحقيقة، أو نشر المعلومة الصادقة على الملأ.
إن الأمن الذي يدّعي هؤلاء المحافظة عليه من خلال تشريع قانون الجرائم المعلوماتية، لا يمكن تحقيقه بهذا الأسلوب القمعي، بل الحريات وحدها هي التي تحفظ أمن الجميع، لأن القمع هو المسبب الأساسي لتكريس الجريمة بأنواعها، وظهور المافيات والعصابات وما شابه، أما الحرية وإعلان الرأي وإطلاق المعلومة في وسائل التوصيل المتعددة، فهي كفيلة بتحقيق توازن معلوماتي لا يسمح لأحد بالتجاوز والفساد من أي نوع كان، لذلك فإن العلاقة بين مفهوم الحرية والأمن لا يحددها القمع والتكميم وسن القوانين التي تصادر الرأي، بل يجب أن تكون هذه العلاقة متوازنة وقائمة على حرية إطلاق المعلومة الصحيحة، وتوصيلها إلى الرأي العام دون مضايقات أو معوقات، في ظل نظام معلوماتي عالمي حر.
علما أن الانضباط الذي تحتاج إليه الحرية هو من شأن المنظمات المدنية، وهي التي تقوم بدورها في هذا الجانب من خلال نشر الوعي بين الجميع، أما أسلوب المحاصرة والمطاردة والقمع وسن القوانين الجائرة بخصوص (جرائم المعلوماتية)، فإنها دليل على حضور العقلية التسلطية القمعية بين قادتنا السياسيين في البرلمان أو خارجة، وهي ظاهرة ينبغي محاربتها بشدة، وفضح هذه العقليات المريضة، التي ترغب بزج البلد في أتون القمع ثانية، في حين يمضي العالم قُدُماً نحو آفاق التحرر والانفتاح ونشر الرأي دونما قيود.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

كيف يتصوَّر العقل الشيعي (الشعبي) الوجود؟

غالب حسن الشابندر الكون كما نفهمه ظاهراً هو هذا العالَم الذي يحيط بنا، شمس وأرض وبحر وجبال وصحراء وحيوانات ونباتات… كائنات ومخلوقات وظواهر شتى، هذا هو البادي للعيان، وفيما رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أكثر من مستوى نظري للكون، فهو قد يكون هذه الاشياء الظاهرة والخفية، أو هو العلاقات التي تربط بين هذه الاشياء، أو […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram