فالنتاين والوشّاء وفتوى عباس البياتي

علي حسين 2013/02/13 08:00:00 م

فالنتاين والوشّاء وفتوى عباس البياتي

 أيعقل أن يخرج علينا برلماني ليقول إن الاحتفال بعيد الحب  بدعة .. وإنه لا يوجد في الدين الإسلامي عيد للحب ؟!ستتهمونني  بالافتراء على نوابنا الأعزاء ..وإنني اتجنى عليهم  ،ولكن صدقوني هذا ما قاله النائب دائم " الأخطاء " عباس البياتي :" إنه لا يوجد في الدين الإسلامي عيد للحب ولا يمكن تداول مثل هكذا مناسبة ليس لها بعد تراثي. لكنه عاد ليقول يمكننا أن نأخذ من الأوروبيين عادات وثقافات حضارية مفيدة،  كالديمقراطية والشفافية والتعايش السلمي " طبعا لا أريد أن أعلق  على ديمقراطية البياتي وشفافية زملائه النواب والمسؤولين ، فقد اكتوينا بنارها عشر سنين عجاف ..  أما كوميديا التعايش السلمي فأعتقد أن الدولة العراقية  المتماسكة التي  أسسها فيصل الأول  عام 1921 في طريقها إلى التفتت على يد سياسيي "التعايش السلمي" .. ولأننا نعيش اليوم أجواء عيد الحب الذي لا يريد البياتي ومن لفّ لفّه للعراقيين أن ينعموا  بيوم من الصفاء والوئام .. فقد تذكرت ما كتبه الفقيه والشاعر أبوالطيب بن يحيى الوشاء حين سُئل عن الحب قال : قلة النوم وإدمان الفكر وإظهار الخشوع وإعلان الحنين " وهو التعبير الذي استمده شاعر فرنسا الكبير أراغون الذي كتب لمحبوبته إلزا " أنهم لا يصدقون قولي عن الحب برغم هذا الذي أُعانيه "  ..  وحين عصفت الأهواء بشيخ مثل تولستوي انزوى جانبا ليكتب هذه السطور  بأصابع مرتعشه  : "على رصيف المحطة لمحت قوامه. عجباً، ما الذي جاء به إلى هنا؟ لم أكن أعلم أنك كنت على سفر. لماذا أنت هنا؟ سألته؟،قال وهو ينظر في عينيها:تعلمين أنني جئت في إثرك. فليس في وسعي تجنب ذلك "..وأن شاعراً مثل امرئ القيس ترك البحث عن َملكٍ ضاع و هام يبحث عن محبوبة هجرته: 

أغرك مني أن حبك قاتلــــــــي  ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل

وأنك قسمت الفؤاد فنصفه   ..  قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبــــل

وأن الحب دفع بعالم فقيه مثل ابن حزم  إلى  أن يسطر لنا كتابا في أحوال المحبين  لم يعرف مثله كتاب في أحوال العشاق ، رقة وعذوبة ، وصراحة .. وفيه يقول " كم جادلت من العلماء .. إلا أن مجادلة النساء كانت أكثر نفعا ، فلقد شاهدت النساء وعلمت من أسرارهن مالا يكاد يعلمه غيري لأني تربيت في حجورهن، ونشأت بين أيديهن، ولم أعرف غيرهن، ".ومن العجب أن ابن حزم وهو الإمام الفقيه والقاضي الذي يحكم بين الناس يكتب عن الحب والمحبين بعبارات لم يتحرج فيها ، ولم يقل لنا مثل " الروزخون  " عباس البياتي   إن الحب حرام وبدعة .. وإنما قال لنا في سطور لم يكتب أرق وأجمل منها: " الحب – أعزك الله – أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وليس بمنكور في الديانة، ولا محظور في الشريعة "  وهذه العبارة حتما لم يقرأها عباس البياتي لأنني لم أشاهده أو أي نائب  يتجولون  في شارع المتنبي سوى مرة يتيمة واحدة هي قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة بأسبوع  .. وأعود للفقيه ابن حزم الذي يعرّف الحب بأنه " استحسان روحاني وامتزاج نفساني، وأنك لا تجد اثنين يتحابان إلا وبينهما مشاكلة واتفاق في الصفات "

يكتب  فلورنس مونترياند في كتابه " الأدباء في قرن الحب والرغبة ":"ليس ثمة شك في أن أراغون. أحب إلزا، كما أحب شاعر العصور الوسطى سيدته، حين وصف نفسه بأنه مجنونها  ا ' أنا مدين لك بكل شيء، أنا لست شيئا سوى الغبار الذي يطفو في أعقابك،

تشعرنا رسولة الحب فيروز  بأنها سيدة العشاق ، تحلّق بنا كل صباح  ونحلّق معها هياما .. قلوبنا على الوقت. ولا نعرف أين نحن وأين تضعنا قصائد الحب التي صاغها الرحابنة  .. ونتحسر على الحب الذي كان والذي لم يكن  ! ونردد معهم بأسى : " أنا عندي حنين ما بعرف لمين .. ليلي بيخطفني من بين السهرانين

وقديما قالوا إن الجنون فنون والعشق فن من فنونه واحتجوا بما حصل مع أبي الطيب المتنبي الذي هام عشقا بخولة أخت سيف الدولة الحمداني  : 

أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرقُ ..وجوىً يزيد وعبرةٌ تترقرقُ

وعذلتُ أهل العشق حتى ذقتهُ .. فعجبت كيف يموتُ من لا يعشقُ

في النهاية  أتمنى أن نخرج جميعا اليوم لنحتفل تحت نصب جواد سليم  بعيد حبّ العراق .. ولتذهب إلى الجحيم  كل فتاوى عباس البياتي ووصايا المالكي،  فنحن بدون الحب سنعيش حتما في عتمة وتصحّر مع سياسيين مصرّين على أن يورثونا الخراب والجهل والتخلف  .

تعليقات الزوار

  • ابو عبير

    لا املك اجمل ما قلت وما بحثت ونقلت شكرا لك وتهاني حارة لك بيوم عيد الحب وحب العراق قبله

  • فاروق الشمري

    الاخ العزيز ..علي حسين المحترم فتحت بريدي صباح هذا اليوم فوجدت 125 رساله وصلتني من الفلبين شرقا الى شيلي غربا ومن السويد شمالا حتى ملبورن جنوبا اجبت عليها جميعها.... امابالنسبة لفتوى عباس البياتي.. نأود ان اقول لك انني عدما اشاهد البياتي يتحدث

  • المدقق

    عجبا لمن يدعي الثقافة ان لا يفرق بين الحب كمشاعر واحاسيس وعيد الحب كمناسبة فالبياتي لم يقل بانه لا يوجد حب بل قال لا توجد مناسبة لعيد الحب في ديننا الحنيف وهو محق ولكنكم دابتم على قلب الحقائق لغايات معروفة ومكشوفة فيالبؤسكم ويالشقاؤكم...

  • سامر حامد

    من حق عباس البياتي أن يكون مستفزاً من هكذا أعياد وطقوس وكرنفالات ، تؤكد على قيم الحب والتسامح والتواصل ، وهو الذي نشأ وتربى على كرنفالات الحقد والكراهية .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top