الكاتب حسن بلاسم:  نحتاج للتعبيرعن الكوارث  في حياتنا

الكاتب حسن بلاسم: نحتاج للتعبيرعن الكوارث في حياتنا


أجرت مجلة " نيو ستيتسمان " اللندنية الشهيرة هذا الأسبوع لقاء مع الكاتب والمخرج السينمائي وكاتب السيناريو العراقي المغترب حسن بلاسم والمقيم في فلندا منذ تسعينات القرن الماضي بعد فراره من بطش النظام الدكتاتوري ، فيليب موجان الصحفي في المجلة المذكورة كان قد التقاه في لندن لمناسبة إطلاق مجموعته القصصية الجديدة " المسيح العراقي " وأجرى معه هذا اللقاء :
فر الكاتب العراقي والمخرج السينمائي حسن بلاسم من العراق أبان الحكم الشمولي ليستقر مع أسرته في فلندا التي قام فيها بإنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة والتسجيلية للتلفاز الفلندي ، وكذلك قام بنشر ديوان شعر تضمن قصائد الحنين إلى وطنه ولوعة الإغتراب التي يعيشها كما أسهم مع مجموعة من الكتاب العرب بالكتابة عن أوطانهم وقد حمل الكتاب إسم " مدينة " متناولا بغداد كقصة لاتغادرها الذاكرة ، هذا الكتاب صدر باللغة الإنكليزية عن دار كومابريس عام 2008 وقد أشادت به الصحافة العالمية إشادة كبيرة لتعود وتشيد بأولى مجاميعه القصصية " مجنون ساحة الحرية " التي صدرت عام 2009 خاصة صحافة المملكة المتحدة ، كما يروم نشر مجموعة قصص جديدة لمناسبة الذكرى العاشرة لغزو بلاده في محاولة منه للتعامل مع صدمة الحرب والعنف والتشريد متخذا من شخصياته شهودا على تلك الأيام الرهيبة .
- وهو هنا في لندن لإطلاق كتابه الجديد فسألته فيما إذا كانت القصة أو الرواية قد شكلت جزءا تقليديا من الثقافة العراقية ؟
- الشارع الثقافي في العراق يعج بعشرات الروائيين وكتاب القصة الذين لاتهدأ كتاباتهم فهم من ورث " الحكواتي " أو الراوي الذي كان يقص على الناس الحكايات في المقاهي والجلسات الشعبية قصص السندباد وعلاء الدين وباقي حكايات ألف ليلة وليلة لتنتهي مهمته وليبدأ عصر جديد من الكتاب الذين تناولوا السرد اليومي والواقعي لحياة الناس هناك وصولا إلى الغزو الأميركي على يد بوش والإرهاب والفساد .
- شخصياتك تسكن بغموضها عالمك القصي ، فهل الحرب وعدم الاستقرار خلق هذا التصور للأمور ، أم أن هذه نظرتك للحياة الآن ؟
- في واحدة من أعمالي كتبت : " لقد وضعنا عظام الديناصورات وجرار المياه المتصدعة في المتاحف، لكننا لم نضع الكراهية أو الخوف في صندوق زجاجي للناس كي ينظروا إليهما ويلتقطون الصور" .- في قصة من قصص مجموعتك الجديدة ورد إسم حسن الرومي كراو لأحداثها حيث يحاول قول حقيقة ما يجري وجرى ، لكنها تسقط كمرآة لتتشظى إلى قطع كثيرة والجميع هنا لديه قطعة صغيرة من تلك الحقيقة ليرويها كاملة كما يعتقد ، هل هذا الرومي ينطبق بصفة خاصة على شخصيتك ، أو ربما هو خيال كأغلب من يكتب ؟
- كل عمل فني أو أدبي هو مثل مرآة رومي المكسورة فالحقيقة المطلقة أمر مستحيل ، وبدلا عنها هناك نسبة من الأخلاق يمكن لها أن تقول الحقيقة .
- "المسيح العراقي " هي إحدى قصص مجموعتك الجديدة والتي تصدرت عنوانها مزجت فيها الواقع بالتاريخ البعيد ، ترى كيف تساعدنا الواقعية السحرية على فهم التاريخ ؟
- يمكن أن نسأل هل من الممكن على سبيل المثال للكوابيس والأحلام أن تساعدنا في فهم التاريخ ؟ قد يكون الجواب لا، لأنني أعلم أن التاريخ في مأمن منها .
- كنت قد قلت في وقت سابق لايوجد إهتمام واضح في الحفاظ على جمال اللغة العربية ، ماذا تقصد في ذلك ؟
- هناك نقاش مستمر في العالم العربي حول المشاكل التي تعاني منها اللغة العربية ، والتي لم تواكب العصر بسبب الرقابة وعدم وجود مؤسسات قوية وجادة تعمل على بث حياة جديدة في ذلك ، العربية الفصحى تحتاج إلى ثورة ضد نظامها النحوي وعن "المقدس" القائم على أصولها ، فعلى سبيل المثال منذ مئات السنين ونحن لم نستخدم الفصحى ( الأدبية منها خصوصا ) في العالم العربي إلا في الكتابة والنشر ولم نستخدمها حتى في حياتنا اليومية ، في العالم العربي تستخدم العديد من اللهجات المحلية كمتداول يومي ما أدى إلى أن يكون هنالك فصل بين اللغة التي نكتب بها وبين التي نتحدث ما أدى إلى جانب واحد من الجهل وعلى نطاق واسع في العالم العربي الذي يعاني أصلا من فشل كبيرفي مجال التعليم (حيث يستخدم نظام التعليم الفصحى في الكتب بينما المعلم يتحدث اللغة العامية ) وهذا شرخ كبير بحاجة إلى معالجة جذرية ، من خلال كل ما تقدم أقول أن سر بقاء اللغة العربية وحيويتها يكمن بالإمتناع عن كل ما يسيء إلى جماليتها وقدسيتها ، لأنها لغة القرآن أساسا واللغة التي صنعت من حروفها قصائد لكبار شعراء العربية قديمها وحديثها فمن غير الممكن إهمالها ، من هنا نحن بحاجة للتعبير عن الكوارث في حياتنا ومنها الحديث عن لغتنا العربية كما نتحدث بجرأة عما يسيئ لحياتنا في حين أنها - أي لغتنا - ترتبط ارتباطا وثيقا بكل معاني الجمال والقداسة .
- هل يشكل المنفى صعوبة على الكاتب العراقي؟
- قبل ظهور الإنترنت وغيرها من وسائل الإتصال الحديثة كان المنفى أكثر صعوبة على الكاتب من بعض الظروف التي أحاطت به ، لكنني أحسب نفسي مثل خمسة ملايين عراقي يعيشون الغربة في الخارج نحلم ببلد آمن كنا قد افتقدناه في مرحلة ما في بلادنا ، هنا لاتنتهك كرامة الإنسان كما انتهكت في ظل حكم دكتاتوري سيطر ماديا وثقافيا ومارس العنف بكل أشكاله .
- ماذا تعمل الآن ؟
- أنا أكتب ...
كتابة / فيليب موجان
عن / مجلة نيو ستيتسمان اللندنية

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top